حكومة اليمين الفاشي في إسرائيل.. وجرد الحساب مع الحكومات الاسرائيلية السابقة

بي دي ان |

26 سبتمبر 2024 الساعة 05:01م

الكاتب
بدا واضحاً منذ أن فاز اليمين الفاشي في إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو في نوفمبر / 2022 ، ومن الشعارات والبرامج الانتخابية لجميع مكوناتها التي تشكلت من حزب الليكود وأحزاب عتاة المستوطنين بقيادة سموتريتش وبن غفير أننا ذاهبون نحو صراع حاد ستكون اليد العليا فيه للقوة العسكرية الغاشمة في رسم الخارطة الجيوسياسية بالمنطقة .
لم تكن القرارات المتخذة من قبل حكومة الفاشيست من حروب جانبية في قطاع غزة و إجراءات احتلالية لتقويض السلطة الفلسطينية مالياً وادارياً و مصادرة الأراضي بهدف التوسع الاستيطاني واستكمال المشروع التهويدي للضفة الغربية ، وتحويل المنطقة "B " لمنطقة "C” ، والاجتياحات اليومية للمسجد الأقصى كافية لتطبيق الأفكار والشعارات المرفوعة ليتم تصحيح كل ما قامت به الحكومات الإسرائيلية السابقة من تقويض للدولة اليهودية من وجهة نظرهم . 
جاء السابع من اكتوبر لهم على طبق من فضة ، وبغض النظر عن النوايا الفلسطينية من هذا الهجوم العسكري ، وبغض النظر عن الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي أدت لاتخاذ حماس هذا القرار المثير للجدل في كل الأوساط الشعبية والرسمية الفلسطينية  ، فلقد وجدت حكومة اليمين الفاشي في اسرائيل بهذا الهجوم على غلاف غزة ، فرصة ذهبية وسانحة لتطبيق كل ما من شأنه تصحيح كافة القرارات المصيرية التي اتخذتها حكومات اسرائيلية سابقة  لم تكن هذه المكونات حاضرة فيها عند اتخاذ تلك القرارات . 
إن الرؤية الاستراتيجية التي تعتمدها حكومة اليمين الفاشي في إسرائيل اليوم قائمة على الأسس التوسعية والاحلالية والتهجير ، وبالتالي هم بدورهم رأوا في انسحاب شارون من قطاع غزة في شهر سبتمبر / 2005 خطأً استراتيجياً وجب الان تصويبه عبر الاحتلال المباشر للقطاع ومحاولة تهجير أكبر قدر ممكن من سكانه من خلال القضاء على كل مقومات الحياة فيه ، وفرض الهجرة القسرية على ساكنيه ، توطئةً لاحتلال طويل المدى يتم من خلاله تحييد أي خطر أمني ينطلق من القطاع وتجريده من السلاح وزرع مستوطنات جديدة ومناطق عسكرية للسيطرة والتحكم بكل سنتيمتر في القطاع وتقسيمه لمناطق وكانتونات منفصلة عن بعضها يسهل الدخول لكل أحيائها ومدنها ومخيماتها وقراها وقتما شاؤوا على غرار ما يحدث في الضفة الغربية منذ عملية السور الواقي مارس / 2002 وحتى اليوم ، والذي تبلور اخيراً عبر ما أطلق عليه خطة ايغورا آيلاند . 
وكما الحال في غزة فإن ذات المسوّغ ينسحب على قرار حكومة باراك التي قررت الانسحاب من جنوب لبنان في مايو / 2000 ، فقد اعتبرت هذه الحكومة الفاشية ان الانسحاب في حينه كان ايضاً خطأً استراتيجياً جلب لهم قوات حزب الله لحدودهم ، وبات الحزب تهديداً استراتيجياً حتى تم اعتباره بأنه يشكل خطراً وجودياً عليها .
حكومة اليمين الفاشي ستسعى من خلال فتح معركة الجنوب اللبناني لفرض تهجير على سكان القرى الشيعية وغير الشيعية فيه ، وتفريغ الارض حتى حدود نهر الليطاني من سكانها ، والقضاء على تهديد حزب الله الامني لها وتجريده هذه المنطقة من السلاح ، وخلق حزام امني عازل على غرار الحزام الذي كان قائماً قبل الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب أيار / 2000 في عملية استنساخ دقيقة لما يحدث في قطاع  غزة منذ عام كامل . 
وبما ان جرد الحساب بات قيد التنفيذ ، وجب على هذه الحكومة أيضاً أن تعيد النظر وتصحيح الخطيئة التاريخية من وجهة نظرها بالوضع القائم في الضفة الغربية الذي نتج عن اتفاقيات أوسلو الذي وافقت ووقعت عليه حكومة رابين في أيلول / 1993 والمتمثل بقيام السلطة الفلسطينية على هذه الأراضي في الضفة الغربية ، وبما أن الظرف السياسي العام يسمح بالقيام بذلك ، فإن حكومة اليمين الفاشي ستحاول على الدوام خلق المبررات والذرائع التي تمكنها من تحقيق هذا المشروع و محاولة القضاء على اي دور سياسي للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وتحويلها لجسم خدماتي اشبه بدور البلديات والسلطات المحلية للسكان المتبقين فيها ، انتظاراً لوقت مناسب لإصدار قرار الضم ذاتياً تحضيراً للحظة سياسية يكون فيها رئيس أمريكي كترامب او على شاكلته يعترف بهذا الضم على غرار قرار ترامب باعترافه بضم هضبة الجولان واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من أرض إسرائيل . 
هذه الخطط الفاشية أصبحت  قيد التنفيذ حالياً ، وفي ظل الحالة السياسية الفلسطينية والعربية باتت هذه الخطط أكثر واقعية للتطبيق من اي وقت مضى ، الأمر الذي يحتم على منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها الرسمية العمل على اتخاذ جملةً من الإجراءات ذات الضرورة القصوى على النحو التالي …
أولاً / جمع الشمل الفلسطيني بأسرع وقت ممكن و صياغة برنامج سياسي نضالي متكامل متفق عليه …
ثانياً / تتوجه المنظمة من خلال هذا البرنامج  للعالم والأمم المتحدة بصفة ان فلسطين دولة عضو مراقب في المنظمة الدولية ، والمطالبة بتطبيق قرارات الشرعية الدولية تحت البند السابع من دستور الامم المتحدة ..
ثالثاً / مطالبة العالم باعتبار  اسرائيل دولة متمردة على القانون و المجتمع الدولي وإعادة النظر بعضويتها بالأمم المتحدة و إلغائها ، خاصةً بعد اتهامها للأونروا وهي المؤسسة الدولية التابعة للأمم المتحدة واعتبارها مؤسسة إرهابية في تحدٍ صلف لكل المنظومة الدولية .
رابعاً / المطالبة بتطبيق قرارات مذكرة محكمة العدل الدولية الأخيرة التي قدمت لمجلس الامن ، كتعريف لحالة الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والمطالبة بتطبيق كل حرف من هذه المذكرة .
خامساً / مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتسريع اجراءاتها بإصدار مذكرة الاعتقال لرئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو و وزير جيش الاحتلال يوآف چالانت  باعتبارهم مجرمي حرب وجب محاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم الحرب وتشكيلهما خطراً حقيقياً على السلم والامن الدوليين .
سادساً / عقد قمة عربية طارئة و الطلب من هذه القمة باستصدار قرار ملزم لكل الدول العربية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بقطع هذه العلاقات على شتى الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية على وجه السرعة .
سابعاً / إغلاق كافة الأجواء العربية وحتى التركية كدولة مناصرة للحق الفلسطيني أمام حركة الطيران الاسرائيلي المدني والعسكري على حد سواء .
ثامناً / الطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات سياسية واقتصادية على إسرائيل ومنع تصدير السلاح لها ، والضغط عليها للامتثال للقرارات الدولية بما ينسجم مع مواقف هذه الدول المعلنة .
تاسعاً / مطالبة كافة المجموعات الدولية في الامم المتحدة كالمجموعة العربية ومجموعة دول عدم الانحياز والاتحاد الأفريقي ومجموعة 77 التقدم بمشروع لمجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة يتمثل بشطب عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة ، واعتبارها نظام فاشي وفصل عنصري على غرار نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا. 
عاشراً / وهو الأهم الذي يجب أن يتقدم الخطوات السياسية ،،،، تفعيل المقاومة الشعبية وشحذ الهمم للجميع بقيادة جسم وطني موحد من خلال انتفاضة شعبية فلسطينية عارمة ، توصل رسالة للعالم أن شعبنا الفلسطيني لن يستكين ولن يلين حتى نيله كافة  حقوقه الوطنية المشروعة وفي مقدمتها حق تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
إن لم نشرع بذلك فوراً ، فإن حكومة اليمين الفاشي ماضيةً في مخططاتها ومؤامراتها … وفرضها على الجميع كواقع سياسي قائم ، يتم التعامل معه فلسطينباً وعربياً ودولياً على انه حالة سياسية لا مناص منها بحكم قانون الغاب القائم .