تضامن الطلاب محاصر بالقيود

بي دي ان |

08 سبتمبر 2024 الساعة 12:20ص

الكاتب
كذبة الديمقراطية الكبرى في بلاد الغرب الرأسمالي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، التي لا يوجد من مظاهرها الا ما يخدم اجندة اباطرة رأس المال لتحقيق أرباحهم الاحتكارية، ولكن عندما تتهدد روزنامة واهداف نظامهم السياسي، تنقلب فورا 180 درجة، وترفع العصا الغليظة في وجه شعوبها والقوى، التي تهدد مصالحها الحيوية، ولا تتوانى تلك الأنظمة عن اتخاذ أية إجراءات لتكميم أفواه الشعب وفئاته وشرائحه وطبقاته الاجتماعية، وقمع حركاتها المدافعة عن حقوقها المطلبية او السياسية، او دفاعها عن قضية إنسانية أو قانونية أو سياسية ذات صلة بحقوق شعب ما، او دفاعا عن القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. كما حصل في دفاع طلاب الجامعات عن حقوق الشعب الفيتنامي عام 1968، والان ومع بداية العام الدراسي الجديد 2024 و2025 في ظل الإبادة الجماعية الإسرائيلية على الشعب العربي الفلسطيني منذ أكثر من 11 شهرا خلت، تلوح الإدارة الأميركية وادارات الجامعات باتخاذ جملة من الإجراءات العقابية بحق الحراك الطلابي استباقا للعام الدراسي الجديد، بهدف تطويق الحراك الطلابي، ووأده بالتهديد والوعيد وعظائم الأمور، تأصيلا لانتهاكاتها في العام الدراسي المنصرم.
يوم الاحد 28 آب/ أغسطس الماضي لفتت صحيفة "الواشنطن بوست" الاميركية سلسلة من الإجراءات أعلنت عنها الجامعات الأميركية والأوروبية المختلفة لمواجهة الحراك الطلابي في العام الدراسي الجديد، وقالت ان بعض الجامعات، مثل جامعة كاليفورنيا وأنظمة جامعة ولاية كاليفورنيا، وجامعة بنسلفانيا، وجامعة فاندر بيليت، وجامعة دنفر، تحظر صراحة معسكرات الخيم، مثل تلك التي أقامها المتظاهرون في جميع أنحاء البلاد في الربيع الماضي.  
وتطالب جامعة إنديانا، وجامعة جنوب فلوريدا الحصول على موافقة مسبقة على الهياكل المؤقتة. كما تحظر فاندر بيليت التظاهرات التي تتطلب من المشاركين التجمع أو النوم طوال الليل، وتشكل المعسكرات قضايا تتعلق بالسلامة والصحة والصرف الصحي، وتمنع الطلاب الآخرين من استخدام أراضي الحرم الجامعي لفترات طويلة. وتعتمد بعض الجامعات قيودا زمنية، إذ تقول جامعة فاندر بيليت إن المظاهرات الطلابية لن يسمح بها إلا بين الساعة 8 صباحا و7 مساءً أو حتى غروب الشمس، ولثلاثة أيام متتالية فقط، وتحظر جامعة فلوريدا جميع الاحتجاجات بعد الساعة 5 مساءً، وخلال الأسبوعين الأخيرين من كل فصل دراسي.
ودعما لفلسطين ومع أقتراب العام الدراسي الجديد، تقود منظمة الشباب الديمقراطيين الاشتراكيين في اميركا (YDSA) الجهود المبذولة لتشجيع الطلاب على المشاركة في اضراب وطني يهدف الى دفع الجامعات الى سحب استثماراتها من دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومن المقرر أن يتم هذا الاضراب مع بداية العام الدراسي، الذي يطلق عليه "إضراب الطلاب من أجل فلسطين" مع فروع أكثر من 100 جامعة أميركية.
وكان المرشح الجمهوري، دونالد ترامب هدد الجامعات الأميركية، التي لا تقمع التظاهرات التضامنية مع فلسطين، والمطالبة بسحب الاستثمارات من إسرائيل بخسارة الدعم الفيدرالي والاعتماد، وقال "يتعين على الجامعات أن تضع حدا للدعاية المعادية للسامية، والا فإنها ستفقد اعتمادها ودعمها الاتحادي،" ليس هذا فحسب، بل انه هدد كل مناصر لفلسطين، ومن يكره إسرائيل، فإننا لا نريده في بلدنا! هذه هي ديمقراطية الولايات المتحدة، ولا يختلف بايدن وأركان ادارته عن ترامب، والفروق شكلية وواهية بينهما. لأن هاجس هذه الإدارات هو حماية أداتهم الوظيفية، دولة إسرائيل النازية على حساب دماء الأطفال والنساء ومصالح وحقوق الشعب الفلسطيني السياسية والقانونية.
وعلى الصعيد ذاته، قامت إدارات الجامعات الهولندية بوضع العديد من العراقيل أمام الحراك الطلابي، غير ان القائمين على الحراك الطلابي لن يتوقفوا عن حراكهم، طالما واصلت إسرائيل الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، وسيطالبون بقطع العلاقات مع المؤسسات الإسرائيلية، وهو ما يعني سحب الاستثمارات الجامعية من إسرائيل. ونفس الشيء يبديه العديد من أنصار الحراك الطلابي المتضامن مع الشعب الفلسطيني في الجامعات الأوروبية المختلفة.
وهو ما يشير الى ان العام الدراسي الجديد سيكون عاما ساخنا، ارتباطا بمواصلة حكومة نتنياهو مدعومة من الإدارة الأميركية الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، وعدم التزامها بالقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وعلى قيادة منظمة التحرير ومؤسسات دولة فلسطين وحكومتها والسفارات والجاليات الفلسطينية تقديم الوثائق والحقائق عن حرب الأرض المحروقة في قطاع غزة وعموم الضفة الفلسطينية لتكون سندا لحراكهم التضامني المشرف، وتعزيزا لمواقفهم الأممية المسؤولة.
وبالنتيجة مطلوب من النخب السياسية والثقافية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني وقيادة الشعب فضح وتعرية الديمقراطية الكاذبة في الغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة، باعتبارها "ديمقراطية إنتقائية" و"أحادية الجانب" كونها تكيل بمكيالين، وتتعامى عن الحقائق. كما وتكشف إجراءات الجامعات عن خواء وافلاس قوانينهم ومناهجهم التعليمية، وتخليها الواضح عن أيسط حقوق الانسان، وهو حرية الرأي والتعبير والتظاهر والاعتصام ورفع الشعارات المعبرة عن حراكهم ومواقفهم التضامنية الأممية الشجاعة. لان الممارسات والإجراءات التي أعلنت عنها مسبقا، تكشف عن تواطأها مع سياسة الإدارة الأميركية والدولة العميقة، وتخلت عمليا عن مكانتها الجامعية الهامة، كمنبر للعلم والمعرفة والدفاع عن القانون الدولي والدستور الأميركي نفسه والتعددية الديمقراطية.
[email protected]
[email protected]