أهمية التحولات الايجابية الاسرائيلية

بي دي ان |

03 سبتمبر 2024 الساعة 12:12ص

الكاتب
شهد المجتمع الإسرائيلي خلال أمس الأول الاحد، وأمس الاثنين الأول والثاني من أيلول / سبتمبر الحالي تحولا نسبيا في مواجهة تعنت ورفض حكومة الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو لإبرام صفقة التبادل للأسرى، حيث شارك في المظاهرة الشعبية المطالبة بإبرام صفقة التبادل للأسرى، ووقف الحرب في غزة نحو 300 ألف إسرائيلي، وهي الأكبر منذ مظاهرات الانقلاب القضائي عشية 7 تشرين اول / أكتوبر 2023. كما تلازم مع المظاهرة إعلان الاضراب العام، الذي دعا اليه رئيس اتحاد نقابات العمال "الهستدروت" أرنون بار ديفيد ليوم واحد بدعم شركات صناعية كبرى في إسرائيل، ورواد أعمال قطاع التكنولوجيا المتطورة. وهو الاضراب الأول الذي يتم منذ بداية الإبادة الجماعية على قطاع غزة قبل 333 يوما، وأدى الى تعطل الخدمات العامة في إسرائيل.
وجاءت المظاهرة والاضراب بعد مقتل 6 رهائن إسرائيليين، وعثور الجيش الإسرائيلي عليهم، مما زاد من عضب الشارع الإسرائيلي على حكومة الموت والابادة الجماعية، التي رفض رئيس وزرائها خلال الشهور ال11 الماضية من ابرام صفقة التبادل للأسرى بحجج وذرائع عديدة، من خلال وضع شروط تلو الشروط كلما حصل تقدم في الوصول الى اتفاقية لوقف حرب الأرض المحروقة في قطاع غزة.
وشارك في الاضراب قطاعات واسعة في مجالات التعليم والصحة والبنوك والمواصلات وسلطة المطارات والموانئ البحرية والعديد من البلديات، مما أثار غضب وسخط اركان الحكومة، وهدد رئيس الوزراء ووزير ماليته كل من يضرب عن العمل بخصم يوم العمل، الذي يضربون فيه، ليس هذا فحسب، انما توجه بتسلئيل سموتيريش الى محكمة العمل اللوائية، التي عقدت أمس الاثنين، واتخذت قرار بعدم شرعية الاضراب، وطالبت بوقفه فورا، وعلى إثر قرار المحكمة أعلنت النقابات عن نيتها بوقف الاضراب مساء أمس.
هذا التحول النسبي في الشارع الإسرائيلي فاقم من حدة التناقض بين الحكومة من جهة والشارع الإسرائيلي بقطاعاته المختلفة، وزاد من الهوة بينهما، ولم يعد يقتصر التناقض محصورا في اركان المعارضة وذوي الاسرى الإسرائيليين، وهو ما قد يدفع الأمور نحو مزيد الاحتكاك بين المجتمع الإسرائيلي عموما والائتلاف الفاشي الحاكم في قادم الأيام والاسابيع اللاحقة. لإن نتنياهو وأركان حكمه من الأحزاب الصهيونية الدينية يرفضون الإصغاء لصوت الشارع ويصرون على مواصلة الإبادة الجماعية وتنفيذ مخطط التطهير العرقي لأبناء الشعب في قطاع غزة وعموم الوطن الفلسطيني.
لكن على أهمية التحولات الإيجابية النسبية في الشارع الإسرائيلي، هل يمكن ان تنجح في التأثير على صانع القرار؟ من المبكر الافتراض بإمكانية نجاح ذلك، ما لم تتوسع دائرة المظاهرات والاضرابات العامة، القادرة على شل حركة الحياة، وعجلة الاقتصاد والتعليم والصحة والوزارات والبلديات والموانئ والمطارات، عندئذ يمكن ان تراجع حكومة نتنياهو المارقة خياراتها الدموية. رغم انها لم تعد تأبه بحياة باقي الرهائن الإسرائيليين. كما أعلن أحد وزراء الليكود، الذي لم يذكر اسمه، ان رئيس الحكومة لا يأبه بحياة الرهائن، ويتمنى الموت لهم جميعا. وبالتالي فرضية توسع الحراك الاجتماعي الإسرائيلي مرهونة بتفاقم الازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والديبلوماسية على الداخل الإسرائيلي.
بيد أن ما يطمئن نتنياهو وفريقه الحاكم، هو وقوف الولايات المتحدة الأميركية بمختلف مستوياتها القيادية التشريعية والتنفيذية والقضائية خلف الحكومة الإسرائيلية، وهو ما كان اعلنه الرئيس جو بايدن، ووزير خارجينه بلينكن، وأركان الإدارة جميعا، وصولا الى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركي، الجنرال تشارلز كيو بروان جونيو، الذي صرح اثناء زيارته الأخيرة لإسرائيل في 26 آب/ أغسطس الماضي عن ادانته لانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي سيطر عليها في قطاع غزة، وطالب ببقاء سيطرته على كل المناطق، للحؤول دون عودة مقاتلي المقاومة لتجديد نشاطهم في تلك المواقع. وهو ما يعني إطلاق يد الجيش في البقاء والسيطرة على القطاع، ومواصلة الإبادة الجماعية. لان لذلك صلة عميقة بالمصالح الحيوية الأميركية في إعادة ترتيب الوطن العربي وإقليم الشرق الأوسط الكبير وفي استباق للتحولات الجيوسياسية العالمية، وفرض السيطرة الأميركية الكاملة على الإقليم ضمن تقاسم النفوذ في العالم الجديد، متعدد الأقطاب.
وبالنتيجة ستبقى نتائج التحولات الإيجابية النسبية محدودة الى حين، واما أن تتسع، أو تتضاءل وتتراجع وفقا للتطورات الجارية على الأرض في الداخل الإسرائيلي وفي الحرب الدائرة على ارض دولة فلسطين المحتلة عام 1967.
[email protected]
[email protected]