سيناريوهات دفرسوار كورسك
بي دي ان |
18 أغسطس 2024 الساعة 09:10م

فاجأ الجيش الاوكراني في 6 آب/ أغسطس الحالي القيادة والجيش الروسي في هجومه المباغت على مقاطعة كورسك الروسية، وهي المرة الأولى التي يخترق جيشا معاديا للأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث سيطر الجيش الاوكراني على مساحة تقدر 1000 كم2، ونحو 80 بلدة وبعمق 35 كيلومتر، ويعد هذا أكبر مما حققه الروس خلال الأشهر ال30 الماضية من الصراع الدائر على الجبهة الروسية الأوكرانية. ورغم مرور نحو 15 يوما، لا يزال الاوكرانيون متمركزين في كورسك التي تمتد مع الحدود الروسية على مساحة 245 كم.
ورجح العديد من المراقبين وفي مقدمتهم الروس، أن ما حدث لا يعد اختراقا واسعا، بل بسيطا سيلتئم سريعا مع ارسال الدفاعات الروسية الى المنطقة المستهدفة، ووفق تقديرات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بأنه "مجرد استفزاز واسع النطاق. رغم انه أحرج زعيم الكرملين والقيادة السياسية والعسكرية الروسية، الا أنه لم يغير من معادلة الصراع على الأرض، ومازالت القوات الروسية تواصل وتيرة هجومها في دونيتسك شرق أوكرانيا، كونها تعطي الأولوية للتقدم هناك. لان كورسك لا تعتبر منطقة ذات أهمية استراتيجية أو عسكرية في روسيا.
ومن أهداف الرئيس فلوديمير زيلنسكي والقيادة الأوكرانية من الهجوم على كورسك الآتي: أولا الاثبات لحلفائهم الغربيين بقيادة الولايات المتحدة، أن القوات الأوكرانية قادرة على المبادرة وتحقيق اختراق داخل الأراضي الروسية، وبالتالي زيادة الثقة بهم، ودفعهم لإرسال الأسلحة التي يحظرونها لهم؛ ثانيا رفع الروح المعنوية للجيش الاوكراني؛ ثالثا التأثير على مجرى الصراع الدائر، والإسراع في انهاء الحرب، من خلال وضع المعادلة الجديدة على طاولة المفاوضات، هذا إذا استمرت القوات الأوكرانية في المقاطعة الروسية؛ رابعا الضغط المعنوي على القيادات الروسية، ودفعهم لإرسال قوات الى كورسك للتخفيف من الضغط على الجبهة الشرقية.
لكن نقاط الضعف الأوكرانية تكمن في: عدم القدرة على توسيع نطاق الهجوم. لأن الجيش لا يستطيع تعزيز قواته هناك لمحدودية قدراته، ونتاج ضعف في إمكانية إيصال الامدادات للقوات الموجودة، بسبب القدرة الجوية الحربية الروسية العالية لقطع أية إمدادات اوكرانية، مما سيؤثر لاحقا على إمكانية صمود تلك القوات في المقاطعة، وتآكلها التدريجي. فضلا عن إمكانية حدوث هجوم بري مضاد عليها من الجيش الروسي، وإن بدا ضعيفا حتى اللحظة. لا سيما وأن ما ارسله الروس من قوات، كانت ضعيفة وبمثابة ميليشيات ضعيفة الإمكانيات القتالية.
ومع ذلك يمكن الافتراض، ان الهجوم فاجأ الروس، ولم تكن القيادات العسكرية الروسية مستعدة لهكذا سيناريو، ولم تضعها في حساباتها، ولم تدرجها في خطة طوارئ للتعامل مع هكذا حدث، بسبب إطمئنانها الى الاتفاق الضمني المسبق مع القوى الغربية لعدم استخدام القوات الأوكرانية لأسلحتهم لاختراق الحدود الروسية. لان ذلك قد يشكل مقدمة ل"حرب نووية". كما ان التغييرات التي أحدثها بوتين في قيادات الجيش الروسي في الآونة الأخيرة، قد تكون أثرت على مستوى الجاهزية الروسية لمواجهة هكذا تحدي، وهو ما أظهر نقاط ضعف واضحة في القوات الروسية. وكشفت عن ثغرة استخباراتية وتكتيكية روسية كبيرة في الرد على الاختراق الاوكراني المفاجئ.
ونجم عن الهجوم الاوكراني ردود فعل من قبل العسكريين الروس، منها ما أعلنه الجنرال الروسي المتقاعد، أندريه غوروليف، وعضو البرلمان من انتقادات للجيش وفشله في حماية الحدود، وقال "للأسف القوات التي من المفترض ان تحمي الحدود تفتقر الى المعلومات الاستخباراتية اللازمة، ولا أحد يريد رؤية الحقيقة في التقارير، بل يريد الجميع أن يشعروا أن الأمور بخير." وهو ما يكشف عن خلل فاضح في مستوى المواجهة للتحديات الطارئة، وبطء شديد في الرد المباشر على الهجوم المفاجئ.
لكن يمكن استحضار سيناريو خارج سيناريوات الصندوق المتداول عند بعض المراقبين العسكريين، وهو سماح القوات الروسية للهجوم الاوكراني بالسيطرة على مقاطعة كورسك، خاصة ان المنطقة ليست ذات أهمية استراتيجية، ولا تؤثر عسكريا على مجرى العمليات العسكرية في شرق أوكرانيا، وطمأنة الغرب نسبيا بعدم تقديم أسلحة متقدمة قد تدفع الأمور نحو هاوية الحرب النووية، كون القيادة الروسية هددت بذلك علنا. واستغلال الامر في توسيع الهجوم الروسي على مناطق اخرى من أوكرانيا. لأن روسيا وفق تقديري لا تسمح لأوكرانيا بالتقدم دون سحق الهجوم فورا، وترفض إعطاءها ورقة قوة في اية مفاوضات قادمة، أو التأثير على مجرى عملياتها العسكرية في شرق أوكرانيا. وبالتالي بطء الرد الروسي لا يعكس ضعفا، بقدر ما هو مناورة تكتيكية محسوبة النتائج. ولاعتقاد الروس والغرب على حد سواء، ان القوات الأوكرانية المتوغلة في الأراضي الروسية لن تخرج سالمة من الأراضي الروسية. مع ذلك ما حدث يشكل صفعة قوية للقيادات العسكرية والسياسية الروسية، حتى لو كانت جزءً من مناورة. لان بإمكان روسيا ان توسع هجومها دون الحاجة الى هذا السيناريو الخاطئ. وقادم الأيام بالضرورة سيكشف عن النتائج سلبا او إيجابا.
[email protected]
[email protected]
ورجح العديد من المراقبين وفي مقدمتهم الروس، أن ما حدث لا يعد اختراقا واسعا، بل بسيطا سيلتئم سريعا مع ارسال الدفاعات الروسية الى المنطقة المستهدفة، ووفق تقديرات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بأنه "مجرد استفزاز واسع النطاق. رغم انه أحرج زعيم الكرملين والقيادة السياسية والعسكرية الروسية، الا أنه لم يغير من معادلة الصراع على الأرض، ومازالت القوات الروسية تواصل وتيرة هجومها في دونيتسك شرق أوكرانيا، كونها تعطي الأولوية للتقدم هناك. لان كورسك لا تعتبر منطقة ذات أهمية استراتيجية أو عسكرية في روسيا.
ومن أهداف الرئيس فلوديمير زيلنسكي والقيادة الأوكرانية من الهجوم على كورسك الآتي: أولا الاثبات لحلفائهم الغربيين بقيادة الولايات المتحدة، أن القوات الأوكرانية قادرة على المبادرة وتحقيق اختراق داخل الأراضي الروسية، وبالتالي زيادة الثقة بهم، ودفعهم لإرسال الأسلحة التي يحظرونها لهم؛ ثانيا رفع الروح المعنوية للجيش الاوكراني؛ ثالثا التأثير على مجرى الصراع الدائر، والإسراع في انهاء الحرب، من خلال وضع المعادلة الجديدة على طاولة المفاوضات، هذا إذا استمرت القوات الأوكرانية في المقاطعة الروسية؛ رابعا الضغط المعنوي على القيادات الروسية، ودفعهم لإرسال قوات الى كورسك للتخفيف من الضغط على الجبهة الشرقية.
لكن نقاط الضعف الأوكرانية تكمن في: عدم القدرة على توسيع نطاق الهجوم. لأن الجيش لا يستطيع تعزيز قواته هناك لمحدودية قدراته، ونتاج ضعف في إمكانية إيصال الامدادات للقوات الموجودة، بسبب القدرة الجوية الحربية الروسية العالية لقطع أية إمدادات اوكرانية، مما سيؤثر لاحقا على إمكانية صمود تلك القوات في المقاطعة، وتآكلها التدريجي. فضلا عن إمكانية حدوث هجوم بري مضاد عليها من الجيش الروسي، وإن بدا ضعيفا حتى اللحظة. لا سيما وأن ما ارسله الروس من قوات، كانت ضعيفة وبمثابة ميليشيات ضعيفة الإمكانيات القتالية.
ومع ذلك يمكن الافتراض، ان الهجوم فاجأ الروس، ولم تكن القيادات العسكرية الروسية مستعدة لهكذا سيناريو، ولم تضعها في حساباتها، ولم تدرجها في خطة طوارئ للتعامل مع هكذا حدث، بسبب إطمئنانها الى الاتفاق الضمني المسبق مع القوى الغربية لعدم استخدام القوات الأوكرانية لأسلحتهم لاختراق الحدود الروسية. لان ذلك قد يشكل مقدمة ل"حرب نووية". كما ان التغييرات التي أحدثها بوتين في قيادات الجيش الروسي في الآونة الأخيرة، قد تكون أثرت على مستوى الجاهزية الروسية لمواجهة هكذا تحدي، وهو ما أظهر نقاط ضعف واضحة في القوات الروسية. وكشفت عن ثغرة استخباراتية وتكتيكية روسية كبيرة في الرد على الاختراق الاوكراني المفاجئ.
ونجم عن الهجوم الاوكراني ردود فعل من قبل العسكريين الروس، منها ما أعلنه الجنرال الروسي المتقاعد، أندريه غوروليف، وعضو البرلمان من انتقادات للجيش وفشله في حماية الحدود، وقال "للأسف القوات التي من المفترض ان تحمي الحدود تفتقر الى المعلومات الاستخباراتية اللازمة، ولا أحد يريد رؤية الحقيقة في التقارير، بل يريد الجميع أن يشعروا أن الأمور بخير." وهو ما يكشف عن خلل فاضح في مستوى المواجهة للتحديات الطارئة، وبطء شديد في الرد المباشر على الهجوم المفاجئ.
لكن يمكن استحضار سيناريو خارج سيناريوات الصندوق المتداول عند بعض المراقبين العسكريين، وهو سماح القوات الروسية للهجوم الاوكراني بالسيطرة على مقاطعة كورسك، خاصة ان المنطقة ليست ذات أهمية استراتيجية، ولا تؤثر عسكريا على مجرى العمليات العسكرية في شرق أوكرانيا، وطمأنة الغرب نسبيا بعدم تقديم أسلحة متقدمة قد تدفع الأمور نحو هاوية الحرب النووية، كون القيادة الروسية هددت بذلك علنا. واستغلال الامر في توسيع الهجوم الروسي على مناطق اخرى من أوكرانيا. لأن روسيا وفق تقديري لا تسمح لأوكرانيا بالتقدم دون سحق الهجوم فورا، وترفض إعطاءها ورقة قوة في اية مفاوضات قادمة، أو التأثير على مجرى عملياتها العسكرية في شرق أوكرانيا. وبالتالي بطء الرد الروسي لا يعكس ضعفا، بقدر ما هو مناورة تكتيكية محسوبة النتائج. ولاعتقاد الروس والغرب على حد سواء، ان القوات الأوكرانية المتوغلة في الأراضي الروسية لن تخرج سالمة من الأراضي الروسية. مع ذلك ما حدث يشكل صفعة قوية للقيادات العسكرية والسياسية الروسية، حتى لو كانت جزءً من مناورة. لان بإمكان روسيا ان توسع هجومها دون الحاجة الى هذا السيناريو الخاطئ. وقادم الأيام بالضرورة سيكشف عن النتائج سلبا او إيجابا.
[email protected]
[email protected]