قراءة في ردود الفعل على الخطاب

بي دي ان |

17 أغسطس 2024 الساعة 10:58م

الكاتب
جاءت ردود الفعل على خطاب الرئيس محمود عباس أمام البرلمان التركي يوم الخميس 15 آب/ أغسطس الحالي متباينة ومتعارضة، تيار فلسطيني وعربي واممي رحب بما تضمنه الخطاب في عناوينه ومفاصلة ورسائله المختلفة، ودعا بحماس لشق الطريق لترجمته على الأرض، وخاصة في النقطة المحورية فيه، التي أعلن فيها عن نيته "التوجه الى قطاع غزة مع اركان القيادة الفلسطينية، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش ومن يرغب من الزعماء العرب"؛ حتى ان احمد داود اوغلو، رئيس حزب المستقبل التركي طالب الرئيس اردوغان لعقد قمة للدول الإسلامية لدعوة رؤساء وزعماء الدول للتوجه مع الرئيس عباس الى غزة، وهو ما يعكس الاهتمام بالحجر الكبير الذي القاه أبو مازن في مياه المصالحة الراكدة، وأثره في كسر دوامة الإبادة الجماعية الإسرائيلية الاميركية على الشعب الفلسطيني، وانعكاس الخطوة النوعية على الأقطاب الدولية والمنابر الأممية المناصرة وغير الداعمة للحقوق السياسية الفلسطينية.
وتيار ثاني متشكك، معتبرا قنبلة عباس التوجه الى محافظات الجنوب الغزية مجرد شو إعلامي، وبالون اختبار لردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية، ولا يعدو مجرد دغدغة لعواطف الشعب الفلسطيني. وتجاه آخر يسأل، لماذا سيذهب الرئيس عباس للقطاع؟ ولماذا تأخر حتى الان لإعلان هذا الموقف؟ ألم يكن بالإمكان التوجه قبل هذا التاريخ الى غزة؟ ولماذا انتظر 315 يوما من الإبادة الجماعية؟ وهل يجوز الذهاب قبل تشكيل حكومة وفاق وطني، أم أنه يريد ان يعوم حكومة الدكتور محمد مصطفى؟ وهل لهذا التوجه علاقة باليوم التالي للإبادة الجماعية؟ وما هو موقف قيادة حركة حماس من الخطوة؟ هل سترحب بها، أم ستعارضها وتحول دون تنفيذها؟ وهل سيبقى متمسكا برؤيته السياسية، أم سينتقل لاشتقاق رؤية سياسية جديدة؟ وما هي مرتكزاتها؟ واليس طرحه انتظار تأمين الأمم المتحدة عموما ومجلس الامن الدولي لتوجهه للقطاع نوع من التهرب من خيار التوجه للقطاع؟ وهل مجلس الأمن يستطيع ان يؤمن للوفد الفلسطيني الحماية؟ ألم ترفض إسرائيل النازية ومن خلفها الولايات المتحدة قرارات الشرعية الدولية، واتهمت المنظمات الأممية وخاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ب"الإرهاب"؟ وما مدى استجابة الملوك والرؤساء العرب لمشاركة الرئيس عباس والوفد الفلسطيني في التوجه للقطاع؟
أسئلة عديدة أثارها قرار أبو مازن بالتوجه للقطاع، وأستطيع أن أجزم، بأن الخطوة الشجاعة والهامة التي أعلن عنها حقيقية، وليست للشو الإعلامي، ولا لدغدغة عواطف أبناء الشعب. لان الضرورة الوطنية أملتها في ظل استباحة الشعب، وإدماء قلب اطفاله ونسائه وشيوخه وشبابه، وردا على توجهات حكومة نتنياهو النازية بفصل القطاع عن الضفة الفلسطينية، وخلق أدوات محلية مثل روابط القرى، وتكريس الوحدة الوطنية الرافعة الأهم لكفاح الشعب في مواجهة التحديات الإسرائيلية والأميركية، وكسر حالة الاستعصاء القائمة منذ 17 عاما خلت من الانقلاب على الشرعية، واستشعاره المسؤولية الشخصية والوطنية لوضع الاتفاقات والاعلانات المبرمة بين الفصائل الوطنية وحركة حماس بشأن المصالحة الوطنية موضع التنفيذ، والخروج من نفق المراوحة. ومن المؤكد حسب ما أعتقد، أن يدعو رئيس المجلس الوطني المجلس المركزي للانعقاد قبل التوجه للقطاع، لتبني الخطوة الهامة، والعمل على وضع قرارات المجلسين السابقة (الوطني والمركزي) موضع التنفيذ، ودعوة حركتي حماس والجهاد الإسلامي للمشاركة في الدورة الجديدة لدفع الأمور قدما  في تكريس الوحدة الوطنية، والشروع بالإعداد لتشكيل قوام المجلس الوطني الجديد، وتحديد موعد للانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، والاتفاق على برنامج كفاحي يتوافق مع مصالح الشعب العربي الفلسطيني، ودراسة الواقع الناجم عن الإبادة الإسرائيلية الأميركية خلال الشهور ال11 الماضية، واستخلاص الدروس والعبر الوطنية والقومية والدولية، حتى يذهب الوفد الفلسطيني برئاسته على أسس واضحة وفق البرنامج السياسي الذي سيتم اعتماده.
وأي كانت المواقف الإسرائيلية من توجه الوفد الفلسطيني الاممي والعربي، وعنوانها الأساس رفض وتعطيل توجهه للقطاع، الا ان الضرورة الوطنية تحتم ابتداع واشتقاق الأساليب الوطنية والاممية لتحقيق الخطوة الهامة والكيفية الآن. وكسر الفيتو الإسرائيلي النازي المعطل لوحدة وتلاحم الشعب الفلسطيني. لا سيما وأن الرئيس عباس، أعلن ان روحه وحياته ليست أغلى من حياة الأطفال والنساء والشهداء الذين تجاوزوا ال40 الف من الشهداء، وما يزيد على 92 الف من الجرحى وما يفوق ال10 الاف مفقود تحت الأنقاض، فضلا عن الدمار الهائل الذي أعاد مدن وبلدات ومخيمات القطاع عشرات السنوات للخلف، حتى باتت اطلالا، أضف الى ان توجه الوفد سيتم بعد الانسحاب الإسرائيلي الكامل من كل مليمتر من القطاع دون قيد أو شرط، ومؤكد سيكون لوجود القيادة الفلسطينية برئاسة أبو مازن علاقة باليوم التالي للإبادة الجماعية، ولإعادة اعمار ما دمرته حرب الأرض المحروقة، ولشد أزر أبناء الشعب المنكوب بالكارثة والنكبة الإسرائيلية الجديدة. وباعتقادي ان الخطوة تأخرت، لكن أن تأتِ متأخرا خيرا من الا تأتي، وأفترض ان للرئيس أسبابه الموضوعية في التأخر، وليست أسبابا ذاتية.
وبناءً على ما تقدم، تفرض الضرورة دعم واسناد الخطوة الجريئة والنبيلة من قطاعات الشعب المختلفة ونخبه السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والأكاديمية والاجتماعية والدينية لتكريس ابعادها الوطنية على ارض الواقع.
[email protected]
[email protected]