بين برود سياسي قاتل وتفاؤل أمريكي مفتعل.. الحرب على غزة إلى أين؟

بي دي ان |

17 أغسطس 2024 الساعة 10:50ص

برود سياسي قاتل ومماطلات مقصودة بينما هنا دمار شامل باتت فيه الحجارة تشتكي اللامبالاة العالمية امام فنون القتل، والإبادة وسط غموض مخيف يعتري مصير الحرب على قطاع غزة لا ندري متى ستفك رموزه؟.

لن اتحدث عن الويلات التي يعانيها الفلسطينيون في قطاع غزة، ولا عن الظلم الذي يتعرضون له، ولا عن القتل الذي اودي بحياة عشرات الألاف منهم، ولا عن الدمار الذي احال مدن القطاع إلى خراب، فشعب غزة يُذبح على مرأى ومسمع من العالم منذ ما يزيد عن عشرة أشهر دون تحريك ساكن مما يثير الحفيظة والاشمئزاز في آن واحد ويطرح تساؤلات عدة منها؛ هل بقي شيء من مبادئ الإنسانية التي لطالما تغنى بها العالم؟ هل هناك مبرر لصمت العالم أمام استباحة دماء الأبرياء دون أن يرف له جفن؟ لماذا يقف القريب  والغريب مكتوف الأيدي في الوقت الذي يجب فيه فعل أي شيء لإنهاء الحرب ووقف عمليات الإبادة الجماعية؟ ما السر وراء استشراس الحرب رغم تنديد عالمي واسع النطاق و تصاعد المظاهرات المتضامنة مع القطاع وخصوصا تلك التي اشتعلت في اهم الجامعات الأمريكية قبل أن تقوض وتنطفئ شرارتها؟ لماذا لم يستطع الرأي العام العالمي التأثير في صناع القرار؟

على كلٍّ لست بصدد العرض لتحليلات سياسية، او تفنيد مواقف دولية من الحرب على غزة فقد بات واضحا أن ما يجري هو مجرد لعبة سياسية تصب في مصلحة اسرائيل، او بالأحرى مصالح نتنياهو الشخصية، بتواطؤ الشريك الاستراتيجي لإسرائيل، والممول العسكري الرئيسي للترسانة الحربية الإسرائيلية  "الولايات المتحدة الأمريكية" لذلك لا يظن البعض أنّ ما تفتعله المؤسسة الأمريكية من تصريحات تفاؤلية بقرب التوصل إلى تسوية سياسية جدّي فالحديث منذ الشهر الاول للحرب عن صفقات تبادل وشيكة هي في الحقيقة اشبه بإبر بنج تهدئ من روع الغزيين، وتبعث الامل في نفوسهم، وفي ذات الساعة تسحبه، وتضع بدلا منه مزيدا من الإحباط، والانتكاسات النفسية، و تمرر مزيدا من القتل، والدمار في إطار خطة متعمدة هدفها الضغط النفسي، والعسكري على المقاومة، والمدنيين على اعتبار انهم الحاضنة الشعبية لها، ومن ثم إعطاء إسرائيل فرصة لإنجاز مهمتها في قطاع غزة  وعلى صعيد آخر فإن إبداء التعاطف، والتنديد بقتل الابرياء من قبل البيت الأبيض والتظاهر بالعمل جديا من اجل وقف الحرب وقرب التوصل لصفقة هي خطة امريكية تهدف أولا:- إلى: كبح جماح الثورات الشعبية  المتضامنة مع الفلسطينيين ولاسيما داخل الجامعات الامريكية ومحاولة تقويضها رويدا رويدا

ثانيا:- صقل صورة الإدارة الامريكية أمام الرأي العام العالمي، والامريكي وجعلها تبدو وكأنها نصيرة المستضعفين الرافضة لقتل المدنيين وتجويعهم في قطاع غزة.

ثالثا:- العمل على تهدئة النفوس لمنع محورالمقاومة من التصعيد وتقليص فرص توسع الحرب إلى حرب إقليمية شاملة

رابعا:- تقليص الضغط الدبلوماسي، والقانوني الذي تتعرض له إسرائيل في الامم المتحدة، والهيئات القضائية الدولية.

 وعليه فإن كل من يوجه ناظريه نحو الولايات المتحدة الامريكية اعتقادا منه انها طرف من أطراف حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني واهم لأنه لا يمكن أبدا لمؤسسة تأخذ قراراتها من اللوبي اليهودي  أن تقف موقفا معارضا لإسرائيل، أو حتى محايدا حيث لا يخفى على أحد أن اللوبي الصهيوني يتحكم في القرار الأمريكي من خلال المال، والإعلام، والإنتخابات، كما أنه لا قرار يعلو فوق قرارات الحكومة الخفية المنبثقة عن اللوبي اليهودي الأمريكي التي تقود العالم اليوم، ولا حتى قرارات مجلس الأمن، أو المحكمة الدولية.

صراحة لا يمكن اعتبار الموقف الأمريكي معضلة لكن المعضلة الحقيقية  تكمن في الموقف العربي الذي وضع نفسه في موضع محايد وترك العدو الصهيوني يتفرد بأهل غزة وكأنه لا يجمعه بهم لغة أو دين أوثقافة.

ويالها من مفارقة تثير السخرية إذ في الوقت الذي تتمسك فيه الإدارة الأمريكية بموقفها الداعم لإسرائيل قلبا وقالبا يتخاذل أبناء جلدتنا من العرب والمسلمين عن الوقوف بجانب غزة بجهود عملية حقيقية وحاسمة يمكنها تغيير مسار المعادلة، وزعزعة فكرة استمرار الحرب كالتهديد بوقف التطبيع مثلا أو وقف إمداد العالم الغربي بالنفط من قبل الدول العرببة المنتجة له كما حدث اثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1973 ولكن يبدو أنّ قطاع غزة اصبح ملفا مزعجا أراد العرب قبل الغرب التخلص منه، وربما فزّاعة الهيمنة السياسية الاقتصادية الإعلامية والثقافية الصهيونية المتحكمة بسياسات الكثير من العواصم العربية والدولية، ناهيك عن القوة العسكرية الإسرائيلية مهابة الجناب عربيا جعلتهم يقرون بعجزهم أمام الوهم الذي يسمى أعتى قوة في العالم. ختاما يبقى السؤال قائما في ظل تواطؤ عربي وعالمي... حرب غزة إلى أين؟