غزة وقناة بن غوريون وطريق الحرير البديل

بي دي ان |

01 أغسطس 2024 الساعة 08:12م

الكاتب
لمعرفة ما يجري في قطاع غزة وكل هذه الحشود الدولية من اجل مساندة إسرائيل إبحثوا عن مخطط قناة بن غوريون والسيطرة على احتياطي الغاز والنفط الذي يقدر بمليارات. 
تعددت التكهنات بما يمكن ان يكون مصير غزة، حيث ان قلة قليلة ممن ذهبوا بعيداً في العمق الجيوسياسي وبدأت المشاريع التجارية والسياسية والجغرافية أكثر وضوحا ما جعل ازمة غزة تبدو نقطة في بحر التحولات الكبرى التي ترسم في المنطقة من الفرات الى النيل، والتي تجسد صناعة إسرائيل كبرى يعمل لأجلها اليهود ولو دفعوا تضحيات من أجلها آلاف القتلى والجرحى. 
فمن يراقب الشروع في بناء قناة” بن غوريون” التي تثير ذهول المصريين والاردنيين على السواء، والتي ستوفر مدخولاً سنوياً لإسرائيل يقدّر بعشرة مليارات دولار.
ان من يراقب التسوية التي حصلت بموضوع جزر تيران و صنافير عندما تنازلت  مصر عن ملكيتها لصالح العربية السعودية للمملكة العربية السعودية ومن يراقب استخراج الدولة العبرية النفط والغاز من اثني عشر بئر في مياهها الإقليمية ومن يراقب تفاهمات التطبيع الثنائية مع الدول العربية ومن يراقب مسارعة اسرائيل الى ترسيم الحدود البحرية مع لبنان ومن يراقب مد اسرائيل انابيب للغاز الى اوروبا بطول ١٨٠٠ كلم ومن يراقب تإلق مرفأ حيفا بعد تفجير مرفأ بيروت وتدميره وجعله معبراً رئيسياً على طريق الحرير بين الهند وأوروبا يدرك جيداً ان كل ما تصبو اليه اسرائيل  هو الاطاحة بكل ( العوائق) في قاموسها كغزة التي تعتبرها شوكة في خاصرتها، لان قناة بن غوريون سوف يتم حفرها على حدودها، وفي ظل مقاومة حماس والجهاد الشرسة لها لا يمكن ان تتعايش قناة اقتصادية مزدهرة تمر عبرها ناقلات عملاقة بسلام وامان الا بعد تعديل على الجغرافيا واحداث ” ترانسفير” ينقل خلاله الغزاويون الى سيناء او مصر، وها نحن نشهد البداية.
وإذا كان اسرائيل ضحت بألف قتيل او أكثر، فان تلك التضحية تشبه تضحية الأمريكيين في ١١ أيلول، لكونها كانت شرارة التدخلات في دول الشرق الاوسط قبل السيطرة على بعض أجزائه.
بالعودة الى قناة بن غوريون فأن الإعلان الإسرائيلي بشأن بدء العمل فيها، لمنافسة لقناة السويس، أثار “جدلا واسعا وتساؤلات كثيرة، خصوصا بالنسبة للأردن، إذ ستكون القناة الإسرائيلية المزمع البدء بها قريبة من الحدود البحرية الأردنية.”
وقد سبق وأفاد في هذا السياق الخبير الاقتصادي الأردني حسام عايش بأن افتتاح هذه القناة “سيكون أمرا محرجا للدولة الأردنية، وذلك كونه باعتبارات المصلحة سيكون أفضل للأردن، غير انه وللاعتبارات السياسة والعروبة فسيكون له كلفة عالية على الأردن، متوقعا ألا يستخدم الأردن القناة -في المرحلة الأولى على الأقل- تجنبا للإحراج مع مصر.”
ورأى الخبير في تصريحه أن “المشروع ربما يكون سيكون له مخاطر عالية على الأمن القومي العربي والأردن”، لافتا إلى أن المملكة ستجد نفسها “أمام حالة مستفزة من النشاط الإسرائيلي في منطقة قريبة من حدوده البحرية، وربما يعطل مشاريع أردنية مثل مشروع ناقل البحرين..”
وأعرب عايش عن مخاوفه “من أن يكون مشروع القناة شبيها بمطار رامون، وأن يكون جزءا من صفقة القرن التي يعاد إنتاجها مع عودة نتنياهو، مضيفا أن اسرائيل تفرض أمرا واقعا دون اخذ أي اعتبار لاتفاقيات السلام ومصالح الأطراف العربية”
ومضى في هذا السياق قائلا إن مشروع قناة بن غوريون ربما يكون “مقدمة لمشاريع أكبر مثل مد أنابيب عبر الاردن أو بطريق محاذي للأردن، وذلك لمد أوروبا بالنفط والغاز”.
وكانت “إسرائيل” قد أعلنت مؤخرا بدء العمل في قناة بن غوريون، وهي بديلة لقناة السويس، وكان أعلن عنها قبل عامين، فيما يرجح أن تبدأ عمليات بنائها في غضون شهرين من الآن وقد تستغرق ثلاث سنوات على ابعد حد..
قبل عامين تحدثت تقارير عبرية أن السلطات الإسرائيلية تخطط لإنشاء قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط، فيما أوضح مهندسون إسرائيليون أن قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، ستكون منافسة لقناة السويس، وذلك لأن المسافة بين إيلات والبحر المتوسط ليست طويلة، وهي بالضبط ذاتها في قناة السويس.
ونقل عن مصادر أن إسرائيل إذا قامت ببناء القناة من إيلات على البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، فإنها ستقلص المسافة التي تمر بها السفن عبر قناة السويس إلى البحر المتوسط.
وجرى التوضيح في هذا السياق من قبل هذه المصادر بأن القناة الإسرائيلية لن تبنى على شاكلة قناة السويس، الممر البحري الذي تبحر عبره السفن من اتجاه إلى آخر، وفي اليوم الثاني في الاتجاه المعاكس.
حيث ستقوم إسرائيل بحفر قناتين مستقلتين، واحدة من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، والثانية من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر. وبالتالي لن تتأخر أي سفينة، في حين تستغرق السفن في قناة السويس فترة أسبوعين للمرور.
وتشير المصادر ذاتها إلى وجود ميزة أخرى تتمثل في طبيعة الأرض، حيث إنها صخرية وصلبة، وتتحمل أي ضغط دون أي تأثير على عكس قناة السويس، حيث طبيعة الارض رملية وتحتاج الى متابعة مستمرة.
كما أشير إلى أن إسرائيل تنوي بناء مدن صغيرة وفنادق ومطاعم وملاهي ليلية على القناة التي ستبنيها، والتي ستطلق عليها اسم “قناة بن غوريون”.
في المحصلة، انها الجغرافيا، انه التاريخ، انها الوقائع الجيوسياسية التي تتحكم بمصير الدول، انها المصالح الكبرى التي ترسم تحالفات الدول مع بعضها البعض،
هذا ما ينتج الحروب ومصائر الشعوب.
يوم أعلن في العام   2006 عن شرق اوسط جديد، قلة ما تطلعوا الى النفط والغاز والخيرات وحفر القنوات ورسم الخرائط الاقتصادية والمالية وحتى التدميرية لأهداف محددة. اليوم يجيب الفاعلون عن هذا السؤال الذي طالما شغل بال رؤساء ومحللين وشعوباً.
اتانا الجواب من غزة تحديداً، على بعد أمتار من قناة عملاقة وآبار للنفط والغاز ايضاَ تنتج المليارات وهذه المشاريع العملاقة تتطلب استقراراً، حتى وان كان على حساب حقوق الشعوب والاوطان.