الصحفي إسماعيل الغول شهيد الحقيقة شمال غزة

بي دي ان |

01 أغسطس 2024 الساعة 12:16ص

الصحفي إسماعيل الغول
"لا أخجل أن أقف أمام الكاميرا وأقول أنا جائع، يسألني كثير من الأطفال عن شيء ليأكلوه، وهم لا يعلمون أنني مثلهم لا أنام في الليل من الجوع". 

كلماتٌ قالها الشهيد الصحفي إسماعيل الغول، والقذائف عشوائية من كل حدبٍ وصوب تمر من فوق رأسه وصواريخ تنهال على بيوت الآمنين بشكلٍ عنيف أمامه، والشهداء بالشوارع، وعلى الأرصفة، وبيوت تحترق بجانبه! 

الغول كان صوت لأناسٌ كانوا يصرخون تحت الأنقاض لعله يجد المجيب لهم، كان صوت أطفال غزة الجياع وهم يهرعون خلف المجهول،  باحثين عن النجاة. 

الغول عايش واقع شمال غزة ليكون صوت ناقل لصرخات استغاثة أهالي شمال القطاع الذين يعانون كابوسا "مميتا"، مع تفاقم أزمة المجاعة التي تهدد حياتهم جراء استمرار الحرب الإسرائيلية.

نطق الصحفي الغول بكلماته لعلها تستوقف العالم وتصفعه ليستفيق من صمته ويوقف حرب الإبادة التي أعلنتها اسرائيل على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي.

إسماعيل، دافع وقاوم بقدر ما يملكه من شجاعة وطاقة وأدوات، فكان يقف أمام الكاميرا وفي عينيه، وملامحه، يحمل حزن غزة وعتبها ولكنه كان يعاتب العالم بأدبٍ مفرط وكأنه لم يفقد الأمل للحظة.

فمنذ السابع من أكتوبر /2023 يروّض الغول الموت، محاولة لإقناعه بأن صوت غزة لايموت، وأن الجهاد بندقية، وكلمات، وصوت.

ويُعَدْ "31 يوليو /2024" تاريخ فادح جداً، رحل فيه بطلان البطل الأول إسماعيل الأكبر هنية، والثاني إسماعيل الأصغر الغول.

إسماعيل الأكبر هنية، استشهد إثر استهدافه بغارة إسرائيلية في العاصمة الإيرانية، طهران. 

هنية، يعد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، 61 عاماً ، من مخيم الشاطئ شمالي مدينة غزة.

أما اسماعيل الأصغر الغول، صحفي فلسطيني ومراسل قناة الجزيرة في غزة  27 عاماً، من مخيم الشاطئ شمالي مدينة غزة، وهويعد من أبرز الصحفيين الذين غطوا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

واستشهد الغول، برفقة زميله المصور رامي الريفي بقصفٍ إسرائيلي متعمد استهدفهما في مدينة غزة خلال عودتهما من تغطية ميدانية.

ويجدر بالإشارة إلى أن الصحفيان الغول والريفي كانا يرتديا سترتهما الواقية، متأملا أن تحميهما من صواريخ اسرائيل الغادرة، ولتكون بطاقة تعريفية على أنهما صحفيا ناقلا للحقيقة. 

واستهدف الاحتلال الإسرائيلي السيارة التي كلنت تقل إسماعيل ورامي بصاروخ موجه، مما أدى إلى استشهادهما على الفور، لتضاف هذه الجريمة إلى سلسلة الجرائم التي تعرض لها صحفيو 
قطاع غزة وعائلاتهم منذ أكتوبر الماضي.

وتميزت تغطيات الغول بالمهنية والاحتراف، وعرف بالتزامه بنقل الصورة والحدث رغم المخاطر، وكانت تقاريره تنقل للعالم معاناة سكان غزة والفظائع التي ترتكبها قوات الاحتلال بحقهم.

ونالت تغطيته لاجتياح مستشفى الشفاء والأحياء الشمالية اهتماماً واسعًا، وبثتها وكالات أنباء وقنوات دولية. 

ورغم الصعوبات الشديدة التي واجهها، وتحديات الجوع والمرض وفقدان أبيه وأخيه، أصر إسماعيل على الاستمرار في التغطية ونقل الحقيقة إلى العالم عبر شاشة الجزيرة.

وعن تفاصيل تواصله بعائلته، كان الغول ينتظر بشوق لحظة اللقاء المنتظر مع ابنته البكر زينة التي حرمه الاحتلال من احتضانها.

والجدير ذكره، أن زينة  ووالدتها نزحت لجنوب قطاع غزة بعد استهداف الاحتلال للبيت المتواجدين به، وعلى مدار أشهر مضت لم يلتقِ بهم، حيث كان فرحاً بها وهي تحبو وتناديه بابا خلال مشاهدتها له على الشاشة، كبرت زينه ولكنها عرفته، وعرفت من يكون، شعوره حين علم بذلك من والدتها كان رائعا".

 وفي وقت سابق، كتب الغول عن ابنته البكر، عبر الفيس بوك:"طالت الأيام هذه 9 شهور وبدأت زينة تركض، تتكلم ، تسأل ، تعرف كل شيء، تسأل وين بابا، صعب الشعور أن زينة بعيدة عني، تكبر دون أن أراها".

وتمنى الغول أن تنتهي هذه الحرب ليلتقي زينة ووالدتها، لكنه رحل ولم يلتقِ بهما. 

ومن جهتها أدانت شبكة الجزيرة الإعلامية استشهاد الغول وزميله الريفي، داعيةً المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية بحقوق الإنسان، ومنظمات حماية الصحفيين باتخاذ إجراءات عاجلة وعملية لوقف الجرائم المستمرة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الصحفيين والإعلاميين في غزة.

هذا وتتعهد الشبكة باتخاذ كل الإجراءات القانونية المتاحة لمقاضاة قتلة صحافييها، مؤكدة التزامها بتحقيق العدالة لهم ولأكثر من 160 صحفيًا قتلوا في غزة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.