زيارة بلينكن السادسة للإملاءات

بي دي ان |

24 مارس 2024 الساعة 02:38ص

الكاتب
وصل انتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركية الى جدة للقاء الأمير محمد بن سلمان يوم الأربعاء 20 مارس الحالي، ومن ثم زيارة القاهرة يوم الخميس 21 من مارس للقاء وزراء السداسية العربية بالإضافة للقاء الرئيس السيسي ووزير خارجيته سامح شكري، وأمس الجمعة 22 من الشهر التقى نتنياهو والكابينيت الإسرائيلي، من ثم اللقاء مع الرئيس عباس. وكما نعلم الزيارة هي السادسة لدول المنطقة، والسابعة لإسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023 خلال الستة أشهر الماضية من حرب الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني.
وتلازمت الزيارة مع إعلان وزير مالية إسرائيل مصادرة 8000 دونم من الاغوار أمس الجمعة، ومع تقديم واشنطن النسخة الخامسة المعدلة لمشروع قرار لمجلس الامن يدعو لأول مرة منذ بداية الصراع لوقف الحرب بشكل مستدام مرتبطا بتبادل الاسرى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والذي استخدمت ضده كل من روسيا والصين حق النقض الفيتو، وعارضته الجزائر، حيث تم التصويت عليه صباح يوم أمس الجمعة بتوقيت واشنطن، وكنت في أكثر من لقاء إذاعي وتلفزيوني حذرت من تمريره قبل التصويت عليه. لأنه ملغوم، اولا ربط الوقف للحرب بالأفراج عن الرهائن الإسرائيليين، في الوقت الذي يماطل ويسوف نتنياهو، ويضع المزيد من الشروط لتعطيل الوصول الى اتفاق ملائم للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مع ان المفاوضات بدأت يوم الاثنين الماضي 18 مارس، وعاد رئيس الموساد خال الوفاض، وغادر امس الجمعة تل ابيب الى الدوحة مع اركان الوفد بعد لقاء نتنياهو، وبعد اجتماع بلينكن مع مجلس الحرب الإسرائيلي، وثانيا كونه استخدم مفهوم "مستدام" وليس وقفا دائما للحرب، ووفق المعايير اللغوية فإن هناك فرق بين المفهومين، فالأول يسمح بإطالة امد الحرب، ويبقي الضوء الأخضر مفتوحا لإسرائيل، ويغطي دخولها لمحافظة رفح. لذا قطعت كل من الصين وروسيا الطريق على واشنطن، ومحاولتها استحضار القرار الدولي 242 حمال الأوجه.
وفي الوقت الذي يواصل الجيش الإسرائيلي القاتل عمليات القتل والابادة في ارجاء ومحافظات قطاع غزة وخاصة في محيط مستشفى الشفاء، حسب اعترافه العلني قتل ما يزيد على 140 انسانا فلسطينيا اعزلا، واعتقل 650 من المواطنين الذين لجأوا للمستشفى، والباقين مع من تواجدوا في معهد الامل للأيتام في شارع الوحدة، الذي لا يبعد عن المستشفى اكثر من 100 او 150 متر تم ترحليهم لمحافظات الوسط والجنوب، ومع مضاعفة حرب التجويع والامراض والاوبئة على أبناء الشعب، وتقنين دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، ومع تضاعف عمليات القتل والابادة الجماعية حيث ارتفع عدد الشهداء الى 32 الفا، وعدد الجرحى تجاوز ال74 الفا، وحدث ولا حرج عن عمليات التدمير الهائل الذي أصاب المساكن والمدارس والجامعات والمعاهد والمتاحف والمواقع الاثرية والمراكز الثقافية وإخراج الغالبية الساحقة من المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة، ان لم يتم تدمير أجزاء أساسية منها، كما فعل مجددا امس الجمعة في مستشفى الشفاء وتدمير دور العبادة من مساجد وكنائس والبنى التحتية والصرف الصحي بشكل كامل وغير مسبوق، حتى لم تعد غزة تشبه غزة قبل خمسين عاما. 
ومن الواضح من سياق ما سربته وسائل الاعلام الإسرائيلية والأميركية، أن رئيس الديبلوماسية الأميركية طالب قادة قطر بالتلويح بطرد قيادة حماس من الدوحة إن لم يرضخوا للشروط الصهيو أميركية، مع انه يعلم ان أعضاء المكتب السياسي في العاصمة القطرية لا يملكون التقرير بشأن الاستجابة للمطالب الإسرائيلية الأميركية من عدمها. لان القرار مازال بيد السنوار والضيف في غزة، ورغم ذلك سعى للضغط عليهم، كي يمارسوا نفوذهم على اقرانهم في غزة.
أضف الى ان الوزير الأميركي لم يحمل جديدا في حقيبته سوى وعود فضفاضة ولبيع الأوهام للعرب والفلسطينيين، الذين التقاهم في القاهرة اول امس، فلا هو معني بوقف الحرب فورا ودائم، ولا يريد في الحقيقة زيادة دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، ولا يريد وقف خيار التهجير القسري او "الطوعي" للمدنيين الفلسطينيين، ويرفض تأمين الحماية الدولية لأبناء الشعب في غزة، ويمارس التضليل والخداع بشأن الإعلان المتكرر عن الرغبة بإحلال السلام وتكريس خيار حل الدولتين، ولو كانت ادارته جادة في أي من النقاط الواردة أعلاه، لأمكنها إعطاء مؤشر واحد ليعكس مصداقيتها. بيد انها تماطل لكسب الوقت لتغطية مواصلة حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في محافظات الوطن المختلفة وتحقيق الحرب الإسرائيلية الأميركية السياسية والأمنية والاقتصادية، التي تتنافى مع أبسط معايير السلام.
ولا أعلم إن كان قادة السداسية العربية يدركون حقيقة التلاعب الأميركي فيهم أم لا. الامر الذي يفرض عليهم التدقيق جيدا في خلفيات وأهداف زيارة بلينكن اليهودي الصهيوني، وإدارة الصراع بما يحقق الأهداف الوطنية الفلسطينية، وإنقاذ الشعب الفلسطيني من المخطط الأميركي الإسرائيلي، وحماية الامن القومي العربي.
[email protected]
[email protected]