الإمعان في اختطاف الحقوق

بي دي ان |

22 فبراير 2024 الساعة 04:11ص

الكاتب
الدولة الإسرائيلية التي قامت على أساس قرار التقسيم الدولي 181 الصادر في 29 نوفمبر 1947 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي أكد على إقامة الدولة الفلسطينية العربية في ذات القرار، وتوقيع وزير خارجيتها الأول موشي شريت على التعهد بتنفيذ القرارين 181 و194 المتعلق بعودة اللاجئين الفلسطينيين، الذين طردوا من درياهم، وهي وثيقة موجودة لليوم في وثائق الأمم المتحدة، ومع ذلك رفضت دولة النفي والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني تطبيق أي من القرارين منذ 76 عاما خلت، ليس هذا فحسب، بل قامت باحتلال أراضي الدولة الفلسطينية كلها، ومازالت ترفض خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من يونيو 1967، وما يزيد على الف قرار اممي ذات صلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي بدعم وتأييد من الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها
وامعانا في اختطاف الحقوق الوطنية، امس الأربعاء 21 فبراير الحالي صادقت الكنيست الإسرائيلية بأغلبية 99 صوتا مقابل 9 أصوات ومقاطعة أعضاء حزب العمل الإسرائيلي، وتغيبوا عن جلسة التصويت على قرار رفض إسرائيل بشكل قاطع "الاملاءات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين". وترفض حكومة نتنياهو أي تسويات دون مفاوضات مباشرة وثنائية معها، وعدم الاعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية.
وبعد التصويت على القرار الاجرامي، والذي هو جزء لا يتجزأ من حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية والقانونية، وصف رئيس حكومة الحرب الإسرائيلية القرار ب"التاريخي"، وكتب نتنياهو في منشور له على موقع اكس "يؤكد هذا التصويت التاريخي على عزمنا الجماعي: اننا لن نكافئ الإرهاب بالاعتراف الأحادي الجانب ردا على مذبحة السابع من أكتوبر / تشرين اول، ولن نقبل الحلول المفروضة." وتابع التأكيد على صلفه وصلف الغالبية الساحقة من الموالاة والمعارضة الإسرائيلية، ان "هذا الموقف يبعث برسالة قوية الى العالم مفادها أن السلام والأمن لإسرائيل سوف يتحققان من خلال المفاوضات، وليس من خلال الإجراءات الأحادية الجانب."
ويأتي هذا التصويت على القرار مع اتساع وارتفاع الأصوات الدولية المنادية والداعية لضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 بما في ذلك إدارة بايدن الأميركية، لذا ارادت الدولة اللقيطة الإسرائيلية قطع الطريق على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ودفع اللوبيات الصهيونية وانصار دولة البغي والعدوان والإرهاب في العالم للضغط على دولهم وخاصة في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لعدم الاقدام على الاعتراف بفلسطين بذرائع ما حدث في السابع من أكتوبر 2023، والتنكر للقرارات الدولية ذات الصلة، وخاصة القرار 181، التي سمحت بانشاء إسرائيل والاعتراف بها امميا. وهو ما يعني مواصلة إسرائيل ومن يتساوق معها انتهاك القرارات الأممية جميعها دونما استثناء، والاستمرار في اختطاف الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، وحرمان الشعب العربي الفلسطيني من حقه في الحياة، ليس هذا فحسب، بل واستمرار مواصلة حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد أبنائه في عموم الأرض الفلسطينية التاريخية.
والاسئلة التي تطرح نفسها على إسرائيل المارقة والخارجة على القانون الدولي، ماذا عما سبق السابع من أكتوبر من 76 عاما خلت؟ ولماذا لم تلتزم بما وقعت على حكومة بن غوريون الأولى في تنفيذ القرارين 181 و194؟ ولماذا قامت بمواصلة حروبها الاجرامية على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، واغتصبت كل الأراضي الفلسطينية، ولم تتوقف عن عمليات النهب والاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية حتى يوم الدنيا هذا 139 من حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ ومن الذي أوقف المفاوضات ورفض مواصلتها، وادار الظهر لها منذ مطلع عام 2014؟ ومن الذي غطى انتهاكات الدولة الإسرائيلية، وحماها من القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي والمساءلة عن ارهابها وجرائم حربها ومجازرها ومحارقها ضد الشعب الفلسطيني؟ ومن هو الذي عطل واستباح الشرعية الدولية وقراراتها ومعاهداتها الأممية، ووضعها فوق القانون، وانتهاك وخرق كل الاتفاقات المبرمة معها؟
كما ان القرار الإسرائيلي الجديد القديم يحتم على القيادة الفلسطينية وهيئات منظمة التحرير الفلسطينية القيادية وخاصة اللجنة التنفيذية والمجلسين المركزي والوطني اتخاذ القرارات المناسبة والرادعة من خلال تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، التي مضى عليها 9 سنوات منذ العام 2015، وإلغاء الاعتراف بإسرائيل، والذهاب للأمم المتحدة والاقطاب الدولية ذات الصلة ومساءلتها عن عدم تنفيذ القرارين انفي الذكر، ومطالبة الأمم المتحدة وهيئاتها المركزية الجمعية العامة ومجلس الامن بسحب الاعتراف بإسرائيل كدولة ما لم تعترف بالدولة الفلسطينية، وتفرض عليها الانسحاب فورا من أراضي الدولة الفلسطينية، وإزالة مستوطناتها الاستعمارية من الأراضي الفلسطينية كافة وفي طليعتها القدس العاصمة لفلسطين، وطبعا وقف الحرب فورا لكل الدواعي الإنسانية والسياسية والقانونية، والالتزام بقرارات الشرعية الدولية. فهل نرتقي لمستوى المسؤولية الوطنية والقومية والإنسانية تجاه الشعب ومصالحه الوطنية العليا؟
[email protected]
[email protected]