اديلسون مات مهزوما

بي دي ان |

31 يناير 2021 الساعة 08:19ص

رحل رجل الكازينوهات، وصانع الملوك، شيلدون أديلسون في 11 يناير الحالي (2021)عن عمر ناهز ال88 عاما بعد هزيمة حليفه دونالد ترامب في الإنتخابات الأميركية الأخيرة، الذي صب في حملته الإنتخابية الأخيرة ما يقارب ال30 مليونا من الدولارات، وحوالي 176 مليونا قدمها دعما للحزب الجمهوري. مما اهله لإن يكون صاحب باع طويل، ونفوذ قوي في اوساط الجمهوريين عموما، والأفنجليكانيين خصوصا. وبلغت ثروة الصهيوني المتطرف 40 مليار دولار، التي جمعها من كازينوهات القمار في لاس فيغاس، ونتاجها احتل الرقم الثامن بين اباطرة رأس المال المالي. رغم انه ولد عام 1933 في بوسطن بولاية ماساتشوستس لاسرة يهودية فقيرة مكونة من اب وام و3 ابناء، هاجرت من اوروبا الشرقية. وعمل في بداية حياته سائق تكسي، بيد انه مع الانتقال إلى لاس فيغاس، ودخوله عالم المقامرة والكازينوهات تغيرت أحواله، ودخل عالم الكبار.
والمعروف عن اديلسون انه يميني متطرف، وعميق الولاء للصهيونية، لهذا اسس مع زوجته الثانية مريام الجمعية الخيرية "اديلسون فاونديشن"، التي كرساها لدعم الاستعمار الصهيوني على فلسطين، ولتعزيز خياره اسس صحيفة "يسرائيل هيوم" لمنافسة صحيفتي "يديعوت احرونوت" و"معاريف"، حتى باتت الصحيفة الإسرائيلية الأولى، كونها توزع مجانا يوميا، وأوجدها لدعم حليفه الفاسد، بنيامين نتنياهو. فضلا عن مساندته لرئيس وزراء إسرائيل في حملاته الإنتخابية.
عمل اديلسون على استثمار دعم حليفيه المقربين ترامب، الرئيس الأميركي المهزوم، ونتنياهو، رئيس حكومة تسيير الأعمال المطارد بقضايا فساد عديدة لتحقيق عدة اهداف، منها: اولا تبني صفقة القرن المشؤومة؛ ثانيا الدفع بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل الإستعمارية؛ ثالثا نقل السفارة من تل ابيب إلى القدس؛ رابعا محاصرة وتضييق الخناق على الفلسطينيين سياسيا وماليا، خامسا الدفع بضم المنطقة المصنفة (C) والتي تقدر مساحتها بحوالي 61% من اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة في الخامس من حزيران 1967؛ سادسا تبديد خيار حل الدولتين سابعا إسقاط خيار السلام كليا؛ ثامنا دعم كل القرارات الصهيونية العنصرية وعلى رأسها تمرير قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية"، الذي صودق عليه في تموز 2018.
هذا الصهيوني الرجعي والقبيح شعر بعد هزيمة حليفه المقرب (دونالد ترامب) انه خسر رهانه على تحقيق الصفقة الملعونة، لإن الرئيس الجديد، جو بايدن رفضها، ولم يتبنَ محدداتها السياسية والديبلوماسية واللوجستية، رغم انه لن يعيد السفارة ثانية لتل ابيب، إلآ انه في القضايا الاخرى، التي اعلن عنها نائب المندوب الأميركي في مجلس الأمن قبل ايام، الإلتزام بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، إعادة وتجسير العلاقات مع القيادة الفلسطينية، فتح الممثلية الأميركية في القدس، وفتح الممثلية الفلسطينية في واشنطن، إعادة المساعدات المالية للسلطة، وايضا اعادة الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وتشجيع عملية السلام، ورفض الضم والإستيطان الإستعماري، والإجراءات احادية الجانب. الأمر الذي اثر على صحة رجل المال الصهيوني، وتركه عليلا حتى فارق الحياة، وبات من الماضي السحيق.
سقط شيلدون اديلسون مهزوما، وغادر مسرح الحياة فاقدا الأمل بالمشروع الصهيوني. لا سيما وان حليفه الإفنجليكاني غادر البيت الأبيض يغطيه العار، والإتهام بالتحريض على الفوضى والفلتان الأمني، وتهديد الأمن القومي الأميركي، وضرب ركائز العملية الديمقراطية. والآخر يتجه بخطى حثيثة نحو الزنزانة، التي تنتظره منذ سنوات. مع ان إستطلاعات الرأي الإسرائيلية مازالت تشير إلى تقدمه على أقرانه من القوى الصهيونية، بيد انه لن يتمكن من تشكيل الحكومة القادمة بعد 23 آذار القادم.
مات ملك الكازينوهات ولم تمت القضية الفلسطينية، ولا خيار السلام، رغم كل الإنتهاكات وجرائم الحرب الإسرائيلية المروعة واليومية ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني. وسيدفن حليفيه في السجون احياء لجرائمهما، وإنتهاكاتهما الخطيرة، ليس ضد الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا فقط، وانما ضد المجتمعين الأميركي والإسرائيلي. وسيموت كل أعداء فلسطين وقضيتها وشعبها، وينتصر خيار السلام الممكن والمقبول وفق قرارات ومرجعيات السلام الأممية.
[email protected]
[email protected]