غباء وإفلاس أردان

بي دي ان |

27 سبتمبر 2023 الساعة 12:16ص

الكاتب
تكشف الأيام بؤس العقل السياسي الصهيوني، المتكأ على النزعة الاستعلائية والغطرسة والعنصرية، والمتسم بالكذب والافتراء وتزوير حقائق التاريخ، والمرتكز على سفسطات الاساطير اللاهوتية الخرقاء، والتأويلات الطائشة والصبيانية للايات والاسفار الدينية، المتنافية مع ابسط معايير المنطق العلمي. لذا ظل اسير هرطقات الحاخامات والايديولوجيين الأرثوذكس المتطرفين، الذين استوطنت في وعيهم ولا وعيهم النظرة الفوقية والغرور، نتاج ما نضحوه من مستنقع وعيهم المؤسطر، وجهلهم بقيمة ومكانة مطلق انسان، كأنسان مساو لاخيه الانسان بغض النظر عن مكانته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومعتقده او فكره او جنسه او عرقه، وجميع بني البشر متساوون امام الله والقانون، وهو ما ينفي التفسير السطحي والساذج لمقولة "شعب الله المختار"، المرهونة بزمان ومكان محدد، ولا تتسم بالتعميم والاسقاطات اليهودية الصهيونية، التي تفترض ان شعوب الأرض "اتباع وعبيد" عند اليهود، لانها فرضيات متهافتة ومشوهة وتفتقر للعقل السياسي الإنساني.
آسف استطردت بعض الشيء في المدخل، للرد على العجرفة والعنصرية المقيتة والفاشية المنفلتة من عقالها في أوساط النخب السياسية والحريدية الصهيونية، لا سيما وانهم جميعا مسكونون بهذه الهرطقات، حتى لو بدا أي منهم لبعض الوقت يتقمص المنطق العقلي، ويعلن اقراره بالمساواة مع الآخر.
ونموذج من النخب الإسرائيلية الفاجرة، وفاقدة الاهلية السياسية والقانونية والأخلاقية، عنوانها جلعاد اردان، ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة، الذي دعا حكومته الفاشية الى العمل على إقناع الدول الأخرى، أن "رحيل عباس، رئيس السلطة الوطنية خطوة ضرورية"، معتبرا ان السلطة كيان معاد. وفق صحيفة "جيروزاليم بوست" يوم السبت الموافق 16 أيلول / سبتمبر الحالي. لانه واقرانه في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، يفترضون ان قيادة السلطة بمثابة سلطة "تابعة لها" وعليها "تنفيذ الاملاءات الإسرائيلية"، وتقبل العمل ك"أداة وظيفية" عند دولته الكولونيالية الاجلائية الاحلالية. ولم يسأل اردان المارق نفسه، لماذا دول العالم تدافع عن الحق الفلسطيني، وتصوت لصالح القضية الفلسطينية؟ هل تصويتهم عن غباء، او عدم ادراك للحقائق، ام العكس صحيح، لانهم يروون جرائم حرب حكومات دولته الاستعمارية، ويعوون انها معادية مع خيار السلام؟
وأضاف مطلقا العنان لمنطقة الغوغائي الاستعلائي العنصري، والرافض لدفاع الرئيس محمود عباس عن شعبه، وعن حقوقه السياسية والقانونية، ومطالبه ب"الصمت والاستسلام" امام جرائم حرب دولته اللقيطة، وعدم قول كلمة "أخ"، فقال "إن التصريحات التي اطلقها رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس هذا الأسبوع تثبت ان الانتقادات المستمرة الموجهة لإسرائيل تبدو في غير محلها،" وما هي التصريحات التي تجوز لتكون في محلها؟ وتابع رافضا مواقف الدول المنادية بالتزام إسرائيل بخيار السلام، فقال، أن كل الضغوط التي تمارسها دول الأمم المتحدة على إسرائيل بشأن القضية الفلسطينية، وكل الحديث ليس له أي صلة على الاطلاق طالما أن زعيم الفلسطينيين يتصرف على هذا النحو. وما هو الممكن من دول العالم من قبل إسرائيل؟  
وتطاول على الرئيس أبو مازن، متجاوزا كل القيم السياسية والديبلوماسية والقيمية، عندما قال، أن عباس "فقد عقله، ولم يعد له أي أهمية، كان علينا أن نوضح للعالم أن الفلسطينيين، وخاصة عباس يروجون إنكار المحرقة وتشويهها." وتابع ملخصا موقفه، ومناديا بضرورة "إزاحة عباس من الساحة." وداعيا الحملة الإسرائيلية التركيز على هذا الخيار الاجرامي، الذي يعكس بلطجة وفاشية دولة الخزر الفاشية. فأما يكون الزعيم الفلسطيني "مخصيا" و"تابعا لدولته"، وأما عليه الرحيل، وكأن الشعب العربي الفلسطيني، الذي دافع، ومازال يدافع عن حقوقه الوطنية منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى اليوم، ناضل وقاتل وقدم عشرات الاف من الشهداء والجرحى والأسرى، وقدم التضحيات الجسام من اجل ان يفصل لإسرائيل الخارجة على القانون والمارقة رئيسا على مقاسها، كما سعد حداد او أنطوان لحد في إمارة جنوب لبنان، التي زالت عن الوجود في أيار / مايو 2000، وزال الوجود الإسرائيلي معها آنذاك.
وادعى ذلك الصهيوني الارعن والطائش، انه لا يوجد شريك فلسطيني؟ والسؤال هل هناك شريك إسرائيلي من أصله؟ هل هناك قائد إسرائيلي واحد كان مستعدا لدفع ثمن السلام؟ الم تغتالوا إسحاق رابين في تشرين ثاني / نوفمبر 1995 لانه وقع اتفاق أوسلو المشوه، ولم يوافق على إقامة الدولة الفلسطينية؟ والم تعتقلوا ايهود أولمرت لانه ابدى الاستعداد لاجراء مفاوضات تقبل القسمة على عملية السلام وخيار حل الدولتين. رغم انه لم يحدد حدود الدولة الفلسطينية، ولا حدود عاصمتها القدس الشرقية؟ وعن أي سلام تتحدثون؟ الستم من صادق على قانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" عام 2018، الذي ضمنتوه رفضكم الكامل لاي حق تقرير مصير للشعب العربي الفلسطيني؟ والم تقروا قوانين العلم والنكبة وكامنيتس وغيرها من القوانين العنصرية المعادية والرافضة حق الفلسطيني بالدفاع عن روايته وعلمه ورمزياته الوطنية.
لن اناقش ما جاء في تصريحك، عن رفضك لذهاب القيادة الفلسطينية لمحكمة العدل الدولية لتحديد طبيعة الاستعمار الاجلائي الاحلالي الإسرائيلي، لاني اجبت عليه آنفا، كونكم ترفضون مبدأ السلام، وتعملون ليل نهار على تهشيم وتدمير خيار حل الدولتين، وتسعون للسيطرة الكاملة على فلسطين التاريخية. وبالتالي عليك، وعلى قيادتك الصهيونية الفاشية ان تعلموا جيدا، ان الرئيس عباس، هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وهو رئيس حركة التحرر الوطني، ولن يحيد قيد انملة عن اهداف وثوابت الشعب العربي الفلسطيني مها كانت التضحيات. والشعب وقواه ونخبه الحية لن يرفعوا الراية البيضاء لإسرائيل ومن يقف خلفها، ولن يتنازلوا عن حقوقهم وثوابتهم الوطنية. ولن يقبل الشعب الفلسطيني اية املاءات إسرائيلية او أميركية او غيرها، بالضرورة القيادة الفلسطينية ستمارس التكتيك وتعتمد المناورة وتدوير الزوايا وفقا لاستراتيجيتها الوطنية، حتى تحقيق كامل الأهداف الوطنية. واترك الباقي لك لعلك تدركه، وتكف عن اعتماد سياسة الغباء والاستهبال والفوقية الوهمية، لان يد الدفاع والكفاح الوطني الفلسطينية، هي الأعلى كونها تنسجم مع قوانين الشرعية الدولية.
[email protected]
[email protected]