الجزء الثاني من سيرة المهندس نهاد شعبان سليم شبير... كفاحه ونضاله والمعارك التي خاضها ضد الاحتلال

بي دي ان |

17 سبتمبر 2023 الساعة 04:09م

المهندس نهاد شبير
الجزء الثاني من سيرة المهندس نهاد شعبان سليم شبير... كفاحه ونضاله والمعارك التي خاضها ضد الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين المحتلة في ألمانيا وأوروبا والكويت ومصر ولبنان وتونس والجزائر وغيرها، وتحدياته لرجال الاستخبارات الصهيونية أثناء مسيرته العلمية والحركية والنضالية، وجهوده في الثورة الفلسطينية وميدان القضية الفلسطينية، قصته في مطار القاهرة الدولي، رفقاء دربه من القادة والمناضلين، وفاته:
ماذا عسانا أن نقول في رجل من رجالات فلسطين ومناضليها وقادتها وثوارها؛ عرفته الثورة الفلسطينية بالعقل المخطط والمدبر والمكافح، ورجل الأمن من الطراز الفريد رحمة الله عليه، اسمه الحركي "نهاد يوسف"؛ تلك الشخصية القيادية الفذة والنادرة، والذي لم يكن يوماً ما حريصاً على الظهور الإعلامي لحساسية موقعه وعمله والأدوار والمناصب المناطة به، فقد كان متقشفاً جداً وزاهداً، محرماً على نفسه أموال الثورة والثوار التي كانت بين يديه وبحوزته ، ولم يكن يوماً ما نفعياً، بل كان مؤتمناً من قبل جميع جهات وهيئات الحركة والثورة الفلسطينية؛ وقد نظم العديد من الطلبة الفلسطينيين والعرب في ألمانيا وأوروبا في صفوف حركة فتح والثورة الفلسطينية؛ ومنهم على سبيل المثال: الدكتور المهندس/ عدنان نايف سمارة مستشار السيد الرئيس/ أبو مازن لشؤون الإبداع ورئيس المجلس الأعلى للإبداع والتميز، وقد شكل برفقة المناضل هاني الحسن والأخ عدنان سمارة لجان للبحث العلمي برئاسة الشهيد الرمز ياسر عرفات؛ كان هدفها رص صفوف أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات ومخيمات اللجوء، والفصائل الفلسطينية الأخرى بعد هزيمة حزيران عام 1967م، واحتلال اليهود للقدس والضفة وقطاع غزة وشمال سيناء. عندما انتهت الحرب في لبنان تم توزيع القيادة فكان نصيب نهاد يوسف في دولة تونس، ولكنه من صفاته أنه ثائر الظل، فطلب من القيادة أن يذهب مع الثوار إلى الجزائر، وفعلا ذهب إلى معسكرات الثورة بالجزائر، وكان ضمن الثوار، وأثناء تجوال القيادة العسكرية في المعسكر قام نهاد يوسف كباقي الثوار، هنا تعرف عليه قائد المعسكر فبرؤية نهاد يوسف ضرب قائد المعسكر التحية لنهاد يوسف، وأبلغوا قيادة الثورة، ومن ثم نقلوه للفندق، نهاد يوسف رجل مبادئ وثائر لم يعرف المغانم، فبعد ساعات ترك الفندق وهناك قال قولته المشهورة الرجل الثائر في الخنادق وليس في الفنادق... فبعد ذلك ماذا حصل؟ بدأ التحضير لأسلوا وبدأت المحادثات السرية، ولأنه رجل المبادئ والرجل الثائر لم يكن مع أسلوا ونأى بجانبه، نهاد يوسف الثائر عميق الفكر والرؤية، ومؤمن بتحرير فلسطين إيماناً منقطع النظير وهو الذي كان يردد ويعلم بحتمية النصر... وعندما أعلن شارون حربه على الثورة الفلسطينية في لبنان، واجتاح بيروت عام 1982م، والذي أطلق عليها عملية السلام أو الصنوبر في اعتقاد أن العدو سيعمل على قص العشب وتطهير لبنان من الثورة الفلسطينية والثوار وإنهائها، خلالها استدعى القائد الزعيم أبو عمار كل الثوار من الخارج، فانطلق القائد/ نهاد يوسف ملبياً نداء الثورة والثوار إلى لبنان وغادر ألمانيا سراً برفقة عدد كبير من الثوار إلى بيروت، وقد خاض الحرب وحصار بيروت برفقة القائد الرمز أبو عمار الذي كان يناديه دائماً: وينك يا نهاد يوسف تعالى بجواري، حيث كان مرابطاً في مركز التخطيط العام لإدارة الحرب مع العدو، وقد تعرض لمحاولات اغتيال عديده برفقة الشهيد أبو عمار أثناء حرب بيروت، وعاش حصار بيروت قرابة التسعون يوماً في بيروت برفقة القائد أبو عمار والثوار والقادة والمقاتلين، وكان يضرب له التحية من قبل القيادة العسكرية أثناء المعركة وحصار بيروت إلى أن تم خروج المقاومة والثوار والمقاتلين من بيروت، بعدها توجه إلى تونس الخضراء بمدينة سلوى على شاطئ البحر، وقد رفض المناضل والثائر المهندس/ نهاد البقاء في هذا المكان محتجاً على الحالة الجديدة التي يعيشها ثوار الثورة الفلسطينية والمقاتلين والنضال منها، واستقر به المطاف في الجزائر ... المهندس/ نهاد يوسف من أوائل رجالات الثورة الفلسطينية الأفذاذ، وأوائل رجال حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" ومن الرعيل الأول، وأحد الرجال الذين عملوا على ترسيخ جذور حركة فتح؛ لزراعة الأمل في نفوس أبناء الأمة العربية والإسلامية، وكذلك بين أبناء الشعب الفلسطيني المحتل وفي الشتات وقد كان المناضل الثائر المرحوم بإذن الله نهاد يوسف عاشقاً لحركة فتح والثورة الفلسطينية ولمبادئها ومسلكياتها، فهو من الأوائل الذين شاركوا في كتابة المسلكيات الثورية والمبادئ الأمنية وهو من الأعضاء الذين أسسوا جهاز (الرصد الثوري لحركة فتح (هو اسم المخابرات الفلسطينية العامة فيما بعد، وكذلك لجان البحث العلمي، وعمل من خلال ترأسه لاتحاد الطلبة الفلسطينيين بألمانيا في أول تشكيله له، ثم انتخب على مستوى أوروبا، وكان لا يؤمن إلا بالعمل الثوري والأمني العميق والدقيق والجاد؛ لأنه ثائر ومناضل وباحث عن الحق لقضيته الفلسطينية؛ وقد رفض أن يأخذ الجنسية الألمانية لاعتزازه بفلسطينيته وثقته العالية بحق العودة القريب لوطنه فلسطين وعاصمتها القدس، المهندس/ نهاد يوسف؛ كما كان يطلق عليه العنيد صاحب الشخصية الحركية القوية والذي تتلمذ على يديه العديد من قيادات الثورة الفلسطينية من الرعيل الأول المؤسس، وقد كان معلماً وملهماً لكثيرٍ من القيادات الفلسطينية، وكان دوماً يردد بحتمية النصر... وقد حدثني أنا/ نعيم كامل شبير المرحوم خالي/ يوسف شعبان شبير أبو فتحي مواقف متعددة عن التحديات التي خاضها المهندس/ نهاد شعبان شبير لرجال الاستخبارات الصهيونية؛ فقال لي: كانت المخابرات الصهيونية تستدعي خالي أبو فتحي إلى مكتب المخابرات بمقر الحاكم العسكري بمدينة خان يونس وتطلب منه أن يكتب رسالة بخطه تمليها عليه المخابرات الصهيونية ليتم إرسالها إلى الخال نهاد في ألمانيا ليتم اصطياده ومعرفة ما يفكر به هو ومجموعاته وتحركاته وتترصد كل مخططاته ومخططات الثورة والثوار؛ وقد اكتشف الخال نهاد ذلك وتنبأ بما تحاول أن ترمي إليه المخابرات الصهيونية، واكتشف اللغة والأهداف من هذه الرسائل المفبركة وأنها ليست من كتابة الخال أبو فتحي بل هي إملاءات رجال المخابرات الصهيونية، لكنها بخط الخال يوسف أبو فتحي الذي كان مميزاً ومعروفاً للخال نهاد؛ فلم يتساوق معها أو يرد عليها، لدرجة أن الخال نهاد قطع المراسلة إلى أهله عشرات السنين، حتى أن بعض الأوقات ساد الاعتقاد بأنه توفى.
المهندس/ نهاد شعبان المعروف حركياً بنهاد يوسف رافق قادة الثورة الفلسطينية والشهيد الرمز ياسر عرفات أبو عمار في مؤتمر المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد بالجزائر عام 1988م وقد أعلن فيه قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس العربية.
له مواقف صلبة ورافضة وخصوصاً اتفاقية أوسلوا ومعاهدات السلام مع الكيان الصهيوني الغاصب، وكان شعاره القوة القوة ... والعودة العودة ... والنصر النصر... وقد رفضت حكومة العدو الصهيوني نزوله مع السلطة الوطنية في عام 1993م لمعرفتها بموقفه وشخصيته الرافضة للاتفاقية وهو لم يكن راغباً في النزول على أثر اتفاقية أوسلوا التي مر عليها الآن ثلاثون عاماً دون أن تنفذ، إلاَّ أن أبو عمار قد أصرَّ عليه لكن الاحتلال رفض ذلك بتاتاً... ومن رفقاء دربه أيضاً في حركة التحرر الوطني الفلسطيني "فتح" المرحوم المناضل/هاني الحسن والمرحوم المناضل/ خالد الحسن والأخ المناضل/ عبد الله الأفرنجي، والمرحوم المناضل/ أمين الهندي، والمناضل/ يحيى أسعد عاشور وآخرون لا داعي لذكرهم، وكذلك الأخ المناضل/ عوض حجازي أول مدير عام لوزارة الداخلية الفلسطينية، وهنا وقفة حصلت معي أنا/ محمد كامل شبير؛ حيث مضى لي مع خالي قرابة عام في الجزائر أدرس بجامعة وهران قسم العلوم الطبية والمختبرات التي كان خالي مقيماً ويعمل بها عمله كمستشار لمصنع الحديد والصلب بمدينة عنابة بقرار من فخامة الرئيس الشاذلي بن جديد، وحركياً لخدمة الثورة الفلسطينية، فعرفته عن قرب وكان بيني وبينه روح جميلة فطلبت من خالي نهاد أن يتدخل بالحصول على قبول جامعي لأخي الأستاذ/ أيمن حينئذ، فحبه لي أعطاني رقم الدكتور/ عوض حجازي وكان حينها مسؤول البعثات التعليمية بتونس، وعلى التلفون بمكالمة عرفته أن نهاد أبو خالد خالي، وقد تم قبول أخي أيمن حينها بالجامعة في جامعة الجزائر، وأرسلت له القبول وحضر، وأنجز الليسانس في علم النفس بتفوق. قصته في مطار القاهرة الدولي عندما ذهب لزيارة الحاجة الوالدة/ أمه أم يوسف في مصر، فوجد اسمه من قائمة المحظورين وانقلبت مصر كلها والمطار كيف ذلك؟؟؟ وتدخلت قيادات كبيرة من اللواءات ورجال الداخلية وأزالوا الحذر (المنع) ولكنه رفض وأبى أن يدخل القاهرة لعزة نفسه وصوناً لكرامته، وبعدها تم ترحيله وعاد من حيث أتى... إنه الثائر الذي يرفض الإهانة والإذلال والدنية ... وأنا / محمد كامل شبير كان لي الشرف الكبير أن أدرس بالجزائر بعد أن أرسلت شهادة الثانوية للخال نهاد عن طريق ابن العم م. محمود جميل شبير أبو وازن، ثم سافرت على الأردن ومن ثم انتقلت إلى ليبيا وحصلت على قبول فيزياء حينها، وفي شهر 12 جاءت لي رسالة بقبولي بالجزائر من طرف الخال نهاد، وسافرت إلى الجزائر في 17/1/1988، فكان يوم ممطراً وشديد البرودة، فإذ به يقابلني في مطار هواري بن مدين واضعاً ورقة على صدره واسمي عليها، فلمحته عن بعد فعرفته ثم قرأت الورقة، والمفارقة التي شاهدتها لأول مرة في حياتي بالشبه الذي بينه وبين أخي الدكتور/ نعيم يشبه بدرجة 90%، فتم العناق وشعرت بقوة هائلة من الحنان، وقوة جبارة في التفكير، وقوة عظمى في أنه حقيقةً الرجل الثائر/ نهاد يوسف، وارتحلنا على ولاية عنابة مباشرة، وهناك جلست في بيته المتواضع، وهو مكون من 30م، وعبارة عن غرفة 3 في 4، وصالة حوالي 4 في4 وحمام 50 سم في متر، وبدأ يحاورني ويحدثني عن كل شيء وشعرت بأنه يعيش بيننا بل هو الساكن في فلسطين ولم يتركها مدة أربعون عاماً وأنا الغريب عنها لدقة معلوماته وجمال وصفه للبلاد والعباد وأسئلته الذكية ونظراته التي تحمل الكثير من الأمل والحب والحنان... نهاد يوسف رجل الثورة رجل صلب فلم يؤمن بترف الثورة، وشخصيته مركبة، تجمع بين التكوين العقلي في المواقف الخاصة بالثورة والقضية ومستقبلها، والتكوين العاطفي الخاص بقضايا أسرته ووالديه وإخوانه وأخواته، إضافة إلى أنه كان لدية حساً شفافاً عالياً يعي الأمور ويتوقعها قبل حدوثها، كان يحلم أنه عائداً إلى فلسطين ومسقط رأسه وبين عائلته والأرض، ليزرع فيها ويتمتع بخيراتها كأي فلسطيني، وما زال الأمل بالله وحده، وكان دوما يردد بحتمية النصر أو الاستشهاد... أنه نهاد شعبان يوسف شبير أبو "خالد"... شهيد الغربة وشهيد المرض... أنه الخال الذي أمضيت معه أجمل أوقات عمري، وتعلمنا منه وتأثرنا بشخصيته العميقة، كيف لا ؟؟؟ وقد كنا نجالسه ونستمع لأحاديثه ونصائحه وإرشاداته وتحليلاته، وأفكاره، وكنا نهاتفه تلفونياً بالساعات، وكان له جميل الأثر في بنائنا فكرياً وعلمياً واستراتيجياً... وقد توفى، عن عمرٍ ناهز إحدى، وستون عاماً، وسبعة أشهر ونصف؛ حيث كان يحلم بذرة من تراب أرض المنجلة أو القدس. لكن قدر الله لا مفر منه فقد باغته مرض السرطان وكان في الدم وجلس على فراش المرض ثم جاء الأجل وتوفى بعد صراع مع المرض دام ثلاثة أشهر بتاريخ 27/أكتوبر/ 2000م.
انه نهاد يوسف صاحب المسلكيات الثورية لحركة التحرير الفلسطينية ومن أوائل رجالات الفلسطينية..
كان معلم وملهم لكثير من القيادات الفلسطينية وكان دوما يردد بحتمية النصر..
عضو مؤسس لجهاز (الرصد الثوري لحركة فتح (وهو المخابرات الفلسطينية العامة ..
رحم الله روحاً أثرت فينا، ورحم الله روحاً آثرت الغربة عن التنازلات والرفاهية، فمات وهو غير متخم بالمال والملابس والقصور والسيارات، فنالت الشهادة بعد صراع مع المرض..
فمات وهو يردد شعاراً كتبه وآمن به إنها لثورة حتى النصر.. حتى النصر، فحتمية النصر تعانقت مع روحه الطاهرة..
رحم الله تلك الروح الطاهرة التي ماتت وهي تحلق بروحها أنها ستعانق يوما ما مع قدسنا التليد وأقصانا الشريف.
الدكتور/ نعيم كامل شبير ... الدكتور/ محمد كامل شبير ... الرياض/ غزة هاشم