تقرير خاص..

"تنصل المسؤولين".. هجرة الشبان الغزيين في زيادة مقلقة والسبب؟! "صور"

بي دي ان |

05 سبتمبر 2023 الساعة 12:23ص

صورة أرشيفية

دفعت صعوبة الواقع المعيشي والاقتصادي في قطاع غزة، عشرات الآلاف من الشباب بل عائلات بأكملها في الهجرة إلى الخارج، بحثًا عن فرص عمل ومستقبل وحياة كريمة، فيما يواجه هؤلاء المهاجرون، أثناء السفر بين الدول، مخاطر جمة، تصل بهم إلى حد الخطف وابتلاع مياه البحر لجثتهم والفقدان. 

ظاهرة الهجرة من القطاع إلى الخارج، بدأت تأخذ منحى متصاعدًا في السنوات الأخيرة، في ظل ارتفاع مؤشرات الفقر والفقر المدقع والبطالة لا سيما بين أوساط الشباب والخريجين، علاوة عن فقدان الأمل في المستقبل وانسداد الأفق السياسي والاقتصادي، وتنصل المسؤولين.

 آمالٌ شبابية في قبضة الأيام الصعبة..


الشاب ناصر علي، ويبلغ من العمر (29 عامًا)، والمتواجد حاليًا في ألمانيا، كان السبب الرئيسي في هجرته منذ ثلاثة سنوات، هو صعوبة حصوله على وظيفة رسمية وغير رسمية في مجال تخصصه المحاسبة، بعد تخرجه من الجامعة بتقدير جيد جدًا في العام 2016.

ويقول علي، من سكان محافظة شمال قطاع غزة، في حديثه مع "بي دي ان": إن "هذه الصعوبة في الحصول على وظيفة، أو بطالة واحدة، رغم الجهود المتواصل الذي بذلته في ذلك، إضافة إلى ضبابية المستقبل في غزة، دفعتني بقوة للهجرة للخارج".

ويضيف المهاجر، أن "هجرتي إلى الخارج، كانت لسبب واحد، هو الحصول على فرصة عمل وحياة كريمة، أكون قادر من خلالها على تكوين مستقبلي".


 

رحلةٌ بين الموت والحياة..

لكن هذه الهجرة، لم تكن سهلة على الشاب الأعزب علي، حيث واجه في بداية الأمر صعوبة في توفير تكاليف السفر الباهظة، وأيضًا تحديدات أخرى عند الوصول إلى المحطة الأخيرة، وهي أوروبا. 

وبلغت تكلفة السفر، كما يقول علي، نحو أربعة آلاف دولار، وعند الخروج من الأراضي التركية إلى اليونان، بطريقة غير شرعية، تعرض إلى الملاحقة من قوات حرس الحدود والكلاب البوليسية، عند الحدود بين الدولتين، ورغم ذلك تجاوزتها في مرات عدة بصعوبة عالية.

وانتهى المطاف به، وهو الابن الثانية لعائلته المكونة من ثمانية أفراد، في الوصول إلى الأراضي الألمانية بعدما مكث في اليونان، ودول أوروبية مجاورة لها، أشهر عدة، وحصوله على طلب اللجوء.

ولم يكن سهلاً، على علي الاندماج في المجتمع الأوروبي في بادئ الأمر، ويقول الشاب: إن "تحديات جمة واجهتني أثناء السفر، وهي الاندماج في المجتمع، وتعلم اللغة الأجنبية"، حيث استمر في تعلم اللغة، أكثر من عام، قبل أن يتمكن من إيجاد ابجدياتها لاحقًا، وكانت بداية الطريق بحصوله على فرصة عمل، أجرها متواضع.



 

أرقامٌ قياسية واتجاهاتٌ تصاعدية..

وتنطبق حالة الشاب علي، على أغلب الشباب الغزيين المهاجرين، والذين يتنقلون الآن بين الدول بطرائق غير رسمية، وفي المقابل، ما زال آلاف الشبان، وبسبب سوء أحوالهم وأحوال أسرهم المالية، يفكرون بالهجرة في المستقبل.

وبحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل نحو 379 ألفاً في الربع الثاني 2023؛ بواقع 245 ألفاً في قطاع غزة، ونحو 134 ألفاً في الضفة الغربية.

الحقوقي مصطفى إبراهيم، يؤكد، أن معدلات الهجرة من قطاع غزة، ارتفعت، موضحًا أن المؤشرات تؤكد أنها تسير في اتجاهات تصاعدية.

وقال إبراهيم، في حديثه مع "بي دي ان": إن "ارتفاع معدلات الهجرة، يُقابله حالة من التجاهل أو عدم الاهتمام الجدي بهذه الظاهرة من المسؤولين الفلسطينيين"، مشيرًا إلى عشرات الفلسطينيين تعرضوا للغرق في البحر، وهناك عدد غير معروف منهم لم يتم العثور على جثتهم.

ولا يوجد أي إحصاء فلسطيني بشأن أعداد المهاجرين، وهم من الجنسين ومن أعمار مختلفة، كما يوضح الحقوقي، إلا أن أرقام غير رسمية، تم تداولها، مؤخرًا، على مواقع التواصل الاجتماعي، تشير إلى أن نحو 19 ألف مواطن تقدموا لطلب الحصول على فيرا لسفر إلى تركيا، وهذا تم خلال أسبوع واحد فقط، وما يزيد عن 83 ألف على قائمة انتظار السفر عبر معبر رفح البري الوحيد.
 

 

أسبابٌ وتداعيات..

وعزا إبراهيم، هجرة الشباب إلى الخارج بصورة غير مسبوقة، إلى الانقسام الفلسطيني بين حركتي "حماس" و"فتح" الذي ظهر جليًا في عام 2007م، وتقويض الحصار الإسرائيلي المفروض والمشدد على القطاع، على جميع مقومات الحياة، إضافة إلى غياب الاستقرار وفقدان الأمل في المستقبل.

وشن جيش الاحتلال، تصعيدات عسكرية قاسية على قطاع غزة، في العشر سنوات الأخيرة، تسببت في استشهاد وجرح آلاف الأشخاص معظمهم أطفال ونساء، وتدمير آلاف البيوت والبنية التحتية الاقتصادية والانسانية، كما خلفت مآسي إنسانية صعبة على أكثر من مليوني مواطن.




هجرةُ العقول الفلسطينية ومتطلبات التخطي..

الأكاديمي وأستاذ العلم السياسية، د. مخيمر أبو سعدة، قال: إن "ارتفاع معدلات الهجرة بين الشباب والخريجين، سينعكس سلبًا على هجرة العقول وأصحاب الشهادات العلمية العالية وكذلك على صمود الشعب الفلسطيني بمواجهة الاحتلال".

وأضاف أبو سعدة، في حديثه لـ"بي دي ان": أنه "يترتب إنهاء الانقسام وتحقيق حد أدنى للتوافق الوطني الفلسطيني، وتحمل الحكومة في غزة مسؤولية مواجهة مشاكل البطالة وإيجاد فرص عمل ووظائف وتوزيعها بشكل عادل لوقف نزيف الهجرة".

ودعا طلبة الجامعات بالولوج بتخصصات تمنحهم العمل عن بعد عبر الإنترنت، وتمكنهم مواجهة البطالة في إيجاد فرض عمل.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حذرت، من جانبها، عبر بيان، من تنامي ظاهرة الهجرة، خاصة بين صفوف الشباب.

واعتبر البيان، تزايد أذونات سفر آلاف الشباب إلى الدول الإقليمية التي تُشكل المحطات الأولى للهجرة وركوب قوارب الموت إلى المجهول، سببه "استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار المفروض على القطاع، والتداعيات الخطيرة للانقسام الفلسطيني التي خلقت بية لتوالد وتوطين الازمات".