العصيان بات ضرورة

بي دي ان |

04 سبتمبر 2023 الساعة 12:52ص

الكاتب
لا أريد أن احدد مكان وزمان ضحايا القتل المعلن في مدن وبلدات وقرى أبناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، ولا أسماءهم، رغم انهم معروفين، ولا اريد ان احدد اعدادهم. لا سيما وان عددهم يزداد كل لحظة. ولكن اود ان أؤكد، بأن جرائم حرب الإبادة التي تستهدف أبناء الشعب في داخل إسرائيل هي الأعلى حتى الان، حيث بلغت بعد جرائم قلنسوة وكفر قرع الثلاثة يومي الجمعة والسبت الموافقين الأول والثاني من أيلول / سبتمبر الحالي (2023) ال (160) ضحية، ومازال في العام ما يزيد على ربعه، بتعبير آخر، ان عدد القتلى سيرتفع ليصل الى ال (200) ضحية، إن لم يكن اكثر، وباساليب اشد وحشية وفجورا.
ما السر خلف زيادة تغول عمليات القتل في أوساط الجماهير الفلسطينية؟ وما هي الأهداف الصهيونية؟ ولماذا تتزامن وتتعاظم عمليات القتل في التجمعين الفلسطينيين داخل إسرائيل، وفي أراضي دولة فلسطين المحتلة في العام 1967؟ هل هناك صلة بين الجبهتين، ام لا؟ وماذا يريد القاتل الصهيوني من توسيع دائرة عمليات القتل والجريمة المنظمة وإرهاب الدولة؟ وما العمل لتقليص أعداد ضحايا المجزرة اليومية؟ وهل هناك حلولا سحرية؟
نعلم جميعنا، ان الدولة العميقة في إسرائيل تعتمد على وضع استراتيجيات عمل دورية، وتقوم بتطويرها بين محطة وأخرى تستهدف أسرلة المجتمع الفلسطيني العربي في ال48، وغسل دماغ الفلسطينيين عموما وفق الاجندة والاهداف الإسرائيلية لاخضاع الكل الفلسطيني، والتجمع الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية خصوصا، الذي ينمو ويتضاعف بشكل دائم، حتى بلغ عدده المليوني نسمة او اكثر قليلا، وتجاوز نسبيا نسبة الخمس. ولاعتقاد قادة إسرائيل ان رهانها خلال العقود السبعة والنصف الماضية من تاريخ نشوئها وبانتهاجها أساليب العصا والجزرة، على كي الوعي الجمعي للفلسطينيين، وتطويعهم وطمس هويتهم الوطنية والقومية، ودمجهم في بوتقة الاثنيات والطوائف والمذاهب الدينية المختلفة باء بالفشل.
نعم مجمل الخطط الاستراتيجية والتكتيكية الإسرائيلية ومن يقف خلفها من دول الغرب الرأسمالي فشلت، وتحطمت على جدار الوعي الوطني والقومي المتجذر والمتعمق في الوعي واللاوعي بين أبناء الشعب، وفي الجينات الفلسطينية، وسحقت الجماهير وقواها ونخبها بمختلف مشاربهم مشاريع الاسرلة كافة من اول يوم في تأسيس الدولة الإسرائيلية الى يومنا هذا، وكان للمناضلين من الحزب الشيوعي والقوى الوطنية والقومية دورا رياديا في الدفاع عن الهوية والثقافة الوطنية طيلة الأعوام ال(75) الماضية عبر التشبث بالأرض، وإعادة المهجرين الى قراهم ، والدفاع عن الحقوق والقضايا المطلبية والسياسية من خلال الإضرابات والمظاهرات والاعتصامات، كما ساهمت انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة بالاثر الإيجابي على كفاحهم الوطني، وكانت لمحطات يوم الأرض عام 1976، وهبة أكتوبر 2000 وسقوط (13) شهيدا من سخنين ودير حنا وعرابة البطوف، وهبة 2021، وإقامة لجنة المتابعة العربية العليا ولجنة المبادرة الدرزية العربية، ورفض التجنيد، وإعلاء مكانة وشأن اللغة والثقافة العربية، والتكافل والتساند مع أبناء الشعب في المواجهات كافة: في القدس العاصمة والضفة عموما وقطاع غزة، وكان للمحطات القومية مثل ثورة يوليو 1952 والوحدة العربية 1958، وثورات العراق وسوريا وليبيا والجزائر والسودان وحرب أكتوبر 1973 وحرب الخليج الأولى، جميعها عناوين أسهمت في ارتقاء الوعي الوطني والقومي، وعكست عمق الانتماء للشعب والأمة على حد سواء.
وكان تحديدا لهبة القدس عام 2021 التي اجتاحت أبناء الشعب في المدن المختلطة" حيفا وعكا ويافا واللد والرملة، بالإضافة للناصرة وشفا عمرو وام الفحم عميق الأثر على القيادات الصهيونية بمختلف توجهاتهم، وادخل الرعب في قلوبهم من القنبلة الفلسطينية الاستراتيجية المنغرسة في ارض الإباء والاجداد، وفي تفاصيل الدولة الإسرائيلية، مما دعا قادة الفكر السياسي والأمني العسكري الى البحث عن أدوات لهدم مرتكزات الوعي الفلسطيني، ووضع أبناء الشعب في 48 في دائرة الدفاع عن الذات، وفرض الإرهاب عليهم، ودفعهم للانزلاق نحو خطوات انفعالية وارتجالية كردة فعل على جرائم دولة الابرتهايد والفاشية الإسرائيلية، لاستخدامها ذريعة لتعميق عملية التطهير العرقي ضدهم، واعتماد أسلوب الطرد الجماعي اسوة بما حصل في عام النكبة 1948.
وهنا نجد الربط بين الجرائم الإرهابية الإسرائيلية في كلا التجمعين ال48 و67 من خلال التغول والاستشراس الإسرائيلي الفاشي، ومضاعفة عمليات القتل والخنق للحريات الخاصة والعامة، ووضعهم جميعا في دائرة المطاردة والملاحقة والابتزاز والترهيب لتحقيق هدف الترانسفير الطوعي، او المفروض عليهم. لان ازدياد عمليات القتل تطال التجمعين، وليس أبناء الشعب في ال48 فقط، وانما تلازمت مع اتساع وتعميق جرائم الحرب الفاشية ضد أبناء الشعب في الضفة الفلسطينية عموما والقدس خصوصا وقطاع غزة، واستخدمت إسرائيل وأجهزتها الأمنية أدواتها المحلية لتنفيذ مخططها الاجرامي.
في كل الأحوال، ما هو المطلوب؟ وما هو الحل؟ وكيف الرد على المخطط الاجرامي، أولا إعادة ترتيب وتنظيم البيت الداخلي الفلسطيني في كلا التجمعين، في ال48 تحت قيادة لجنة المتابعة العربية العليا، وفي ال67 تحت قيادة منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كل تجمعاته؛ ثانيا الاتفاق على برنامج عمل وطني في كل تجمع وفقا للشروط الخاصة به؛ ثالثا تحديد اشكال النضال الواجب استخدامها لمواجهة التحدي؛ رابعا عدم الانحناء امام المخطط الصهيوني الاجرامي مهما كان الثمن من التضحيات، وتعزيز عوامل الصمود؛ خامسا في ال48 تدعو الضرورة للخروج من دائرة الإضرابات والاعتصامات الجزئية، وتوسيع نطاقها لتشمل المدن والبلدات والقرى كافة ووفق شعارات وطنية ناظمة للعمل الجمعي وصولا للعصيان المدني الشامل، ورفض الانجرار نحو أي عمل متهور وارتجالي في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلط، وبالعكس في تجمع ال67 حيث تتطلب الضرورة توسيع وتعميق المقاومة الشعبية ومختلف اشكال النضال المتاحة دون تردد، او خشية من تداعياتها. لان إسرائيل بمختلف مكوناتها لا تفهم سوى لغة الردع والمقاومة. وليكن شعار الكل الفلسطيني حيثما كان: اما نكون، او لا نكون، وسنكون كما نريد، واما النصر او النصر، ولا خيار الا النصر على العدو الإسرائيلي.
[email protected]
[email protected]