شركات للتنسيق والنهب

بي دي ان |

18 أغسطس 2023 الساعة 11:40م

الكاتب
حرصت على تأجيل معالجة ملف شركات العمال كوسيط بين قوة العمل الفلسطينية وصاحب العمل الاسرائيلي، ودور حركة حماس الانقلابية في استغلال العمال، إضافة الى تعميق بعد آخر، وأكثر سفورا في توسيع وتعميق عملية التنسيق مع المنسق الإسرائيلي في الإدارة المدنية، التي يشرف عليها مباشرة بتسلئيل سموتريش، الوزير في وزارة الحرب الإسرائيلية، حتى تتضح بعض الجوانب المتعلقة بالعملية ككل، ومواقف اتحاد نقابات العمال والنقابات المختصة. وإن كان لدي قناعة راسخة وفقا لمعلومات ولمعرفتي بخلفية ودور جماعة الاخوان المسلمين كأداة وظيفية في خدمة أعداء فلسطين وشعوب الامة العربية ودولها الوطنية.
شاهدنا خلال السنوات الماضية بعد الانقلاب الأسود على الشرعية في قطاع غزة، كيف سعت إسرائيل اللقيطة ومن خلفها الولايات المتحدة ومن لف لفهم الى حماية الانقلاب، وتأمين مصادر تمويل له عبر الشنط المحمولة من مطار اللد بالسيارات الى مدينة غزة لتسليمها عبر الوكيل القطري لقيادة حماس، وتحت ذريعة مساعدة الشعب الفلسطيني أحيان اخرى، وباشعال الحروب للتلميع والمتاجرة بدم الشهداء وأبناء الشعب عموما، ولتحويل الشباب في قطاع غزة الى مجموعة من المعاقين. كما حصل في مسيرات ما يسمى "العودة"، وبالتفنن في كيفية نهب جيوب الشعب عموما من خلال الضرائب غير القانونية وافلاس أصحاب رؤوس المال، ونهب شركاتهم، والمتاجرة باراضي الوقف وتوزيعها على الأنصار.
ومن اشكال التناغم والتكامل ونهب قوة عمل العمال الفلسطينيين وتوسيع دائرة التنسيق الأمني بين إسرائيل المارقة والخارجة على القانون وحركة حماس، اعلن المدعو، إيهاب الغصين، وكيل ما يسمى وزارة العمل في حكومة الظل الانقلابية، عن تشكيل شركات لتجنيد طاقة العمل في السوق الإسرائيلي مقابل دفع ضرائب شهرية بمقدار 600 شيقل شهريا، أي بمعادل 1000 دولار أميركي عن كل عامل، والتي يفترض ان تبدأ عملها نهاية شهر آب / أغسطس الحالي. حيث تم استبدال تصريح العمل السابق، الذي كان يسمى "تصريح الحاجات الاقتصادية" ب "تصريح المشغل"، وهذا التصريح يربط بين الشركات الحمساوية وغيرها وصاحب العمل الإسرائيلي مباشرة.
وكانت الإدارة المدنية الإسرائيلية اقترحت على قيادة حماس الانقلابية في ايلول / سبتمبر 2022 الفكرة. لكنها تحفظت آنذاك. بيد انها بعد ان تعمقت في دراسة "تصريح المشغل" والفوائد والمردود الذي يمكن ان ينجم عنه، وافقت عليه، فهو يحقق اكثر من غاية، منها اولا تخفيف نسبي من حدة مشاكل البطالة؛ ثانيا تأمين مصدر نهب جديد لطاقة قوة العمل الفلسطينية؛ ثالثا يعمق علاقات التنسيق الثنائية مع القيادة الإسرائيلية؛ رابعا يعزز خيار الامارة؛ خامسا ينعش الدورة الاقتصادية في محافظات الجنوب.
ومن المؤكد لا احد ضد فتح أبواب العمل أمام العمال، وتأمين حقوقهم الخاصة والعامة. لا سيما وان الوضع الاقتصادي الفلسطيني صعب، نتاج غياب اقتصاد وطني مستقل او شبه مستقل، وعدم قدرة الحكومة ضمن واقع الحال، ومحدودية الإمكانيات، والهيمنة والحصار الإسرائيلي على المساحة الأكبر من الأرض الفلسطينية المحتلة على توفير فرص عمل، وغياب إمكانية حقيقية لفتح بعض أسواق العمل العربية وخاصة الخليجية باستثناء الكويت الشقيقة وفي حقل التعليم فقط، فإن خيار العمل في السوق الإسرائيلي الأسود لتأمين لقمة العيش حاجة للعامل، وبالتالي المشكلة ليست في مبدأ العمل، وانما في أساليب العمل الجديدة، التي استهدفت حقوق العامل، والربط المباشر مع المنسق، والاخطار الناجمة عن الالية الجديدة، التي ترهن العامل لاجندة قيادة الانقلاب والشركات التابعة لها، او التي افترضت انها تعمل لمصلحة العامل، ولم تتورط في اللعبة الحمساوية الإسرائيلية، مع ان أصحاب الشركات ذات الخلفية الوطنية يعتقدون ان الالية الجديدة تحمي العمال من السمسرة غير المشروعة، رغم ان أصحابها لا يجهلون خلفية حركة الانقلاب.
هذا وقد اعلن زياد النخالة، امين عام حركة الجهاد الإسلامي رفض حركته للسياسة الحمساوية، وقال "استغربنا تسجيل حكومة حماس أسماء الأشخاص للعمل داخل تل ابيب، التي تريد تحويل القطاع الى مخازن عمال، وهذا لا تقبله." وأضاف "إسرائيل فشلت في ترويض غزة بالحرب، والان تحاول ذلك عبر التسهيلات الاقتصادية."      
ومن جانبها الجبهة الشعبية رفضت الخطوة الحمساوية من خلال بيان أصدرته جبهة العمل النقابي، والذي لخصته بالعديد من الأسئلة المشككة بجدوى شركات العمال في تحقيق الغاية المرجوة منها، ومن بين الأسئلة التي اثارتها التالية: " ما الضامن لعدم تلاعب المشغل في استمرارية العمل وضمان حقوق العمال؟ وهل هذه الشركات على علاقة بتنسيق أمني؟ ومن الجهات التي ستفتح لها الأبواب للتواصل مع المشغل الصهيوني؟ وكيف يتم ذلك؟ ... الخ
كما وحذر شاهر سعد، امين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين في تصريح لإذاعة صوت فلسطين يوم الثلاثاء الماضي الموافق 15 آب / أغسطس الحالي من ترخيص الشركات الصورية لبيع تصاريح عمل في داخل إسرائيل للعمال في قطاع غزة بمبلغ الف دولار على كل تصريح. وأعتبر ذلك عمل لا أخلاقي ومخالف لكل القوانين. وأضاف سعد انه يتابع هذا الموضوع بتفاصيله، ويعمل على نقل حقائقه الى الجهات الدولية المختصة. وطالب العمال بمقاطعة الشركات المتورطة في لعبة التنسيق الأمني والاقتصادي، ورفض الخصم من اجورهم.
بالنتيجة حركة الانقلاب الحمساوية، لا تتورع عن ارتكاب أي مخالفة قانونية او أخلاقية او نقابية مقابل نهب أموال الشعب وبالمقابل هي متورطة حتى اذنيها في عملية التنسيق الأمني المباشر مع إدارة سموتيريش الاستعمارية، الامر الذي يستدعي من الكل الوطني التدقيق في وظيفة الشركات وخطة حماس المرفوضة، وعلى وزارة العمل الشرعية مطالبة الشركات الحصول ترخيص رسمي منها لحماية العمال، وقطع الطريق على الاعيب حماس المفضوحة.
[email protected]
[email protected]