الانتخابات الفلسطينية.. الممر الآمن نحو الوحدة وإنهاء الانقسام!

بي دي ان |

25 يناير 2021 الساعة 08:50م

في الخامس عشر من شهر يناير من العام ٢٠٢١ ، جاء مرسوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، الخاص بإجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية ، في ظل تحولات محلية وإقليمية ودولية، لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن هذا التطور الفلسطيني الهام. 

 اللافت للنظر حقيقة ليست الدعوة لاجراء الانتخابات الفلسطينية ، اذ تم الإتفاق بين الفصائل الفلسطينية في السنوات السابقة وفي عهد الانقسام أن يتم إجرائها، و هذا لم يحدث ولم يتحقق ، لكن اصدار المرسوم الرئاسي بشكل رسمي هذه المرة فيما يخص الانتخابات جاء ليعكس مدي جدية هذه الخطوة وإمكانية تحقيقها فعلاً ، لاسيما في ظل حالة التوافق التي حصلت مؤخرا بين حركتي فتح وحماس وباقي الفصائل الفلسطينية علي تتابع هذه الانتخابات وأهمية هذه الخطوة للخروج من مربع الانقسام الفلسطيني .

ولذلك برأيي أن الانتخابات حال تم إجرائها ستساهم في الوصول إلى تحقيق أمرين؛ الأول يتعلق باستعادة المظهر الديمقراطي والقانوني للفلسطينيين ، وهي قضية هامة تعكس حالة الشرعية الفلسطينية سواء على المستوى الدولى الذي يؤمن بالتمثيل الديمقراطي أو على المستوى الوطني الذي سيجسد مظاهر الحياة الديمقراطية ويجدد الشرعيات المتآكلة ويعيد احياء وتجديد النظام السياسي الفلسطيني ، والأمر الثاني والذي لا يقل أهمية عن الأول يتعلق بالوحدة والمصالحة الفلسطينية، والتي لم ينجح الفلسطينيون في تحقيقها طوال تلك السنوات الماضية ، وتعد هاتان الخطوتان أساسيتين لاستعادة ثقة الجماهير الفلسطينية التي تأثرت كثيراً بعد سنوات طوال من الانقسام، تلك الثقة اللازمة لبدء أي خطوات للانطلاق نحو المرحلة التالية في مواجهة سياسات الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية التي يتطلع اليها الفلسطينيون .

لا شك أن التحولات الدولية والإقليمية التي حدثت مؤخرا لها تأثير كبير علي الفلسطينين ، لاسيما وأن نجاح جو بايدن في الانتخابات الأميركية الأخيرة سيؤدي  لإنهاء مرحلة من الجمود في العلاقات الأميركية الفلسطينية ومقدمة لمرحلة جديدة تحمل الأمل في تجدد العملية السلمية لتسوية القضية الفلسطينية ، كما أن هذا التحول جاء في اطار دعوات دولية وغربية تدعو الفلسطينيين لاجراء انتخابات تنهي الانقسام وتجدد الشرعيات وتحقق الديمقراطية في الأراضي الفلسطينية ، وعلى المستوى الإقليمي العربي، شهدت الحقبة الأخيرة حدثين ساهما بشكل كبير في إعادة بلورة الرؤية الفلسطينية ، الأول يتعلق باتفاقيات التطبيع بين أربع دول عربية وإسرائيل ، في تمرد صريح على مبادرة السلام العربية ، والثاني يتعلق بالمصالحة الخليجية الخليجية، والتي يفترض أن يكون لها دور في تدعيم معادلة العلاقات العربية الإسرائيلية، في ظل معطيات الصراع الإقليمي الإيراني الإسرائيلي العربي. إن التوافق الذي نشهده في هذه الآونة بين حركتي فتح وحماس ، وما تبعه من تعديلات جوهرية علي قانون الانتخابات ورسالة رئيس حركة حماس اسماعيل هنية لأبو مازن بموافقته علي اجراء الانتخابات بشكل متتابع ومن ثم اصدار الرئيس عباس المرسوم الرئاسي بعقد الانتخابات ، إضافة للقاء المزمع عقده مطلع الشهر القادم في القاهرة للتحاور حول تفاصيل اجراء الانتخابات وضمان نجاحها مؤشر مهم علي مدي امكانية استمرار ذلك التوافق ، وهذا كله يعكس صورة بناءة وايجابية ربما لما هو قادم وبارقة أمل جديدة للفلسطينيين.
ختاماً لابد من التأكيد علي أن اجراء الانتخابات هو إنقاذ للمشهد الفلسطيني برمته من حالة الجمود والترهل والتشرذم الذي يعيشه منذ سنوات، وأن التوافق بين حركتي فتح وحماس قد ينهي الانقسام ولو شكلياً، ويجدد شرعية القيادة الفلسطينية، ويقوى أركانها للتصدي للتحديات القادمة ، وأن اجراء هذه الانتخابات سيمهد الطريق لاحياء عملية السلام في ظل حكم الرئيس الامريكي جو بايدن ، من أجل حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، في الوقت الذي ستشكل فيه هذه الانتخابات صفعة قوية لرواية اسرئيل وحجتها بعدم وجود شريك فلسطيني يمثل الفلسطينيين وذلك بهدف التنصل من التزاماتها في اطار العملية السلمية .