عين الحلوة في دوامة المؤامرة

بي دي ان |

02 أغسطس 2023 الساعة 04:02ص

الكاتب
ملف المخيم الفلسطيني في لبنان قديم قدم اللجوء الفلسطيني في اعقاب نكبة العام 1948، حيث دفع أبناء الشعب الفلسطيني في لبنان ثمنا باهظا من حياتهم نتاج القيود والاذلال والعنصرية البشعة التي فرضتها أجهزة الامن الرسمية وخاصة المكتب الثاني على أبناء المخيمات، وحرمانهم من حق العمل في اكثر من 90 مهنة، باستثناء الفترة الذهبية التي عاشها المخيم، وهي مرحلة وجود الظاهرة العلنية للثورة الفلسطينية في لبنان من عام 1969 الى خروج المقاومة في أيلول / سبتمبر 1982 في اعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عموما وعاصمته بيروت خصوصا في حزيران / يونيو 1982. ولكن بعد ذلك عادت اشباح الأجهزة الأمنية تطل برأسها، واخذت خفافيش الليل تتوافد على المخيمات، وقام آنذاك نظام عربي متسيد على الساحة اللبنانية آنذاك بالزج بالمئات من أبناء شعب عربي شقيق (وجلهم من أجهزة الامن) داخل مخيمات بيروت وخاصة مخيمي صبرا وشاتيلا لتشويه هوية المخيم. 
وتعاظمت مظاهر الفتنة والتخريب بعد حرب المخيمات 1985/ 1987 التي قادتها ونفذتها قوات حركة امل لتنفيذ مخطط سادتها في بلدان الجوار العربي، المرتبط بالاجندة الأجنبية المعادية للقضاء على مكانة ودور المخيم المؤقت في سيرورة النكبة الفلسطينية. ولم يقتصر الامر عند ذلك، انما دخلت على الخط عصابات التكفير والتهجير والتخوين من الجماعات الاسلاموية المأجورة، وعميلة الغرب بقيادة واشنطن لتصفية وجود المخيمات في لبنان، والتي لعبت ومازالت تلعب دورا تخريبيا حتى اللحظة المعاشة، والتي ترعاها بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية، وتلازم مع جرائم تلك العصابات انتهاج مجموعة من المشاريع التصفوية، منها: أولا الاستفراد بالمخيمات وارتكاب المجازر الوحشية بحقهم، كما حصل في مخيمي صبرا وشاتيلا أيلول / سبتمبر 1982، وتلتها حرب المخيمات انفة الذكر، وتدمير مخيم نهر البارد في الصراع المفتعل بين ما يسمى "فتح الإسلام" المأجورة والجيش اللبناني في أيار / مايو 2007، وغيرها من عمليات الفتنة واشعال حرائق الاقتتال الداخلي؛ ثانيا تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين عبر تقليص الخدمات الصحية والتعليمية والإنسانية، وطرد المعلمين والموظفين بحجج وذرائع واهية؛ ثالثا زيادة تعميق الحصار الحياتي والمعيشي، وحرمان اللاجئين الفلسطينيين من العمل وتملك البيوت التي يقيمون فيها؛ رابعا تقديم اغراءات مالية للهجرة للبلدان الاسكندنافية والاوربية وكندا؛ خامسا انعكاس خيار الانقلاب الحمساوي على أبناء المخيمات في لبنان، وتفسيخ النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي، وشراء الذمم والتجارة بالدين والدنيا؛ سادسا اشتقاق سيناريوهات جديدة ونوعية لتحقيق ذات الهدف، تصفية المخيم بذرائع وحجج واهية ومرفوضة من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، التي اكدت وتؤكد بلسان رئيسها محمود عباس، عن الالتزام بالقانون اللبناني، ورفض ازدواجية السلاح في لبنان، وان الوجود الفلسطيني، وجود مؤقت لحين التمكن من تحرير الأرض الفلسطينية وتجسيد الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194. 
لكن واشنطن وتل ابيب وعملائهم في لبنان وادواتهم المأجورة من الجماعات التكفيرية لا تتوانى عن مواصلة جرائمها في المخيمات الفلسطينية المختلفة، واخرها قبل ثلاثة أيام خلت عندما تم استهداف العميد أبو اشرف العرموشي، قائد قوات الامن الوطني في المخيم مع مرافقية الثلاثة عندما ذهب لجلب محمد زبيدات (الصومالي) وتسليمه لأجهزة الامن اللبنانية، ولكن قبل وصوله لمنطقة البركسات تم اطلاق الرصاص عليهم، مما أدى الى استشهادهم مع اخرين. ولم تأت جريمة القتل الجبانة بالصدفة، وانما تم تنفيذها وفق خطة مدروسة، استفاد القائمون عليها من عملية اطلاق محمد زبيدات (الصومالي) النار على عبد فرهود وقتله واصابة اخرين من جماعة "جند الشام/ الشباب المسلم" ، وتزامنت مع عودة بعض المطلوبين أمثال عيسى حمد ونضال مقدح وخالد شريدي وبلال بدر، وهم مقربون من حركة حماس، بحكم تابعيتهم لمؤسس "مجموعة المقدسي" فادي الصالح، والمرتبط بمنظمات غير حكومية إسلامية اقليمية. 
وتلازم تفجير الفتنة في المخيم في اعقاب طرح ما يسمى رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، باسل الحسن مخططا تآمريا متساوقا مع الرؤية الصهيو أميركية، حيث تفرد بنشر أفكارا سوداء دون التنسيق مع م. ت. ف قوامها: تصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، تقديم مساعدات مالية للفلسطينيين، ضمان ملكية شقة، السماح بالعمل دون ترخيص شرط موافقة النقابات اللبنانية. والمفجع هنا، ان كل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي وافقت على الخطة الاجرامية، وتساوقت معها القيادة العامة. لكن منظمة التحرير وسفارة فلسطين في لبنان رفضت من حيث المبدأ الخطة جملة وتفصيلا. الامر الذي اثار غيظ وحنق الحسن ومن يقف خلفه. 
اذا لم يكن فتح بركان النار في المخيم لليوم الثالث الذي اودي بحياة احد عشر شخصا واصابة اكثر من أربعين مصابا وتشريد حوالي ثلث المخيم عفويا، ولا ردود فعل ارتجالية، انما جاء وفق مخطط مدروس ومعد مسبقا، مهدت له كل العوامل السابقة وغيرها، والهدف واحد، تصفية المخيم الفلسطيني. لذا كانت الضربة موجهة لاكبر مخيم فلسطيني في لبنان، الذي تم تمزيقه لجزر من قبل الجماعات التكفيرية من جند الشام، الى عصبة انصار الإسلام وغيرها من المسميات التي لا تمت للاسلام بصلة. 
وهذا يستدعي من قيادة منظمة التحرير إعادة نظر بالسياسة المنتهجة تجاه الجماعات الاسلاموية، والعمل على تفكيكها، وإلغاء الجزر داخل المخيمات عموما وعين الحلوة خصوصا، مطالبة الحكومة اللبنانية تغيير المدعو باسل الحسن، ووقف التعامل معه، والتشهير بكل من يتساوق معه من الفلسطينيين، وفرض النظام داخل المخيم بالتعاون مع فصائل منظمة التحرير، والتعاون مع الحكومة اللبنانية ومؤسسة الجيش الرسمية لوأد الفتنة، وتسليمهم كل المطلوبين للعدالة، وإلغاء القوانين الجائرة التي تحول دون التحاق الفلسطيني في مهنته الخاصة، وتملك أماكن سكنهم داخل وخارج المخيم، وتعزيز الروابط المشتركة بين القيادتين والشعبين الشقيقين. 
[email protected]
[email protected]