لا تصغروا حساباتكم

بي دي ان |

27 يوليو 2023 الساعة 12:11ص

الكاتب
من المؤكد القوى السياسية، كما تختلف في الخلفيات الفكرية والعقائدية والسياسية، تختلف حساباتها بين البعدين الفئوي والوطني، بين المصالح الصغيرة والمصالح العليا للشعب، بعضها يغرق في تفاصيله الصغيرة، والبعض الاخر يكبر بحجم الوطن والمشروع والاهداف الوطنية، ويرتقي لمحاكاة نبض الشعب. والشعب العربي الفلسطيني ليس استثناءً في هذا الحقل، بل ان ما ينطبق على قواه السياسية والحزبية بمشاربها المختلفة، ينطبق على القوى والأحزاب والقوى السياسية في أوساط الشعوب والأمم الأخرى.
ورغم ان الشعب الفلسطيني لا يعول كثيرا على لقاء الأمناء العامين برئاسة الرئيس أبو مازن المقرر عقده في القاهرة يوم الاحد الموافق 30 من يوليو الحالي. لا سيما وان تجربة التعثر التي وسمت مجمل اللقاءات والاجتماعات السابقة على مدار ال16 عاما الماضية بالسلبية، والنكوص، وغياب أي التزام بتنفيذ أي من الاتفاقات، رغم التوقيع من قبل القيادات الفلسطينية الممثلة للفصائل المختلفة عليها. لان البعض تخندق في خنادق الامارة واستبدلها بالوطن والمشروع الوطني.
مع ذلك يفترض دائما شحن الذات بطاقة الامل، لعل وعسى تكون بعض الحركات والفصائل اعادت النظر بحساباتها، ووسعت مداركها، وتجاوزت ضيق الأفق، والمشاريع المتهافته، التي لا تخدم بحال من الأحوال القوى والشعب على حد سواء، انما تعتبر خدمة مجانية للاعداء. ولعل لقاءات انقرة التي جمعت الرئيس عباس مع وفد من قيادة حماس اول امس الثلاثاء، واللقاء الثلاثي الذي جمع بين الرئيس أبو مازن وإسماعيل هنية برعاية الرئيس رجب طيب اردوغان امس الاربعاء الموافق 26 يوليو الحالي تحمل في طياتها تجسيرا للعلاقات بين القيادة الشرعية وقيادة الانقلاب الاخوانية، بالإضافة للجهود المصرية الشقيقة، التي ستحتضن اجتماع الأمناء العامين بناءً على دعوة موجهة من رئيس منظمة التحرير يوم الاحد القادم الموافق ال30 من يوليو.
وقيمة هذه اللقاءات التمهيدية في انقرة والقاهرة تكمن في تجاوز الحسابات الضيقة، حيث يحاول البعض حصر أهمية اللقاء باستبدال مرجعيات منظمة التحرير باطار الأمناء العامين، ويطالبون بوضع روزنامة دورية متقاربة لعقد اجتماعات هذا الاطار. وكأن لسان حال هذا البعض، الالتفاف على اطر وهيئات المنظمة القيادية، وهذا ما لا يمكن قبوله من حيث المبدأ، ولا يجوز تمريره، وبالتالي تفرض اللحظة السياسية على جميع القيادات وخاصة قيادة حركة حماس الاهتمام والتركيز على الأولويات الوطنية، ومنها: أولا تعزيز مكانة منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، والعمل على وضع صيغ إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني موضع التنفيذ وفق ما تم الاتفاق عليه سابقا بحيث لا يتجاوز عددهم ال350 عضوا، يتم عبر الانتخابات والتعيين في الساحات التي لا تسمح بذلك؛ ثانيا تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة للكل الوطني بما في ذلك المستقلين تلتزم بقرارات الشرعية الدولية، يكون من مهامها الاعداد لاجراء انتخابات وطنية رئاسية وبرلمانية ومجلس وطني، وتوحيد الوزارات والمؤسسات المدنية والقضائية والأجهزة الأمنية والسيطرة على المعابر، وطي صفحة الانقلاب والتمزق؛ ثالثا الاتفاق على برنامج عمل وطني يكون مرشدا للمرحلة القادمة، والاتفاق على برنامج كفاحي بتشكيل جدي للقيادة الوطنية الموحدة وغرفة عمليات مركزية تنبثق عنها غرف عمليات فرعية في المحافظات المختلفة، والاتفاق على اليات تكتيكية واستراتيجية تحمي مصالح الشعب العليا؛ رابعا تعزيز أواصر الوحدة الوطنية على الأرض من خلال التكامل بين مختلف اشكال النضال السياسي والديبلوماسي والشعبي بما يعزز من مكانة القضية الوطنية، وإعادة الاعتبار للاهداف والثوابت الوطنية، والتصدي الموحد للهجمة الصهيونية الفاشية المنفلتة من عقالها، وابعاد شبح المزايدات والتحريض والتكفير والتخوين؛ خامسا حماية النظام السياسي التعددي الواحد، وعلى أرضية نظام واحد، قانون واحد، سلاح واحد، وبرنامج كفاحي واحد، ورفض ازدواجية السلطة في أي بقعة من ارض الوطن المحتل، وحماية السلم الأهلي، والدفاع عن مصالح الشعب بشكل مشترك وعلى أرضية التكامل وتظافر الجهود بين الرسمي والشعبي، وبين السياسي والقانوني، وبين التربوي والثقافي والديني.
وفي السياق، على بعض الفصائل التراجع عن لغة المقاطعة لاجتماع القاهرة المقبل، والكف عن التذرع باسباب واهية. لا سيما وانه لا وجود لاعتقال سياسي او تنظيمي. لان الاعتقال ان حصل يكون له أسبابا تمس السلم الأهلي، وانتهاكات لسيادة القانون، وتشريع الفوضى والفلتان الأمني باسم وتحت يافطة "المقاومة". من يريد المقاومة، عليه ان يكون جزءا من رؤية وطنية شاملة تنظم العملية الكفاحية وفق خطة واحدة، وقيادة واحدة تحدد زمان ومكان واليات العمل، ومواقع وأماكن العمل.
من يريد الوحدة الوطنية عليه المحافظة على أولا منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد، وثانيا نظام سياسي واحد وفق ما ذكر انفا، وعلى أرضية ذلك تتكامل الجهود الوطنية، وثالثا ابعاد الوحدة الوطنية عن الاجندات الإقليمية والحسابات الفئوية الضيقة، واعلاء شان المصالح الوطنية العليا على كل الصغائر.
[email protected]
[email protected]