نتنياهو التهديد الأمني الأكبر

بي دي ان |

25 يوليو 2023 الساعة 01:46ص

الكاتب
لم يقرأ الإسرائيليون ولا الاميركيون نتنياهو جيدا، او من قرأه، ووقف على طويته ونزعاته النرجسية داخل الليكود وخارجه في الساحة الحزبية والأمنية العسكرية الإسرائيلية، ظل صامتا، او غطى شمس الحقيقة بغربال ممزق إما خشية من الملك اليهودي الصهيوني الجديد؛ او اعتمد مقولة "وانا مالي، لحم كلاب في ملوخية"، ومن قرأه من الفلسطينيين والعرب وكشفوا عن خلفيات نزعاته واستماتته في الدفاع عن كرسي الحكم، حتى لو أدى ذلك لخراب الهيكل الثالث، اعتبروهم من المحرضين، والمشوهين لل"حقائق"، ويستهدفون دس السم في العسل الصهيوني، واي كان ما يقوله الفلسطيني فهو مرفوض إسرائيليا لاعتبارات الصراع التاريخية، وكونهم لا يرون في ما يكتبه المفكرون والسياسيون والمراقبون الفلسطينيون العرب الا من موقع المعادي. 
بيبي ماض قدما في حماية كرسي حكمه، ولن يفرط به مهما كانت خسائر إسرائيل الانية والاستراتيجية، ولهذا لم يفرط في الائتلاف الحاكم، واستجاب لندائه الخاص، ولنداء اقرانه من اتباع الصهيونية الدينية، ولم يستجب لا لوساطة الرئيس هيرتسوغ، ولا لاقتراح رئيس الهستدوروت الوسطي، الذي اعتبره لبيد مقبولا للحوار، مع ان اقطاب معارضة الانقلاب القضائي رفضوه، ولا لنداء وتمنيات الرئيس الأميركي جو بايدن، وتم التصويت ظهر امس الاثنين الموافق 24 يوليو على الغاء قانون "حجة المعقولية" بالقراءتين الثانية والثالثة، الذي يحد من تدخل القضاء والمحكمة العليا في قرارات الحكومة الإسرائيلية ووزرائها. وايد الاقتراح 64 نائبا، هم قوام نواب الائتلاف الحاكم، وغادر نواب المعارضة القاعة .
واعتبر رئيس المعارضة لبيد الغاء "حجة المعقولية" بمثابة تمزيق النسيج الإسرائيلي، لانهم لم يعودوا "اخوة، وهو يوم حزين في إسرائيل، هذا يوم الخراب"، ودعا لتصعيد الاحتجاجات الرافضة للتعديلات القضائية، وقال إن "المستقبل ملك لمن لا يستسلم ابداً". وتابع انظر الى احتفالات انصار الائتلاف الحاكم، واسأل على ماذا تحتفلون؟ أنتم تفككون الدولة اليهودية! وهذا استنتاج صحيح، ولكنه متأخر. 
وعقب وزير ما يسمى الامن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير على إقرار القانون "هذه بشرى سارة لإسرائيل. ستكون إسرائيل أكثر ديمقراطية، والقانون الذي اقررناه اليوم مهم للديمقراطية. لكن هذه فقط البداية، ومن اجل دولة إسرائيل لأكثر يهودية وديمقراطية، يجب ان نمرر بقية القوانين، بما في ذلك تغيير تشكيل لجنة اختيار القضاة وتغيير سلطات المدعين العامين." ومازالت ردود الفعل في بداياتها على إقرار قانون "الغاء حجة المعقولية". هو ما يعني المضي قدما في توسيع هوة الصراع بين انصار التيارين، ونقله لمرحلة جديدة واكثر عنفا.
لما تقدم علاقة جدلية مع ما كتبه الكاتب الأميركي ماكس بوت في صحيفة "واشنطن بوست" ونشر الاحد الموافق 23 يوليو الحالي بعنوان "اكبر تهديد امني لإسرائيل هو بنيامين نتنياهو." مشبها إياه بالرئيس الأميركي السابق ترامب، الذي أراد الاستئثار بكرسي الحكم حتى لو أدى ذلك لتقويض الديمقراطية الأميركية، وحاول من خلال أنصاره في السادس من يناير 2020 اقتحام مبنى الكابيتول، مما أدى لسقوط ضحايا بذريعة "تزوير الانتخابات." 
وأضاف بوت من الواضح ان بيبي " لا يهتم بان سياساته تقوض الديمقراطية الإسرائيلية، وتخاطر بعلاقة إسرائيل الوثيقة مع الولايات المتحدة، بل ربما تثير انتفاضة عنيفة أخرى – انتفاضة ثالثة – بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مثل ترامب، يبدو انه لا يهتم بأي شيء سوى التمسك بالسلطة، وسياساته المتطرفة هي ثمن الحفاظ على تحالف من أحزاب اليمين المتطرف." وأيضا استنتاج بوت وغيره من الاميركيين جاء متأخرا. وجال في مقالته حول العديد من النقاط ذات الصلة بالعلاقة الأميركية الإسرائيلية، ولكن جوهر ما أراده بوت هو ما ذكر بشأن استعداد رئيس حكومة الترويكا الفاشية الذهاب لابعد مدى في طريق خراب الهيكل الثالث وتفكيك إسرائيل، وإدارة الظهر للعلاقة مع الإدارة الديمقراطية، وابعد من ذلك مع أوروبا لحماية كرسي حكمه. 
وكما اكدت في مطلع المقال، هذا الاستنتاج عند بوت والكثير من الاميركيين والأوروبيين جاء متأخرا، ومازالت الدول العميقة في واشنطن والعواصم الأوروبية المتعددة، قاصرة عن رؤية ازمة دولة المشروع الصهيوني، وتعتقد ان الامر محصور في زعيم الليكود النرجسي واقرانه من زعران الصهيونية الدينية، وهذا ليس سوى الطابع الشكلي للازمة. ولكن جوهر الامر اعمق واشمل من نتنياهو وبن غفير وسموتيريش، لان صعودهم، وعودة الابن الضال على رأس الحكومة السادسة نهاية العام 2022 له عميق الصلة علاقة بتركيبة المجتمع الإسرائيلي الطارئ وغير المتجانس، والذي لا تاريخ له. رغم ادعاءات القوى الصهيونية عكس ذلك، وغياب اليقين ببقاء وديمومة الدولة اللقيطة، والمرتكزة على الطابع الوظيفي، كدولة مرتزقة نفعية انتهازية، وعابرة للزمان والمكان. 
مع ذلك اؤكد للمرة المئة، ان رئيس الائيلاف الحاكم سيقود وعصابته الفاشية دولة إسرائيل بخطى ثابته وسريعة الى نهاياتها، وكما كان سابقا، سيبقى راهنا ومستقبلا الخطر الأكبر الذي يهدد دولة الاستعمار الإسرائيلية. 
[email protected]
[email protected]