وسط ظلام غزة.. ماذا تفعل شركة الكهرباء؟!

بي دي ان |

18 يوليو 2023 الساعة 08:24م

المشرف العام
مسكينة هي المدينة التي لا حراس لها ولا أمناء عليها، خاصة حين تكون المدينة على الدوام شامخة، قوية، تجلس على الشاطيء، متحدية أقوى وأعتى الأمواج، إلى أن تصبح هزيلة، شاحبة، تستغيث بالآخرين ولا من مجيب.
 
غزة بعد النكبة الثالثة عام 2007 ليست كما قبل هذا التاريخ الكارثي، حيث عملية تحول غريبة وأليمة لحال المواطنين على هذه البقعة الحائرة.

أزمات وتحولات ونوائب كثيرة حلت على المواطنين الذين أصبحوا بلا حول لهم ولا قوة، تحت حكومة أمر واقع لا تلبي لهم أدنى متطلبات الحياة، رغم الضرائب والرسوم التي يدفعونها مع كل خطوة أو عمل حتى لو كان (بسطة) على قارعة الطريق، وربما قد يصبح هناك ضريبة على الهواء المسرطن الذي يتنفسه. 

لم يعد أحد على هذا الكوكب الظالم، يجهل ما يعيشه المواطنون في غزة من معاناة يومية ما بين الفقر والمرض والعزلة والبطالة وانعدام الاستقرار وتدمير النسيج الاجتماعي وتدمير البنية التحتية، مواطنون بلا حرية رأي ولا انتخابات ولا (تغيير وجوه ولا تحسن أداء). 

كوارث وأزمات كثيرة جدا لا نستطع حصرها لأن كل مواطن له معاناته المختلفة ولا أظن أن هنالك مواطن بلا أزمات استثنائية على هذه البقعة المدمرة بفعل العدو تارة، وبضع من أهل البيت مرات أخرى، ومؤخراً بدأ المواطنون يتململون في مشهد على ما يبدو بداية لنفاذ صبرهم حيث ضجت وسائل التواصل وأماكن التجمعات بمطالبة حكومة الأمر الواقع وشركة الكهرباء بتوفير الكهرباء والتي هي أهم وأدنى حقوق الإنسان خاصة في هذا الجو الساخن والذي لا يمكن تحمله بأي حال من الأحوال. 

مشكلة الكهرباء من المشاكل الأساسية التي رافقت سيطرة حماس على غزة واختراع برنامج لقطع ووصل الكهرباء في مشهد مزري لم يتم معايشته من قبل. برنامج حياتي تعامل معه الناس بخليط من الجد والهزل، وقد كان لهذا القطع الكثير من الكوارث حيث في الشتاء تسبب بوفاة مواطنين كثر حيث استخدمت بعض الأسر الشموع مما تسببت بحرائق منازل كثيرة وسببت عشرات الوفيات. 

مشاهد الأطفال وهم ملقون على الأرض وهم نيام من شدة الحر وعدم توفر الكهرباء، ومشاهد أخرى للناس في الشوارع وعلى أبواب منازلهم، خاصة ذوي البيوت الضيقة والمخيمات وغيرهم لهي مشاهد ظالمة، وذلك حين تدرك أن ولاة القوم ينامون وعائلاتهم تحت المكيفات، والبيوت مضاءة على مدار الساعة، دون أي إحساس بالمسؤولية الأخلاقية تجاه المواطنين المغلوب على أمرهم. 

وفي ذات السياق يتساءل المواطنون عن شركة الكهرباء ومسؤوليتها في توفير الخدمة للمواطنين على الرغم من أن الحكومة الفلسطينية تدفع للجانب الإسرائيلي مياة وكهرباء حوالي ( 75) مليون شيكل شهري، إضافة إلى اثنين مليون دولار شهري صيانة للمحطة، إضافة إلى ( عشر ملايين دولار ) تأتي بشكل شهري من قطر للسولار لصالح شركة الكهرباء، زائد ما تحصله الشركة مِن المواطنين وكذلك ما تنتزعه من جيبه بفعل تركيب العدادات الذكية، والتي من خلالها يتم تحصيل دفعة من المتأخرات وتعتبر تحصيل مقدمًا لخدمة لم تقدمها الشركة بعد، وبالنظر لهذه الأرقام يتضح أن خدمة الكهرباء بالاساس مدفوعة مسبقا عن المواطن من قبل السلطة الفلسطينية ودولة قطر، فكيف إذا يتم قطع الكهرباء عن المواطن ولماذا يتم تدفعيه ثمن خدمة بالأساس هي مدفوعة؟! هذه التساؤلات مطلوب الاجابة عليها من قبل الشركة وحكومة غزة، دون أي مواربة وبكل شفافية ( إن استطاعوا ). 

قد نتردد في العتاب على صمت هذا المواطن المنهك والذي يعلم مسبقًا ثمن صوته إذا ارتفع، لكن كل العتب على النخب التي تقول وتكتب فيما يشاء صناع القرار ولا يكتبون ويرفعون صوتهم فيما يحتاج المواطن المقهور، نعتب كثيرا على فصائل نصبت نفسها مسؤولة على مواطن بلا رغبة منه (على الأغلب )، ولم تقدم له أي شيء ولم تطالب بما يحتاج ولم تكن أمينة عليه وعلى قضاياه. 

غزة غرقت وتغرق في وحل الأزمات والناظرين والمتفرجين عليها كثر، والمستفيدون من معاناتها وعليها أكثر وأكثر، غزة تحصي وتدرك جيدا ملايين الدولارات التي تأتي لها دون أن تلمس شيئا، ومن يأخذ منها دون أن يعطي. 

وها هي شركة الكهرباء التي تجني ملايين الدولارات دون أي وجه حق، ففي العام الماضي بلغت أرباح شركة الكهرباء (14,024,650) دولار امريكي مقارنة مع أرباح نهاية العام 2021 حيث بلغت قيمتها 10,187,369 دولار امريكي. 

نؤمن جميعنا أن الثابت بالكون هو التغيير، بالتالي ستمر هذه المرحلة البائسة في حياتهم، وتنتقل غزة إلى حياة أفضل، تستحقها، أيا كانت الأسباب والمفاعيل، وستلفظ غزة إلى البحر كل من خانها وابتزها وقهرها، "فإذا الساعة اقتربت" فما بال تغيير الحال ؟!