اشتية في افتتاح المؤتمر الوطني للسكان: ذاهبون إلى نموذج جنوب أفريقيا بسبب "الأبرتهايد" الإسرائيلي

بي دي ان |

11 يوليو 2023 الساعة 02:28م

رئيس الوزراء د. محمد اشتية
افتتح رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية، اليوم الثلاثاء، المؤتمر الوطني الفلسطيني للسكان: "الديموغرافيا بين الصمود والتنمية"، في قاعة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في البيرة.

وقال رئيس الوزراء في كلمته بمستهل افتتاح المؤتمر، "ذاهبون إلى نموذج جنوب أفريقيا، بسبب سياسة التمييز العنصري "الأبرتهايد" الذي تمارسه دولة الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني".

وأضاف: أصبح المركب الديمغرافي الفلسطيني استثنائيا لأول مرة، كون عدد الفلسطينيين أعلى من عدد اليهود، وهذا يعني أيضا أننا ذاهبون إلى نموذج جنوب أفريقيا، الذي كانت فيه أقلية بيضاء تتحكم بأغلبية سوداء".

وأكد أن إسرائيل هي دولة فصل عنصري تحكم فيه أقلية يهودية أغلبية فلسطينية، الأمر الذي يقوّض حل الدولتين. 

وأوضح اشتية، أن إعادة صياغة الصراع على كامل فلسطين التاريخية، يأتي في ظل انسداد الأفق السياسي، وانشغال أوروبا في الأزمة الروسية الأوكرانية، الأمر الذي يصعّب من فرصة إيجاد أفق سياسي يستند إلى الشرعية الدولية.

وأشار إلى أن التعامل مع الأزمة الروسية- الأوكرانية، أثبت ازدواجية المعايير الدولية في التعاطي مع القضايا الدولية، مؤكدا أن الهجمة الإسرائيلية غير المسبوقة على مختلف الأراضي الفلسطينية تأتي في ظل انسداد الأفق السياسي من الإدارة الأميركية، لا سيما أن الرئيس الأميركي جو بايدن هو الرئيس الأميركي الوحيد الذي لم يقدم أي مبادرة، ولم يرسل أي مبعوث للسلام، واليوم، ما تقوم به الإدارة الأميركية هو دور المتفرج.

وأردف: "الحكومة الإسرائيلية الحالية ليست هي الأكثر تطرفاً، بل هي الأكثر إجراماً، لأن جميع الحكومات الإسرائيلية السابقة هي متطرفة، أرادت تدمير فرص إقامة دولة فلسطينية".

وقال اشتية:" الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تريد دولة ولا دولتين، فهي تريد الحفاظ على الوضع الراهن فقط، وتشن حروبا مركّبة على الأرض والجغرافيا، كما تشن "حرب المال" على الحكومة الفلسطينية، وتريد أن تبقيها على حافة الانهيار.

ونوّه إلى الخصومات الشهرية تصل إلى 276 مليون شيقل، ولم تعد الحكومة قادرة على الإيفاء بالتزاماتها نتيجة لذلك.

وأكد، أن استطلاعات الرأي التي تظهر مدى تقدم قادة الاحتلال على منافسيهم مربوطة بحجم الدم الفلسطيني، وبحجم التدمير للبنية التحتية، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وكثافة الاستيطان.

وأردف اشتية: نحاول إحياء مبادرة السلام العربية، بيد أن مجموعة من التحديات تواجهنا، أهمها: إنهاء الانقسام، ونأمل انهاء هذا الفصل الأسود من تاريخ شعبنا بعدما يتكلل المؤتمر العام لأمناء الفصائل المقرر نهاية الشهر الجاري، بدعوة من الرئيس محمود عباس بالنجاح.

وأكد أن عقد الانتخابات على رأس أولوياتنا، ونسعى إلى عقدها في جميع الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس، غير أن إسرائيل تمارس "الفيتو" على هذا الحق الفلسطيني بمنع إجرائها".

وأضاف: استشهد 202 فلسطيني في ظل هذه الحكومة الإسرائيلية الحالية، فهي حكومة انتقلت من الصهيونية العلمانية إلى الصهيونية الدينية".

وتابع اشتية: المشهد على الساحة الفلسطينية منذ نكبة عام 1948 وحتى اليوم يؤكد فكر الحركة الصهيونية بكل مركباتها، بخصوص سعيهم إلى أن تكون هذه الأرض بلا سكان، عبر تهجير السكان، وتدمير القرى، وهو ما حدث إبان النكبة، إذ طُرد 950 ألف فلسطيني، وأصبحوا لاجئين، فيما مُسحت 531 قرية وبلدة فلسطينية، وفي عام 1967 طُرد 250 ألف فلسطيني، ومُسحت 3 بلدات هي عمواس ويالو، وبيت نوبا.

منسقة أممية: الاحتلال هو العائق الأساسي أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة

من جانبها، قالت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة للأرض الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز "إن الاحتلال الإسرائيلي بجميع أشكاله هو العائق الأساسي أمام تحقيق أجندة عام 2023، وأهداف التنمية المستدامة".

وأشارت المنسقة الأممية إلى أن الانقسام الداخلي، والأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية، من العوائق التي لا تشكل فقط عقبة أمام تحقيق السلام، بل تمثل تحديدا أمام النمو الاقتصادي، والاستقرار المالي، والنمو الإنساني.

وأكدت أن دولة الاحتلال الإسرائيلي حرمت الفلسطينيين من الحقوق التي يتمتع بها باقي سكان العالم، المقدر عددهم الآن بنحو 8 مليارات نسمة، ما جعلهم يعيشون تحت وطأة أزمة إنسانية مستمرة، خاصة ما لمسناه عن كثب ما حدث في جنين الأسبوع الماضي، حيث تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023 بنسبة 20% فقط.

ونوهت إلى أن إطار التعاون الإنمائي المستدام للأمم المتحدة يدعم أجندة السلطة الفلسطينية للإصلاح، ورؤيتها لتحسين فرص الفلسطينيين في الازدهار، وتحقيق قدراتهم الكاملة وحقوقهم الإنسانية.

وأعربت عن تطلعها إلى تطوير وتمكين لجنة السكان الوطنية، للأخذ بتوصيات هذا المؤتمر، والتأكد من أن التحليل السكاني والظروف الديموغرافية هي نقاط الانطلاق لخطة التنمية الوطنية، وإعادة النظر في قانون حماية الأسرة، وإعادة وضعه، وتكوينه.

"ماس": السكان والجغرافيا والموارد الطبيعية أمر مصيري في معركتنا الوجودية ضد الاحتلال

بدوره، قال نائب رئيس مجلس أمناء معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" ماهر المصري، إن المؤتمر هو نتاج ثمرة جهود كبيرة ومتواصلة من المعهد، بالشراكة مع مكتب رئيس مجلس الوزراء، واللجنة الوطنية للسكان، وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان.

وأعرب المصري عن أمله في أن تكون الأوراق البحثية في المؤتمر قاعدة بيانية وتحليلية واسعة تساعد صاحب القرار في وضع الخطط المستقبلية اللازمة للتعامل مع موضوع السكان والتنمية، بما يشمل ذلك الجغرافيا والموارد الطبيعية، لأنه يشكل جزءًا أساسيا من هموم الدول بشكل عام والدول النامية بشكل خاص، لما لها من أثر في مستقبلها ومستقبل أجيالها.

وأوضح أن موضوع السكان، والجغرافيا، والموارد الطبيعية، والتنمية في فلسطين يعد أمرا مصيريا في معركتنا الوجودية ضد الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولاته المتواصلة منذ أكثر من قرن لنشر أكذوبة أن فلسطين أرض بلا شعب، إلى مصادرة الأراضي، وهدم البيوت، ومحاصرة شعبنا في أرضه من أجل حمله على النزوح، مشددًا على ضرورة توفير أدوات الصمود لشعبنا، من خلال وضع خطوات اقتصادية وتنموية توفر له فرص العمل والعيش الكريم في ظل مجتمع ديمقراطي يمنحه قاعدة صلبة للصمود.

وقال المصري إن المعهد أولى هذا الموضوع اهتماما كبيرًا في أبحاثه، لإيمانه العميق بأهمية الديمغرافيا على مجمل الحياة الفلسطينية، ومستقبل أجيالنا القادمة التي ترنو إلى العيش بحرية وكرامة في ظل دولة مستقلة

ويأتي انعقاد المؤتمر، الذي يستمر على مدار يومين، بالتزامن مع اليوم العالمي للسكان، ومرور ثلاثين عاما على المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، حيث يُعقد بشراكة ودعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA، وينفّذه معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس".

ويجمع المؤتمر عددا من الخبراء، وصناع السياسات، وأصحاب المصلحة المتميزين من مختلف القطاعات، للمشاركة في مناقشات، وتبادل للمعرفة في المجالات التي تغطي الاتجاهات الديموغرافية، خاصة تمكين المرأة والشباب، والعمل، والمساواة، والصحة، والصحة الإنجابية، والحماية الاجتماعية.

ويشكل المؤتمر منصة للحوار الوطني والدولي حول التغيرات الديموغرافية والآثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية في دولة فلسطين، وماهية المقاربات والسياسات الفلسطينية الكفيلة بتعزيز الصمود، وإحداث اختراقات تنموية في فلسطين.

ويتكون المؤتمر من سبع جلسات، حيث ستسلط الجلسة الأولى الضوء على موضوع التوجهات والتغيّرات الديموغرافية الحالية والمستقبلية في فلسطين، بينما تناقش الجلسة الثانية التحول الديموغرافي القسري في فلسطين، في حين تناقش الجلسة الثالثة المخاطر الديموغرافية المحدقة (القدس، وقطاع وغزة، ومناطق ج، والهجرة)، وتناقش الجلسة الرابعة الاتجاهات الديموغرافية في فلسطين- تعزيز الصحة والصحة الإنجابية، بينما تناقش الخامسة الاتجاهات الديموغرافية في فلسطين - تحقيق العدالة الاجتماعية.

وخصص المؤتمر جلسته السادسة لموضوع الاستثمار في الطاقات الكامنة للشباب، كما خصص جلسة خاصة عن العائد التنموي للفلسطينيين في الخارج.