مظلة الحكومة ترعى الإرهاب

بي دي ان |

26 يونيو 2023 الساعة 12:46ص

الكاتب
كان الأسبوع الماضي وتحديدا بعد جريمة حرب اقتحام الجيش والمستعربين وحرس الحدود محافظة ومخيم جنين فجر الاثنين الموافق 19 حزيران وسقط بنتيجتها قرابة عشرة شهداء، و91 جريحا، وأصيب 9 ضباط وجنود من الصهاينة وكلبهم "دوغ" واعطبت مجموعة عربات عسكرية إسرائيلية. كانت نقطة ذروة في الصراع المحتدم بين الشعب الفلسطيني وادواته الكفاحية من بداية العام الحالي 2023، حيث اعقبتها مباشرة العملية الفدائية في مستعمرة عيلي يوم الثلاثاء الموافق 20 من حزيران، وتلاها انفلات قطعان المستعمرين في اللبن الشرقية وغيرها من القرى الفلسطينية المجاورة، التي شهدت حرقا للسيارات والمنازل والقمح والزيتون ولمحطة المحروقات، تبع ذلك هجوم المستعمرين على قرية ترمسعيا والمغير والقرى المجاورة يوم الجمعة الموافق 23 حزيران الحالي، واحرقت أيضا عشرات المنازل والسيارات والأراضي المزروعة بالقمح وسقط عدد من الشهداء والجرحى، ترافق مع هجوم قطعان المستعمرين اعلان رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الحرب غالانت يوم الثلاثاء مباشرة بعد قتل 4 مستعمرين واصابة مثلهم عن بناء الف وحدة استيطانية في مستعمرة عيلي، وتم اطلاق يد زعران التلال والمنظمات الصهيونية الفاشية لاقامة 7 بؤر استيطانية، ولم يكتف بن غفير بذلك اثناء زيارته لمستعمرة "افيتار" بل طالب اقرانه الاستعماريين باحتلال الجبال الفلسطينية والسيطرة عليها، وإقامة بؤر استعمارية عليها لطرد الفلسطينيين أصحاب الأرض منها.
وعندما تعالت ردود الفعل العربية والدولية بما في ذلك من الإدارة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، وتم تأجيل مؤتمر "النقب 2"، ومنع دخول الدبلوماسيين الإسرائيليين لمعرض اكسبو باريس بنسخته السعودية اثناء وجود الأمير محمد بن سلمان، وتجميد التعاون في مجال الأبحاث العلمية بين واشنطن وإسرائيل، وغيرها من الخطوات ذات الصلة، فرمل نتنياهو اندفاعه، وصرح بمواقف اكثر مرونة، ورد على شريكه في الحكم زعيم "القوة اليهودية" برفض تشغيل التوربينات الهوائية في الجولان، وعقب برفض تصريحاته بشأن احتلال رؤوس الجبال، وإقامة البؤر الاستيطانية، وفق صحيفة "معاريف" يوم الجمعة الموافق 23 حزيران الحالي.
ما هي النتيجة العلمية من قراءة تطور الاحداث المتسارعة في الضفة الفلسطينية وفي المقدمة القدس العاصمة؟ هل هي مجرد ردود أفعال آنية؟ وهل صحيح هناك فصل بين الدولة الإسرائيلية اللقيطة وقطعان المستعمرين وجرائمهم في الضفة؟ هل هناك دولتان واحدة للمستعمرين في الضفة، وأخرى في المركز في هشارون "تل ابيب"، ام ان الدولة واحدة والمخطط واحد والمعلم واحد، والمال والسلاح من موازنة الدولة الفاشية؟ وهل يمكن كبح المستعمرين وعلى رأسهم نتنياهو وبن غفير وسموتيريش وكل زعران الحركة الصهيونية، ام لا ؟
باختصار شديد، وردا على كل الكتابات الإسرائيلية التضليلية، التي تحاول الفصل بين جرائم قطعان المستعمرين والقيادة السياسية والعسكرية للدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون، وتسعى لحرف بوصلة النقاش، والتعمية على الواقع الاستعماري الصهيوني، فإن القراءة العلمية والوقائع الموضوعية تؤكد جميعها على الاتي: أولا لا يوجد فصل بين الدولة الإسرائيلية وحكوماتها المتعاقبة وقطعان المستعمرين ومنظماتهم ومسمياتها المختلفة، ومن يحاول ابراز أي تناقض بين المستويين الاجراميين، فهو خاطئ، ولا يفقه ابعد من ارنبة انفه؛ ثانيا حكومة الترويكا الفاشية هي المسؤولية المباشرة عن كل جرائم المستعمرين في أي بقعة من فلسطين التاريخية من البحر الى النهر. وهذا ما اعلن عنه نتنياهو وغالانت وسموتيريش وبن غفير وغيرهم عن بناء الف وحدة استعمارية، واحتلال رؤوس الجبال، ورصدوا مئات ملايين الشواقل لتوسيع الاستيطان الاستعماري؛ ثالثا المخطط الاستراتيجي للدولة العميقة يرتكز على بناء دولة إسرائيل الكاملة على كل فلسطين التاريخية؛ والتمهيد لذلك بتصفية خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ المصادقة على قوانين الدولة الأساس لنفي حق تقرير المصير لابناء الشعب العربي الفلسطيني، وحصر الحق بالاستعماريين الإسرائيليين وحدهم؛ تقويض السلطة الوطنية من الداخل، وتشويهها، وتمهيد الطريق لاستقدام جماعة الاخوان المسلمين الانقلابيين لتولي مقاليد الأمور في المحافظات الشمالية بعد الإعلان عن موت السلطة؛ تمزيق المحافظات الشمالية الى كانتونات متنافرة وفق بيان قطعان المستعمرين؛ فرض التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى، ومن ثم هدمه .. الخ رابعا الاستفادة القصوى من الصمت العالمي، والتخلي العربي الرسمي عن مبادرة السلام العربية، والاندفاع نحو تعميق وتوسيع عمليات التطبيع المجانية الاستسلامية، وترك الملف الفلسطيني لقمة سائغة في فم دولة المشروع الصهيوني.
وعليه ما تم، وسيتم من جرائم حرب إسرائيلية باسم الجيش او المستعربين او المستوطنين او قوات حرس الحدود او قوات ما يسمى "الامن القومي" او أجهزة الامن من الشاباك والموساد والاستخبارات وغيرها، جميعها عمليات مخطط لها، ومدرجة في بنك الأهداف للقضم التدريجي للثوابت والمصالح العليا الفلسطينية السياسية والاقتصادية الاجتماعية والقانونية والثقافية والدينية والبيئية في كل فلسطين من النهر الى البحر دون تمييز بين حملة الجنسية الإسرائيلية وسكان الضفة بما فيها القدس العاصمة والقطاع.
وتستطيع الولايات المتحدة خصوصا وقف كل هذه الجرائم اذا ارادت، ولكنها حتى الان لم تقرر. كما ان الشعب العربي الفلسطيني وقيادته الشرعية يستطيعون وقف كل الجرائم من خلال وحدتهم الوطنية، وتصعيد مقاومتهم بمختلف اشكالها، وتنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي، وتفعيل الهيئات المركزية لمنظمة التحرير، وإعادة الاعتبار لدورها من خلال دعوتها للانعقاد، واخراجها من حالة المراوحة والسكون القاتل، وتطوير التحالفات العربية الشعبية والاممية الرسمية والشعبية، والاستفادة من حالة التفسخ والتمزق داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي يعيش اعقد واصعب أزمات المشروع الصهيوني التاريخية. نعم يستطيع الشعب الفلسطيني وقيادته وقف كل التدهور الحاصل، وعلى المعنيين ان يستعيدوا الامساك بزمام المبادرة والخروج من شرنقة المراوحة والتردد والخشية من المجهول. لا شيء نخسره فيما لو قلبنا الطاولة على رؤوس الإسرائيليين ومن لف لفهم، فهل نحن فاعلون، ام العكس؟
[email protected]
[email protected]