لن نموت وحدنا

بي دي ان |

20 يونيو 2023 الساعة 11:53م

الكاتب
أمس الثلاثاء الموافق 20 حزيران / يونيو حصلت عملية فدائية على طريق رام الله نابلس على مدخل مستعمرة "عيلي" وفي محطة البنزين قتل فيها أربعة وأصيب أربعة آخرين من المستعمرين الإسرائيليين، والعملية الفلسطينية الجديدة ليست ردا على جرائم الحرب الإسرائيلية الأخيرة فقط، وانما هي جزء من رؤية وطنية لدى قطاع من الفلسطينيين، الذين وصلوا الى استنتاج عميق بعد تصاعد جرائم الحرب الفاشية الصهيونية، وانكشاف ظهر العدو الصهيو أميركي عن رفضهم لخيار السلام، وتصفيتهم حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وتخندقهم في خنادق الإرهاب والجريمة المنظمة ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني تنفيذا لمخطط التطهير العرقي، ان خيار المقاومة لرد الاعتبار للذات الوطنية هو اقصر الطرق لكي الكي الإسرائيلي بذات اللغة والمنطق والادوات.
لم يتعلم الإسرائيليون الصهاينة الفاشيون دروس التاريخ المعاصر لاستعمارهم على الأرض العربية الفلسطينية، واعمتهم غطرسة القوة، والانفلات من العقاب، ودعم الولايات المتحدة والغرب الرأسمالي لمشروعهم الاجلائي الاحلالي، ونتاج تراجع وهزيمة الأنظمة العربية الرسمية واستسلامها لطاغوت الشر والجريمة المنظمة لاباطرة رأس المال المالي، وانخراطها الذليل في عمليات تطبيع مجانية، ومسابقة الزمن في قهر الوعي الوطني والقومي الجمعي، وتطويع المواطن العربي لخيار تلك الأنظمة واسيادها أصحاب المشروع الصهيوني، وبسبب استقواء إسرائيل على الذات الوطنية من خلال اداتهم الانقلابية، التي مزقت النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي، ومازال فرع جماعة الاخوان المسلمين يتمسك بالامارة الطالبانية الغادرة، ولم يراجع ذاته وحساباته. لانه لا يملك إرادة التقرير، كونه مامورا وتابعا .
ولهذا اعتقد الاعداء ان التاريخ والزمان والمكان والانسان الفلسطيني العربي خضعوا لمشيئتهم، وبات طريق إقامة دولة إسرائيل الكاملة على ارض فلسطين التاريخية ممهدة، ولم يعد هناك ما يحول دون مواصلة عملية التطهير العرقي باشكال ووسائل قديمة جديدة، ومتجددة ومستحدثة، وامسى تحقيق أهدافهم وشعاراتهم المزورة للحقائق والتاريخ في مرمى النظر فتكاملت ادواتهم السياسية والأمنية العسكرية والتشريعات القضائية القانونية والثقافية التربوية والدينية في الخنق التدريجي للمصالح والحقوق الوطنية والقومية العربية الفلسطينية، فتعاظمت عمليات الاستيطان الاستعماري، وزادت إعلانات العطاءات والتزوير لنهب العقارات والحدائق العامة والسيطرة على مقابر المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين العرب، وتضاعفت الاقتحامات للحوض المقدس عموما والمسجد الأقصى خصوصا لفرض التقسيم الزماني والمكاني له تمهيدا لتدميره وبناء الهيكل الثالث المزعوم على انقاضه، وتلازم مع ذلك انفلات واسع وممنهج في الاقتحامات للمدن والمخيمات والقرى، وزادت عمليات القتل والاعتقال، بترابط مع الحروب على محافظات الجنوب، وبالتشابك مع تفشي الجريمة المنظمة في الوسط الفلسطيني العربي في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، في استهداف واسع للكل الفلسطيني على ارض الوطن الفلسطيني، والحؤول دون بناء جسور السلام الممكن والمقبول وفق قرارات الشرعية الدولية وعلى وجه التحديد القرار الاممي 2334 الصادر في 23 من كانون اول / ديسمبر 2016.
وتجاهل الإسرائيليون كليا، ان الفلسطينيين لم يرفعوا الراية البيضاء، ولم يذعنوا للاستسلام، ولم ولن يقبلوا ان يكونوا كانتونا او جيبا، كما كان جيب الجنوب اللبناني بقيادة انطوان لحد وسعد حداد، واعتقدوا ان انخراطهم في عملية اوسلوا سيؤدي بهم الى الخضوع لاملاءات تل ابيب وواشنطن، وتناسوا ان منظمة التحرير وجدت لتمثيل الشعب، ولقيادة نضاله التحرري حتى بلوغ اهداف الشعب المحددة وفق برامج الاجماع الوطني، ولن تتخلى عن خيار الشعب مهما كلف الثمن من تضحيات جسام. رغم كل المآخذ على اليات العمل الوطنية، التي هي بامس الحاجة الى استنهاض الذات بشكل جذري.
وبالنتيجة عملية امس الفدائية في مستعمرة "عيلي" والابداع الدفاعي لابناء الشعب في مخيم جنين والمحافظة عموما اول امس تؤكد، ان الموت سيطال الإسرائيليين جميعا، ولن يكونوا في مأمن، ولن ينعموا بالامن والأمان ولا بالاستقرار، وسيدفعون الثمن غاليا جدا. لانه لم يعد مسموحا الموت المجاني للفلسطيني، وستواصل الذئاب المنفردة والجماعية في كي الوعي الإسرائيلي، وتدمي مضاجعهم، وتشل تفكيرهم الاستعماري القهري الفاشي، وليرى العالم من سيصرخ أولا، ومن يتقهقر ويموت في اوكاره. رغم كل أسلحة الدمار الشاملة والجرثومية والكيمياوية والنووية والكلاسيكية، التي لا قيمة لها لانها لا تملك القدرة على استخدامها نتاج معادلة التداخل الديمغرافي القائم في فلسطين من البحر الى النهر.
ولن يرحل الفلسطيني، ولم يعد مستعدا للخروج من وطنه الام، وتجربة النكبة في ال1948 والنكسة والهزيمة في ال1967 بما حملته من مآسي وتشرد وضياع في دول الشتات والمنافي، لم يعد لها وجود في الوعي الفردي والجمعي الفلسطيني، سنبقى هنا في وطننا الام صامدون متجذرون ونقاتل بما ملكت أيدينا، وارادتنا وانتماءنا لهويتنا وشخصيتنا الوطنية الفلسطينية والقومية العربية حتى تحقيق اهدافنا كاملة غير منقوصة. فإما ان نكون، او لا نكون، وسنكون كما نريد.
[email protected]
[email protected]