عندما اختفت الوحدة الكوميدية؟!

بي دي ان |

18 يونيو 2023 الساعة 06:31م

الكاتب
بالطبع أنت تذكر حديثي معك عن اختفاء الوحدة الكوميدية من على خشبة مسرح امبراطورية الفكاهة السياسية، وعرائس "الماريونت" وعن - لا مؤخذه - الخيار الاستراتيجي؟ فالوحدة اختطفها الموت من بيننا، ولم يتبقَ منها سوى ذكريات ضاحكة قديمة نحاول استعادتها فلا ينتج عن المحاولة إلا المزيد من العبثية والاكتئاب والمرارة؛ ربما لأن لدينا كنوزا من السخافات والعبثية ما يضمن إنتاجنا الدائم من الكوميديا السياسية السوداء، والمتعلقة بالفساد والانقسام والاستبداد.

صدق أو لا تصدق.. ولكني أصدقه؛ الواقع أن الوحدة مازالت على قيد الحياة!! وإنها  لن تختفي في حالة واحدة وهي أن يكون الشعب قادرا على الفعل؟ أه  طيب الحمد لله؛ وقبل ذلك كله.. سلموا من فضلكم على السيدة وحدة وطنية، والسيد خيار استراتيجي، فلقد عانينا من الغياب سنوات طويلة!! أهلا يا حبيبتي.. وأخبار الخيار الاستراتيجي المجروح؟  يا أهلا يا حبيبتي يا وحدة وطنية .. سلامات يا استراتيجية، تحت أمرك يا قمر .. طلباتك.. تأخذي كام مقابل البقاء مع البلهاء؟ سلامات أهلا...أهلا ...اتفضلوا  ارتاحوا. بذمتك أليست جميلة؟!

لقد حدثتك من قبل عن مؤامرة صهيونية معادية تمكنت من شفط ملف الوحدة ...معقول؟!  جيلك في الكلام؛ فكانت فترة هروب وحدتنا، إلى الماضي البعيد بحثا عن ملاذ آمن تحتمي به لبعض الوقت من قسوة الحاضر وتخلفه، وهي محاولة لإنقاذ جهازها العصبي والنفسي من حمولة الكذب و الأحزان الثقيلة والخيبة الكبيرة؟ فقد كانت تشعر بأن حياتها مهددة في عصر الانقسام و الخوف والنفاق والفساد، وكانت قرفانة خصوصا من تلك الجمل المتفرقة التي لم تكن تعني شيئا، ولا تعني الآن أي شيء..؟ لاتسمن ولا تغني من جوع.. لكن بذمتك أليست جميلة؟!

الوحدة هدف أساسي.. الوحدة خيار استراتيجي. الوحدة فقوس التكتيكي؟! 

 ثم..... لا شيء!! يا حلاوتك .. يا جمالك؟!

 نفس سيناريو  وحوار الفيلم القديم الذي تقدمه شركات الانتاج الحزبي، ولقد شاهدنا هذا الفيلم من قبل لمئات المرات، والغريب أنه ما زال يقدم في دكاكين، و دور العرض. للبسطاء من العوام إلى العوام .. منذ أعوام؟! ولا أمل في إسكات هذه الأفلام ، فكل هؤلاء الذين يعرضونها أقوياء، بل نجحوا في تصوير أنفسهم بوصفهم ممثلين لإرادة الشعب!!

حضرتك لن تصدق أين كنت مختبئة منذ زمن طويل؟!  وتتجمل لكي تصل إلى جمهور جديد لم يعد يأكل الخيار الاستراتيجي أو الفقوس التكتيكي - الأب الروحي للوحدة الوطنية - وحتى إذا أكلها فسيكون عاجزا عن هضمها ويصاب بما نسميه عسر هضم سياسي وفكري؛ طيب وحد الله... حضرتك لن  تصدق ايضا، أن ظروف الوحدة وحشة، فكانت ترتشف العتمة، وتأكل الجمر، وتملأ أذنيها بالرمل، وتسمع صخب كلمات مليئة بالرعد وتنتفض في الوحل. والمعروف إننا نغامر بالوقوع في أوحال من صنعنا!! و نغني في النهاية.. "ماسك الهوا بأيديه"؟! وحتى بعد أن تحسنت عجزت عن الخروج من دائرة الوحل الجهنمية، التي يبدو أن لا نهاية لها..!!


لقد حدثتك من قبل...كمواطن محبط؟ عن قولهم: إن السياسة الانقسامية تحتقر الوحدة ، والعمل السياسي الرشيد!! وأنا أشهد على صحة هذه المقولة؛ فالانقسامي الذي يتغنى كل لحظة بالوحدة الوطنية والخيار الاستراتيجي، والديمقراطية والانتخابات - خاصة إذا كانت انتخابات.. حرة من النوع الذي يستخدم مرة واحدة فقط – هو في واقع الأمر، وأعمق أعماقه يحتقر الوحدة والخيار الاستراتيجي.!!


وحضرتك لن تصدق أن المحتل الغاصب عديم العقل وٍالإنسانية، ومخطط الانقسام والخراب الصهيوني شيء واحد ولا يمكن الفصل بينهما. وهما يؤديان وظيفة واحدة، وراءها هدف بعيد هو تقسيمنا وتفتيتنا والقضاء علينا. لذلك قررت الوحدة  الهروب الكبير؟! فكان خير من وجودها في أيدي الهواة من موالسة الانقسام الخراب؛ ومهمتك كمواطن محبط هي مواجهة مخطط الانقسام والخراب الصهيوني، كمهمة دفاعية بحتة.

 وبالمناسبة يرى "كلاوتزفتز" أبو الاستراتيجية – طبعا هو غير الأخ بتاع الخيار الاستراتيجي-  فيقول "كلاوتزفتز"  أن العبقرية الوطنية تظهر بوضوح في الحرب الدفاعية وليس في عمليات الهجوم. وهنا يبدأ دور المواطن الإيجابي صاحب الرأي القوي، الذي يتعامل مع قضيته الوطنية بدرجة أعلى من الحرص والمسؤولية، والقادر على شق طريقه بين الأوحال..  من اجل الانتصار على صانعي الأوحال؛  هذا هو بالضبط ما أطلب منكم... فالانقسام أكثر من جريمة، هكذا أنظر أنا ويجب أن تنظر أنت لمخطط الانقسام والخراب الصهيوني، أي باعتباره أكثر من جريمة وراءها هدف بعيد هو تقسيمنا وتفتيتنا والقضاء علينا.


ومحاولة الالتفاف حول هذه المشكلة وتحويلها إلى حلقات تفاوض طويلة مجهدة من أجل استمرار النزيف الوطني، ليست أكثر من محاولات يائسة لخداع الذات. فمن المستحيل تحقيق الوحدة الوطنية، لسبب واضح هو عدم قدرة هؤلاء على الالتزام بما تفرضه الاتفاقات الوطنية. كما أنهم  لا يستطيعوا السيطرة كلية على أفعال العناصر المستفيدة.!

فالوحدة الحقيقية في حاجة إلى بشر راغبين في تحقيق المصلحة الوطنية العليا للشعب، وقادرين على تشكيل سلطة مركزية للوصول إلى الدولة المستقلة، وليس هدنة وتهدئة وهباب، وطين، وإطلاق القطران علينا. هذا هو بالضبط ما يجب الاتفاق عليه... الآن وفورا، فكل المجهودات المبذولة لتحقيق أهداف أخرى غير الوحدة لن تفضي لشيء.
سلامات يا وحدة .. أهلا .. أهلا  يا خيار استراتيجي.. سلامات يا فقوس يا تكتيكى ..اتفضلوا  ارتاحوا.