قصة وحكاية... الأسير وليد دقة معتقل منذ 37 عاماً داخل سجون الاحتلال

بي دي ان |

17 يونيو 2023 الساعة 03:30م

الأسير وليد دقة
ولد الأسير وليد دقة عام 1962م, لأسرة فلسطينية، مكونة من ستة أشقاء وثلاث شقيقات، تسكن في مدينة باقة الغربية في منطقة المثلث شمال فلسطين المحتلة سنة 1948م.

تلقى وليد تعليمه في مدارس البلدة، وأنهى دراسته الثانوية في باقة الغربية، ثم انتقل للعمل في إحدى محطات تسويق المحروقات, وفي 25/آذار /مارس 1986م اعتقل بتهمة الانتماء إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وانتسابه لخلية فدائية بالإضافة إلى حيازة أسلحة ومتفجرات غير قانونية (حسب الوصف الإسرائيلي).

في البداية حكم بالإعدام، ثم خفف الحكم لاحقاً إلى 37 عاماً وأضيفت سنتين إلى الحكم بتهمة إدخال الهواتف النقالة للأسرى.

فقد تعرض وليد خلال فترة اعتقاله للعديد من أشكال التعذيب النفسي والجسدي والحرمان والقهر والتمييز العنصري، فقد تنقل خلال فترة اعتقاله للعديد من السجون، ورغم ذلك شكل نداً للاحتلال الإسرائيلي ، وأفشل مخططات السجان التي سعت للنيل من عزيمته، وبقي مناضلاً صلباً عنيداً.

حيث برز وليد أنه مناضل سياسي وكاتب متميز ومفكر وقائد محنك ومؤثر، فقد جاء في إحدى لقاءاته متحدث عن الانقسام :( لا أبالغ إن قلت أنه على الرغم من أن من يغلق علي باب الزنزانة هو سجان إسرائيلي، لكن الذي يصنع له مزيداً من الأقفال هو الانقسام الفلسطيني).

رغم اعتقاله لم يتوقف وليد عن مواصلة تعليمه، فقد حصل على درجة الماجستير في الديمقراطية السياسية داخل السجن، من خلال انتسابه عن بعد للجامعة العبرية المفتوحة.

واستمر نشاطه في القراءة والكتابة، فقد كتب العديد من المقالات والكتب منها المقاومة في جنين، الزمن الموازي، صهر الوعي، حكاية سر السيف في ام 2022, وحصد حكاية سر زيت جائزة اتصالات الإمارتية للأدب اليافعين.

مؤخراً، أصبح وليد يعاني من مشاكل صحية عديدة منها أمراض تنفسية والتهاب بالرئة اليمنى، وفي كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي تم تشخيصه بسرطان نادر في نخاع العظمي علاجه دوائياً وليس كيمائيا، وبات وضعه الصحي مقلق للغاية جراء التدهور الخطير الذي طرأ على صحته في الآونة الأخيرة.

فقد وثق نادي الأسير أن هناك 700 حالة مرضية بين الأسرى الفلسطينيين ككل في سجون الاحتلال الذي يبلغ عددهم 4900 أسير منهم 24 أسير مصابون بالسرطان بدرجات متفاوتة، 15 منهم يتواجدون بشكل دائم في عيادة سجن الرملة، وبعض الحالات لم تغادره منذ 20 عاماً بسبب الأمراض المستعصية ورفض الاحتلال الإسرائيلي الإفراج عنهم.

سناء وميلاد والحلم المنتظر

في الختام، لابد أن نشيد صبر والدته وصمودها، ونضال زوجته سناء التي تعرف عليها بسنة 1996م، عندما زارته في السجن لتكتب عن الأسرى ومعاناتهم، كانت تكتب لصحيفة الصبار التي تصدر في مدينة يافا، وتم تقديم طلب بعقد قرانهم في السجن وتم عقده في 15/آب /أغسطس 1999م، وكان ذلك المرة الأولى والوحيدة في تاريخ الحركة الأسيرة.

رزق وليد دقة بابنته ميلا التي ولدت بتاريخ 3/فبراير2020 بعد أن نجح وليد في تهريب نطفة وتجسيد الفكرة التي آمن بها منذ تسعينيات القرن الماضي ودافع عنها وناضل طويلاً من أجل تحقيقها.

واختير اسمها تحقيقاً لرسالة كتبها الأسير وليد دقة داخل جدران السجن عام 2011م في الذكرى الخامسة والعشرين لاعتقاله، عبر بها عن حلمه بأن يصبح أباً، نصها:

أكتب لطفل لم يولد بعد
أكتب لفكرة أو حلم بات يرهب السجّان دون قصد أو علم، وقبل أن يتحقق
أكتب لأي طفل كان أو طفلة
أكتب لابني الذي لم يأتِ إلى الحياة بعد
أكتب لميلاد المستقبل، فهكذا نريد أن نسميه/ نسميها، وهكذا أريد للمستقبل أن يعرفنا
عزيزي ميلاد،
اليوم، أنهي عامي الخامس والعشرين في السجن، تسعة آلاف ومئة وواحد وثلاثون يوماً وربع (9131)... إنه الرقم الذي لا ينتهي عند حد.. إنه عمري الاعتقالي الذي لم ينتهِ بعد... وها أنا قد بلغت الخمسين، وعمري قد انتصف بين السجن والحياة... والأيام قد قبضت على عنق الأيام.. كل يوم أمضيته في السجن يقلب "شقيقه" الذي أمضيته في الحياة، ككيس يحاول إفراغ ما تبقى به من ذاكرة... فالسجن كالنار يتغذى على حطام الذاكرة.. وذاكرتي، يا مهجة القلب، غدت هشيماً وجف عودها... أهرّبها مدونةً على ورق حتى لا تحترق بنار السجن والنسيان.. أما أنت، فأنت أجمل تهريب لذاكرتي... أنت رسالتي للمستقبل بعد أن امتصت الشهور رحيق أخوتها الشهور... والسنين تناصفت مع أخواتها السنين.
أتحسبني يا عزيزي قد جننت؟؟ أكتب لمخلوق لم يولد بعد؟
أيهما الجنون.. دولة نووية تحارب طفلاً لم يولد بعد فتحسبه خطراً أمنياً، ويغدو حاضراً في تقاريرها الاستخبارية ومرافعاتها القضائية.. أم أن أحلم بطفل؟
أيهما الجنون.. أن أكتب رسالة لحلم أم أن يصبح الحلم ملفاً في المخابرات؟
أنت يا عزيزي تملك الآن ملفاً أمنياً في أرشيف الشاباك الإسرائيلي... فما رأيك؟
هل أكف عن حلمي؟
سأظل أحلم رغم مرارة الواقع
وسأبحث عن معنى للحياة رغم ما فقدته منها
هم ينبشون قبور الأجداد بحثاً عن أصالة موهومة
ونحن نبحث عن مستقبل أفضل للأحفاد... لا شك آت
سلام ميلاد... سلام عزيزي