سؤال التقصير تجاه الانقلاب

بي دي ان |

15 يونيو 2023 الساعة 12:32ص

الكاتب
أمس الأربعاء حلت الذكرى السادسة عشر للانقلاب الأسود على الشرعية، وهي ذكرى أليمة وتوازي النكبة الفلسطينية في خطورتها وتداعياتها. لان الانقلابيين من نسيج الشعب، لذا تمثلوا دور حصان طروادة، الذي استهدف المشروع الوطني التحرري، وتبديد القضية الوطنية. كون فرع جماعة الاخوان المسلمين قام بالوظيفة الموكلة له، والتي لم تتمكن دولة التطهير العرقي الإسرائيلية من تحقيق أي نجاح على هذا الصعيد منذ ان احتلت كل الأرض الفلسطينية في الخامس من يونيو 1967، وكل مشاريعها التمزيقية باءت بالفشل. لا بل كلما كانت تطرح عنوانا من عناوين التفتيت لوحدة الشعب، كان يزداد صلابة وقوة وتماسكا ووحدة، فلا روابط القرى نجحت، ولا مشروع المملكة المتحدة نجح، ولا غيرها من عناوين التخريب تمكنت من النفاذ لنسيج الشعب العربي الفلسطيني.
لذا خبراء إسرائيل الاستراتيجيون في محاكاتهم للانتفاضة / ثورة كانون 1987- 1993 أعادوا النظر في اليات تعاملهم مع الشعب الفلسطيني ومشروعهم الوطني، واعتمدوا مبدأ "فرق تسد"، ولتحقيق ذلك فَّعلوا اداتهم الوظيفية جماعة الاخوان المسلمين فرع فلسطين، وكانوا كما ذكرت هنا في زاويتي، وفي كتابي الصادرة عام 1992 "الانتفاضة ثورة كانون – إنجازات وآفاق" عن دار عيبال/ دمشق مرات عدة، ان انقلاب حركة حماس شكل رأس حربة ما سمي "الربيع العربي"، وبوابة هدم المشروع الوطني والقومي العربي، حيث لعبت فروع الجماعة في مصر وسوريا وليبيا والسودان والصومال والعراق والأردن والجزائر والمغرب وتونس واليمن الدور الموكل لها نيابة عن العدو الصهيو أميركي. وكل الوثائق الأميركية والإسرائيلية والأوروبية الغربية التي نشرت حول هذا الملف، اكدت ما ذهبت اليه.
إذاً الانقلاب الحمساوي لم يكن له صلة بالمقاومة، ولا بالإصلاح والتغيير، وانما أولا تمزيق وحدة الأرض والشعب والمشروع والقضية الوطنية والنظام السياسي الوليد؛ ثانيا تاجرت بدماء أبناء الشعب المضللين لدس الاسفين في أوساط الشعب؛ ثالثا ارادت وتريد مواصلة السيطرة على امارة غزة، لانها مازالت رافعة التنظيم الدولي في الوطن العربي، وعنوان نجاح دورها الوظيفي وخدماتها المطلوبة منها نسبيا لصالح المشروع الصهيوني؛ رابعا اثبتت التجارب والحروب التي تكاملت فيها مع إسرائيل، وأدمت قلوب أبناء الشعب الفلسطيني، وآخرها حرب الأيام الخمسة في مايو الماضي على حركة الجهاد في محافظات الجنوب، انها متواطئة في المؤامرة على الشعب والقضية؛ خامسا مواقف القيادات الإسرائيلية من حركة حماس، والاعلان على لسان العديد منهم، ان حماس ذخر استراتيجي للمشروع الصهيوني، ولهذا عملت على تسهيل دخول حقائب المال لها عبر مطار بن غوريون، ومازالت تحمي الانقلاب، وتؤمن له كل شروط البقاء حتى تحول دون عودة الوحدة الوطنية، وتطبيق اتفاقات المصالحة المختلفة التي وقعت منذ عام 2009 حتى العام الماضي 2022 وآخرها اعلان الجزائر الشقيقة.
مع ذلك كل ما تقدم لم يعد جديدا على المتابعين بعدما اتضحت صورة وخلفية حركة حماس، باستثناء البسطاء من الشعب، او المدفوع له من قبل جماعة الاخوان، او الذين يخشون سطوتها. يبقى السؤال المركزي والاهم، هو لماذا بقي الانقلاب للان؟ ومن المسؤول عن بقائه؟ وأين حركة فتح وفصائل المنظمة من الانقلاب؟ هل ما تم، ويتم يعكس الحرص والرغبة على تصفية الانقلاب، وبلوغ الوحدة الوطنية، ام إستمرأ المختصون لعبة التعايش مع الانقلاب، وإدارة الازمة مع حماس؟ ام هناك قوى خارجية تفرض علينا املاءاتها لديمومة الانقلاب؟ واليس الوضع القائم على مدار الستة عشر عاما دفعنا به اثمانا باهضة سياسية واقتصادية وتعليمية وصحية وسياحية وثقافية وبيئية، واضعاف ما دفعناه من الأرواح والضحايا والخسائر المادية والبنى التحتية والمنازل والابراج؟ ومن المسؤول عن الصمت عن الحالة القائمة والمراوحة في ذات المكان؟ وأين هي المكاشفة والمحاسبة والمساءلة عن بقاء الحال على ما هو عليه؟ وهل منطق لا نريد سقوط نقطة دم واحدة مقبولا؟ الا يدفع الشعب في محافظات الجنوب نتاج سياسات وانتهاكات حركة حماس اثمانا عالية من دماء أبنائه واضعافها من الخسائر المتعددة الأوجه والعناوين؟ لماذا التهرب من محاكمة الذات، وتسليط الضوء على النواقص فينا؟
أسئلة التقصير طويلة وتبز نفسها، وعلى كل انسان امرأة ام رجل معني بالمشروع الوطني طرح الأسئلة على نفسه، ليحاول الإجابة عليها، والمطالب الأول عن ذلك قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وقيادة حركة فتح قبل أي فصيل وطني آخر. وآن الآوان لطي صفحة الانقلاب، والخروج من مرحلة التحسيس على الرؤوس، مضى ستة عشر عاما كل الرؤوس الباردة آن لها ان تستفيق من سباتها لتبييض المشهد الوطني من خلال فرض الوحدة الوطنية فرضا وبالعصا الغليظة، إن لم يقبل القائمون على الانقلاب تطبيق اتفاقات المصالحة. ومطلوب اشراك الاشقاء العرب عموما ومصر الشقيقة الكبرى خصوصا، ومطالبة قطر بكف يدها عن الانقلاب، ووقف شحنه بالاموال بالتعاون مع إسرائيل واميركا، لا بل بجب تجفيف أمواله، ومحاصرته حتى تعود قيادته لجادة الصواب، إن كانت معنية بالمشروع الوطني، وهذا ما اشك به. لانها وجدت كاداة وظيفية، وليست أداة نضال وتحرير وتغيير، بل أداة تخريب.
[email protected]
[email protected]