الفكاهة وصراع الأجيال

بي دي ان |

08 يونيو 2023 الساعة 12:35م

الكاتب
-  أحد زعماء النازية وأعتقد أنه "هملر" له جملة شهيرة "عندما أسمع كلمة ثقافة، أتحسس مسدسي". أما أنا فأقول: عندما أسمع كلمة وفود ، وقود، نقود، وتحركات لقاءات، مصالحة والصلات القائمة والمحطات المحتملة؟ وغير ذلك من عشرات الزيارات و الأنشطة  المسرحية التي يعرفها المحترفون، أشعر بأنني مقبل على كارثة..!

- نفس المسرحية في حلاوة ورومانسية الكلمة المصاحبة "المصالحة" نفس الهيافة، و العرض المسرحي الفاشل الذي حدثتك عنه؟ ومنتج المسرحية  وجملته الشهيرة السخيفة هي: المصالحة خيار استراتيجي.! تخيل .. خيار واستراتيجي؟! "من فضلك راجع مقالنا السابق عن الخيار الاستراتيجي". وكما ترى  كان منهم من هو عاقلا ومعقولا طوال مشاركته في المسرحية، غير أن وحدته كانت تنقح عليه، فقال:  الوحدة خيار استراتيجي؟! خير لعله خير.

- فمع الفشل تأتي المتاعب والمشكلات؛ الفشل الذي أسلمنا لحالة اكتئاب شديدة. وإجهاد عصبي، فنوبات المصالحة هذه أصبحت أشبه بضربات القدر، وأسوأ ما فيها هو الصراخ المفاجئ للمغفلين، عند كل زيارة لدولة من بلاد العرب أو العجم، فتهب علينا أو للدقة تهب على البلهاء نسائم من التفاؤل؟! كعادة يصحب في ركابها أسوأ أنواع الصراعات وأكثرها ضراوة. للذين تخصصوا في تعذيب الشعب، والجيران وكل من يقف في طريقهم؟! من العرب والفرس والترك والبيزنطيين والبطالمة والرومان، والسند والهند، وبين النهرين، والخمير الحمر.

- وتحولت خشبة المسرح السياسي إلى حلبة مبارزة فكاهية؛ ففي الحياة عدد لا حصر له من المسرحيات و المنغصات، علينا أن نستمتع بها في وقتها حتى لا نشعر بالندم؟! فقد مضت الأيام في حقل الكوميديا السياسية متباطئة، غير أن فرق الصيف الكثيرة بكل بطونها وعشائرها، التي تظهر عادة صيفا وتختفي شتاء، لم يكفوا عن العمل وخوض مغامرات الإنتاج الكوميدي - سياسية وهمبكة - والتي كانت تنتهي دائما كعرض " نعدّي بيه المرحلة" لكنه عرض لم يلفت نظر أحد؟!

- يسعفني في لحظات الإظلام والتجارب غير مطمئنة. الأستاذ فهو مؤلف مسرحي يكتب الكوميديا  بأبسط قدر من الخيال والحسابات السياسية، في ظل تلك الظروف المجنونة العصبية التي تعيشها المنطقة، ولا تدفعه الرغبة في الربح أو الحوافز والأوفر تايم، بقدر ما تقوده الرغبة في خوض مغامرة كتابة فقرات فكاهية بسيطة، وصنع الضحكات، ولا يريد أن يقلبها ديمقراطية سيئة السيرة، ووجع دماغ وانتخابات ودستور وحق التصويت وشرعية وتشريع.. وشعرية.. ووحدة وطنية؟!

- لليل نهار يردد: مصالحة لله يا محسنين؟! ويطالب وبأقوى الكلمات. بالصبر والوحدة ..لا بد من قيام الدولة المستقلة وإن طال السفر ولو انتظر إلى آخر الدهر؟! فالحياة علمته أن يتمسك بالصبر ولا يفقد الأمل مهما طال الوقت، ولا بد أن تأتي تلك اللحظة التي يقدمون للمحاكمة.. أو كما قال!!

- فقال صاحبه ودفَقات غضبه في تصاعُد: "اشترِ دماغك يا عمنا" انسى. ولا بهللة.. ولا بفلس.. ولا بمليم؟! وقت المحاسبة قد مضى وانقضى؛ هناك مثل شعبي عبقري يقول "عرفت إزاي إنها كدبة؟ فقال: من طولها وعرضها" أي كما هو. كمان كان وما سوف يكون للأبد،  وهذا هو بالضبط ما يحرص عليه سدنة الانقسام والخراب.

- فقد اتخذوا موقفا سيعجز أي مؤرخ حتما عن فهمه؟! إن كل ما يعنيهم أن تكون عقولهم عامرة بأفكار هي ذاتها من تسبب في صنع هذا الخراب، ومحاولة الالتفاف حول هذه المشكلة وتحويلها إلى حلقات ولقاءات ثبت فشلها، زيارات ورحلات تفاوض طويلة مجهدة من أجل استمرار الكذبة الكبرى، ليست أكثر من محاولات يائسة لخداع الذات؛ ومأساة القضية بوجه عام هي غياب السياسة المركزية والتعايش مع الدجل العام  والخردة السياسية، نقطة على السطر.

- فقال له: الإجابة سؤال مهم يدل على أنك لم تفهم شيئا مما أقولة... الصبر والوحدة؟ فقال له: الصبر مفتاح 14، وحدة مين يا عم؟ كفاية.. بطلوا. فهذه الجملة التي بطل استخدامها منذ نهاية عصر الوحدة السعيدة. أيام انقسام العمامة والطربوش؟! خليك على نظام قليل من الوحدة  يصلح المعدة، فأشباه الحكومات السلطوية تلجأ عادة لما يسمى بكلمة وحدة واستراتيجية لإسكات المعارضين والمنتقدين, وإلهاب حمية المغفلين وتغذيتهم بالأحلام الكبيرة.

-  وبذلك تتحول كلمة "وحدة" إلى تعويذة يتم بها طرد الأرواح الشريرة، التي قد تشاركهم في نعيم جنة الانقسام وعسل ولبن وقهوة جنة الانقسام...هل يسحموا للخراب بأن يشملهم برعايته، أو يضرب مخزون الأمداد والتموين ألاستراتيجي؟!

- وهل سيسمح للوحدة الحقيقية أو لنظام سياسي موحد بالقضاء على حاضرهم ومستقبلهم؟ وهو بالضبط ما يفعله صاحب الصوت المزعج. عندما يقول لك محذر ومنذر: الوحدة الوطنية خيار استراتيجي، يعني الشعب يخرس خالص.وهذا هو الخطأ، إننا نتصور إن الناس لم تبلغ سن الرشد وموالسة الانقسام أوصياء عليهم.

قابلني بعد غد إن شاء الله.