نهر الأردن (اسمه ووصفه)

بي دي ان |

25 مايو 2023 الساعة 12:11م

الكاتب
فاجأني أحد الأخوة بسؤال غريب :"هل أصل اسم نهر الأردن هندي؟". فقلت له كيف يكون ذلك والنهر عربي وفي بلاد العرب ؟! أم أنها من جهود الأعداء لنزع الأصالة عن كل ما يخصنا كعرب وساميين؟! فمرة يردون شأنا لنا إلى اليونان، واخرى إلى الاراميين، وثالثة إلى المصريين، والمرة إلى الهنود، وعندما عزمت على البحث وجدت مصدرا اجنبيا مريبا يرد التسمية إلى اللغة الهندية فعلا، فيورد الاسم بصورة (يوردون) ، ويعني النهر الخالد. ولا يخفى ما في هذا الاسم من إقحام له على لغتنا العربية واصولها السامية.

اما اسم النهر (اردن)، فهو ينحدر من المادة اللغوية العربية واصولها السامية، في الجذر الثلاثي (وَرَدَ)، ومعناه :(نَزَلَ)، ويقابل هذا الجذر العربي، الجذر الكنعاني وهو بالياء بدلا من الواو في مطلعه؛(يِرِدْ) والمعنى نفسه، هذا أمر طبيعي يحدث في اللغات السامية، في أن يحل حرف مكان حرف، شريطة أن يكون من مجموعة النطق، ولا يؤثر في الدلالة، ولا يحرف معنى الكلمة إلى معنى اخر، والامثلة كثيرة لا يتسع لها المقام، بذلك يكون اسم النهر جرى على السنة أجدادنا الكنعانيين العرب، كون النهر نهرهم، ويجري في ارضهم، فجاء اسمه بصيغة اسم الفاعل (النهر الوارد)، ليعرف فيما بعد باسم الصفة منفردا، (وارد) ثم الحق به ما يعرف بنون التمكين المنبثقة عن التنوين ليصبح؛ (واردِنْ)، هذا بالعربية، وعند وضع الاسم في قالبه الكنعاني، وحسب عادة الكنعانيين في النطق، أُحلّت الياء مكان الواو، مع الابقاء على نون التمكين ، ليصبح الاسم على صورة؛(يارْدِنْ)، واختصار النطق اقتضى التخلي عن الالف ليصبح الاسم بالبنية الكنعانية المعروفة؛ (يرْدِنْ) وهي البنية التي مازالت حيةًّ مستعملة إلى يومنا هذا، تعيش في اللغة العبرية، اللهجة الكنعانية التي ما زالت حية، ينطق بها اليهود اللذين اخذوها زمن يعقوب (عليه السلام). وتكرست كلغة دينية لهم على يد موسى(عليه السلام).

ونشير إلى الاسم باللغات الاجنبية إذ حلت الجيم محل الياء، اقول : أنها مجرد عادة نطق لدى الناطقين باللغة الهندية الأوروبية، اذ يهربون من نطق الياء الابتدائية، التي تتطلب ضغطا على الحنك، إلى حرف الجيم المُعَطَّشة  بالعربية(j) الانجليزية، لتتغير حركات حروف الاسم لتصبح (Jordan), وهذا يلاحظ بوضوح في مثل هذه المواقع كلها، مثل (يافا-جافا) و (يريحو-جريكو)، وهذ كله خاضع لعادات النطق عند الساميين عموما والعرب خصوصا، وكذا لعلم الصوتيات.

اما عن النهر في الجغرافيا، فهو يجري كاسرع نهر في العالم نزولاً، في صلب الانهدام الآسيوي الإفريقي إلى مصبه في البحر الميت، تحف به سلسلتا الجبال الغربية والشرقية وطول مساره حوالي (250)كم، ويتشكل من ثلاثة روافد، البانياس الدان والحاصباني. ثم إن للنهر مكانة دينية عند المسيحيين، بذكرى مسح سيدنا يحيى (يوحنا المعمدان)، للسيد المسيح (عليهما السلام)،مسح راسه في مياه البانياس ،ثم موقع مغطس السيد المسيح وعمّاده في نهر الأردن قرب اريحا. لعل ما اوردت كافيا حول هذا النهر. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.