مسيرة الأعلام والسيناريوهات المحتملة

بي دي ان |

17 مايو 2023 الساعة 12:49م

الكاتب
مسيرة الأعلام الإسرائيلية هي تقليد إسرائيلي بدأه الحاخام المتطرف يهودا حاذاني منذ عام 1968م حينما استكملت إسرائيل احتلال القدس. بعد ذلك أشرفت على تنظيم المسيرة سنوياً بلدية القدس، ووزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، وسط تمويل من مؤسسات يهودية ورجال أعمال، ومشاركة لليمين المتطرف ازدادت سنوياً لتصل إلى عشرات الآلاف، واللافت أن كل عام تقريباً يتغير مسار المسيرة لتشمل مناطق جديدة.

المقال يطرح تساؤل: ما هي الدوافع السياسية لمسيرة الأعلام وأسباب المخاوف الفلسطينية... ؟ وما هي السيناريوهات المحتمل وقوعها يوم غد الخميس...؟

أولاً: الدوافع السياسية والمخاوف الفلسطينية من مسيرة الأعلام.

تهدف إسرائيل من مسيرة الأعلام التأكيد على هوية القدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وإظهار السيادة على كامل حدود المدينة المقدسة.  كما يريد اليمين تثبيت منفذ مباشر إلى الأماكن المقدسة، وتنفيذ قانون أساس القدس عام 1968م الذي أدى إلى ضم الجزء الشرقي من المدينة. 

المخاوف الفلسطينية ناتجة من أن مسيرة الأعلام جزء من استراتيجية كاملة متكاملة لتهويد المدينة المقدسة والسيطرة عليها، وتغيير الوضع القانوني والتاريخي فيها، وكذلك زيادة أعداد المتظاهرين وسلوكهم بالاعتداء على منازل ومحال الفلسطينيين في شرقي المدينة، وهتافهم المستفز للفلسطينيين وتحديهم للمجتمع الدولي وللقانون الدولي، وسط صمت الجميع سوى بعض البيانات الخجولة التي تستنكر وتدعو للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي للقدس.

ثانياً: السيناريوهات المحتملة.

بعد معركة ثأر الأحرار بات تقدير الموقف الإسرائيلي بأن المقاومة في قطاع غزة من الصعب أن تقحم نفسها في مواجهة عسكرية مع الاحتلال في حال تجاوزت المسيرة الخط الأحمر، وهذه فرصة لنتانياهو لكسب رضا اليمين المتطرف، وانتصار له في توظيف معركة ثأر الأحرار إيجاباً لصالحه، وربما هذا التقدير صحيح، ويضع المقاومة أمام تحدي كبير يتمثل في:

1.الانتصار للقدس والدخول بمعركة من أجلها.

2.تغليب تحليل البيئة السياسية لقطاع غزة والتي ترجح عدم الدخول في مواجهة، وعليه البحث عن بدائل وخيارات أخرى.

وعليه يبقى السؤال: ما هي السيناريوهات المحتملة.

الأول: سيناريو البحث عن بدائل غير التصعيد العسكري.

قد يكون هذا السيناريو المرجح لدى المقاومة وهو الأقل تكلفة وجوهره يقوم على: 

•مقابلة مسيرة الأعلام الصهيونية بمسيرات أعلام فلسطينية تنطلق في كافة المدن الفلسطينية وعلى وجه الخصوص القدس، وفي الداخل المحتل، والضفة المحتلة، وقطاع غزةً، للتأكيد على عروبة كل فلسطين.

•عمل دبلوماسي رسمي وشعبي من القيادة الفلسطينية والفصائل لتوظيف قمة الرياض والتي ستعقد بعد يوم واحد من مسيرة الأعلام الصهيونية وذلك للضغط على الاحتلال.

•حشد الوسطاء الإقليميين والدوليين للضغط على نتانياهو لضبط المسيرة.

•مواجهة مسيرة الأعلام بالإعلام (المواجهة الإعلامية) في تقديري أن هذا المسار الأقل كلفة والأسهل في التطبيق وواقعي جداً ويتمثل في حث وسائل الإعلام العربية والدولية لتغطية المسيرة ورصد انتهاكاتها وهمجية من فيها وبث ذلك للعالم، وذلك لصناعة وعي جمعي يوضح غوغائية الصهاينة وحقدهم على العرب، وانتهاكهم لقرارات الأمم المتحدة الرافضة للإجراءات الصهيونية في القدس والتي تغير من واقعها التاريخي والقانوني.

الثاني: سيناريو العمل العسكري من غير قطاع غزة.

التحريض إعلاميا لتنفيذ عمل عسكري يستهدف المسيرة ينطلق من الضفة المحتلة أو القدس وهذا من شأنه أن يحرف مسارها ويحقق هدف أن القدس عربية فلسطينية.

الثالث: سيناريو التصعيد العسكري من قطاع غزة.

مزايا هذا السيناريو أنه يؤكد على مركزية ومحورية ملف القدس ومن شأنه أن يخلط أوراق نتانياهو ويفسد تخطيطه، ولكن ضرره يتمثل في رد الفعل الذي قد يؤدي لمواجهة مفتوحة، بعد أيام قليلة من معركة ثأر الأحرار، وفي ظل الواقع الانساني الصعب في قطاع غزة، يكون وزن هذا السيناريو الأقل ترجيحاً، ويزداد وزن هذا السيناريو في الحالات التالية:

•جريمة كبرى ترتكبها إسرائيل في القدس يوم المسيرة.

•توافق بين محور المقاومة للدخول في معركة متعددة الجبهات عنوانها القدس في حالة تجاوزت المسيرة مسارها التقليدي (احتمال ضعيف في هذا التوقيت).

الخلاصة: أرجح السيناريو الأول مع عدم إسقاط دخول سيناريو 2 على خط الأحداث، ولكني أستبعد سيناريو 3 إلا إذا أخطأ نتانياهو التقدير.

إن عنوان المعركة مع إسرائيل هو احتلالها للأرض الفلسطينية، وعليه ينبغي العمل على بناء استراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال، وإجراءاته على الأرض، عبر مقاومة متنوعة مستمرة تحقق الهدف الرئيس وهو إنهاء الاحتلال.

• المصدر: شبكة المقدسي للإعلام