دلالات عمليتا الحمرا وتل ابيب

بي دي ان |

09 ابريل 2023 الساعة 05:02م

الكاتب
لا يمكن الانتقاص من قيمة وأهمية اشكال النضال المختلفة في الصراع مع العدو الصهيوني، شرط ان تخضع لقيادة واحدة، وتعمل بالتنسيق والتكامل فيما بين اشكال النضال المخلفة وفق برنامج الاجماع الوطني، وارتباطا بالاهداف الاستراتيجية والتكتيكية التي تحددها منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد. وفي السياق يتم التمييز بين أي عملية فدائية، او نشاط لمواجهة التصعيد الاجرامي للجيش وأجهزة الامن الإسرائيلية بهدف رؤية الجوانب الأكثر إيجابية ومردودا بالمقاييس النسبية بين العمليات والأنشطة المختلفة، والتي تخدم المصالح والاهداف الوطنية على الصعد الذاتية والموضوعية، او التي شابتها النواقص والاخطاء والانعكاسات السلبية المؤثرة الناجمة عنها، لاستخلاص الدروس منها.
واذا دققنا في دلالات العمليتين الفدائيتين في الاغوار الوسطى وتل ابيب اول امس الجمعة الموافق 7/4 الحالي، نلاحظ انها أولا اكدتا ان العنف الاجرامي الإسرائيلي ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني عموما والقدس خصوصا لا يحقق الامن للاسرائيليين، بل العكس صحيح يعزز روح المقاومة في أوساط الشعب للدفاع عن النفس؛ ثانيا الاقتحامات المتتالية للمسجد الأقصى في الشهر الفضيل، والاعتداءات الوحشية على المعتكفين في المصلى القبلي تؤجج ردود الفعل الوطنية والقومية والإنسانية ضد دولة الابرتهايد الإسرائيلية؛ ثالثا  قيمة واهمية العمليتين من حيث اختيار الزمان والمكان كانت ناجحة بامتياز؛ ثانيا تمكن الفدائي الأول في مفرق الحمرا من مغادرة موقع العملية دون عناء، في حين تم استشهاد منفذ العملية على شاطئ تل ابيب. لكن كلاهما تمكن من اختراق كل المحاذير الأمنية الإسرائيلية. رغم الاستنفار الكامل للجيش والأجهزة الأمنية المختلفة؛ رابعا ضاعفت من الارباك والتشتت داخل أروقة المؤسسة الأمنية، وزادت من التخبط والفوضى في أوساط المستويين السياسي والأمني الإسرائيلي، وردا على العملية الثانية في تل ابيب، التي تتوافق مع الذكرى السنوية الأولى لعملية الشهيد البطل رعد خازم في شارع ديزنكوف دعا نتنياهو امس لاستدعاء ضباط وجنود الاحتياط من حرس الحدود؛ خامسا عمقت التناقضات بين الموالاة والمعارضة الإسرائيلية؛ سادسا كشفت عن ضعف وهشاشة الكابينت المصغر الإسرائيلي، وكشفت عن إفلاس وفقر حال غالبية مكوناته، وخاصة الوزراء الذين لا يفقهوا شيئا في العلم العسكري، ولا يعرفوا من حيث المبدأ سوى ترديد الشعارات والمواقف الإرهابية أمثال سموتيريش وبن غفير وغيرهم، الذين رددوا خلال حملاتهم الانتخابية ومع توليهم مهامهم داخل جكومة نتنياهو السادسة، انهم سيعيدوا الردع والامن للاسرائيليين، واعلنوا عن خياراتهم العنصرية والتطهيرية امام الشعب الفلسطيني: لا دولة فلسطينية بين النهر والبحر؛ ولا حقوق في المنطقة المصنفة C، ومن لم يعجبه ذلك عليه الترانسفير، او سنقوم نحن بطردكم او قتلكم. فجاءت العمليات المختلفة خلال ال100 يوم الأولى لحكومتهم لتثبت للمرة الالف اخفاقهم مرة تلو الأخرى في تحقيق أي من اهدافهم وجرائمهم الفاشية؛ سادسا أكدت العملية مجددا لا سلام ولا أمن لإسرائيل طالما لم يحصل الشعب العربي الفلسطيني على حقوقه السياسية والقانونية كاملة غير منقوصة، وإقامة دولته المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لديارهم التي طردوا منها، والمساواة الكاملة لابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة.
وعلى صعيد آخر، اكدت العمليتان ان ما حققتاه من نتائج وحصاد بطولي، اهم الف مرة من ال80 قذيفة المسماة (صواريخ)، لانها لم تجرح أي إسرائيلي، ومن جرح كانوا من الفلسطينيين في ال48، ودلالاتها السياسية والأمنية أكثر مردودا وإيجابية على كفاح الشعب العربي الفلسطيني، وعززت روايته وأهدافه، وأكدت للولايات المتحدة وحلفائها من الغرب الرأسمالي واضاربهم من اهل النظام العربي الرسمي، ان الاندفاع لترجمة صفقة القرن وخاصة التطبيع المجاني الاستسلامي بين الدول العربية والدولة الاستعمارية الإسرائيلية لم يفت في عضد المقاومة الفلسطينية، ولم يخدم الأمن الإسرائيلي ولا الامن الإقليمي، لا بل زادت من وحشية وفاشية دولة الإرهاب الإسرائيلي المنظم، وأفقدت الفلسطينيين الامل بوجود سلام، لانه لا يوجد شريك إسرائيلي، مما حفزهم للدفاع عن الذات الوطن والشعب، وحماية مصالحهم واهدافهم الوطنية بما ملكت أيديهم.
بالنتيجة لم تحمل عملية اطلاق ما يسمى صواريخ من القليلة ورأس العين في الجنوب اللبناني، وقبلها من قطاع غزة أي نتائج، لا بل أعطت حكومة الترويكا الفاشية فرصة اكبر لحرف بوصلة الصراع من الداخل الإسرائيلي الى الخارج، وتوحيد الشارع الإسرائيلي خلفها، وأيضا حرف الصراع عن مساره السياسي القانوني الى صراع ديني، وتخفيف الضغط الدولي عن الدولة اللقيطة الإسرائيلية نسبيا.
إذاً ليفكر الجميع بشكل مسؤول وواقعي في مردود اية عملية ضد العدو الصهيوني، والابتعاد عن الاجندات والحسابات الفئوية لهذه الحركة او ذلك الحزب، والتركيز على معركة المسجد الأقصى والقدس عموما، والتصدي لاقتحامات المستعربين والجيش للمخيمات والمدن والقرى الفلسطينية في عموم الضفة، وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني حتى بلوغ الأهداف الوطنية كاملة.
[email protected]
[email protected]