إلى متى سيبقى الفلسطيني وحيدا بالقدس؟!

بي دي ان |

08 ابريل 2023 الساعة 09:39م

المشرف العام
رغم كلّ الإدانات المحلية والإقليمية والدّولية بعد الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى والاعتداء الفجّ والغاشم على المصلين والمعتكفين دون وجه حقٍّ أو أي مبررٍ سوا عنجهية احتلالٍ استعماري ضاربٍ بعرض الحائط كلَّ المواثيق الدّولية، يعود (بن غفير) من جديدٍ ليأمر بزيادة أعداد الشرطة الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى، لتفريغه من المعتكفين من أجل إفساح المجال لاقتحامه من قبل المستوطنين، ولعله مهم هنا أن نستذكر دعوات ذات المتطرف (بن غفير) السّابقة بهدم منازل الفلسطينيين في القدس خلال شهر رمضان، مع العلم أنّ هنالك تفاهم في المنظومة الأمنية الإسرائيلية أنَّه لا يجوز تطبيق القانون خلال شهر رمضان، خاصة فيما يتعلق بهدم المنازل، تلاشياً للتوتر والتصعيد في هذا الشهر تحديداً لحساسيته الشديدة لدى الفلسطينيين والمسلمين عامة. 

لقد أدرك (بن غفير) وفي إطار الحكومة التي هو جزء منها أنّه لا يوجد ما يمنعه من تنفيذ أي مخططٍ تدميري بالأقصى وغير الأقصى سوا مواجهة الفلسطينيين الذين لا حول لهم ولا قوة، أما عربيًا فلا شيء سوا بيان الشجب والإدانة، ولعلّ ما أخجلنا مؤخراً في هذا السِّياق هو بعض البيانات العربية التي صدرت وفي طياتها إيلام للفلسطينيين أنّهم استخدموا مفرقعاتٍ نارية، أو تحصنوا بالمسجد الأقصى لحماية أنفسهم من الكم الهائل لجنود الاحتلال المدججة بالسّلاح المتطور، وصواريخ أطلقت من الجنوب اللبناني وما أن ابتهج الفلسطينيون فرحاً، حتى جاء الإنكار والتخلي وإلصاقها بطرف فلسطيني خوفًا من تحمل تبعات الفعل، ودوليًا دعوات على استحياء لعدم زيادة التصعيد دون إدانةٍ واضحةٍ لجيش الحرب الإسرائيلي، ودون اتخاذ أي إجراءٍ، وقد يطالب الفلسطينيون على مضض مطالب من المجتمع الدولي في ظلِّ عدم اتخاذ أي خطوة عربية جادة بقطع العلاقات مع إسرائيل، أو وقف التطبيع، أو التلويح بأي ورقة ضغطٍ بإمكانها الرّدع أو العمل على تراجع بن غفير عن وحشيته واعتداءاته على المصلين، ومن جانبٍ آخر فإن المشهد الفلسطيني ما زال مشوهاً وعلى ما يبدو سيبقى كذلك، في ظلِّ انقسامٍ فلسطينيٍ ترسخ وتجذر، وما أسوأ من ذلك تصدير الأحقاد والخلافات الفلسطينية الفلسطينية في ظلِّ منعطفٍ خطيرٍ ومرحلة مفصلية في تاريخ الصّراع، حتى أن إدارة المعركة ميدانياً أصبحت مثيرةً للشك والشُّبهة من قبل البعض. 

حكومة نتنياهو المتطرفة تستفرد بالشّعب الفلسطيني وتجري إعدامات علنية واعتداءات وحشية وتمارس سياسة تكسير العظام بين أزقة البلدة القديمة وغيرها، والفلسطنيون ما زالوا وحدهم بالقدس يدافعون عن الأمتين النائمتين واللتين تبثين الهزيمة والعجز في نفوس الشعوب العربية والإسلامية فتنعدم المفاعيل المطلوب فعلها، ويبقى الفلسطيني وحيدًا بالمعركة، حتى استغاثات النساء إثر الاعتداءات الوحشية عليهم من قبل قطعان المستوطنين المحاطة بشرطة الاستعمار لم تحرك دماء فقدت حرارتها لدى الكثير ممن كان يتطلب منهم تحريك جيش. 

إنَّ هذا الواقع المنحاز لإسرائيل يعزز سياسة اليمين المتطرف في فرض التقسيم الزماني والمكاني للأقصى ولو بشكل تدريجي، فالمعركة لن تنتهي هنا، سيستمر الفلسطينيون وحدهم بالدفاع عن الأقصى طالما استمرت حكومة اليمين المتطرف باعتداءاتها الوحشية على المصليين، خاصة مع إصرار (بن غفير) على سياسته بموافقة نتنياهو وحماية الجيش والشرطة. 

لذا بات مطلوباً تغيير سياسة الرسمية الفلسطينية تجاه ما يحدث بالقدس والضفة، بما يتلائم وحجم الأحداث والانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة وسياسة الأبارتايد المستخدمة ضدّ الفلسطينيين، أما بالنسبة للفصائل الفلسطينية فقد بات حالها محزن ولا يتم التعويل عليها بما يليق بقدسية الأقصى وفلسطين، إذا بقيت على هذا الحال فما هو مطلوب منها كثيراً، كما أنَّها بحاجةٍ لمراجعات وطنية وعمل جرد حساب علها تتقدم لمستوى ما هو مطلوب ومرجو منها.

وأخيراً بات مطلوب تعزيز صمود المقدسيين بما يتلائم وحجم وقداسة الحدث والمكان، تماما كما هو مطلوب بلا تأجيل وحدة فلسطينية لمواجهة السّيطرة والزحف التدريجي للأقصى من قبل المستعمرة الإسرائيلية، فالمخطط يتطلب تحركًا فلسطينياً عاجلًا يقود المرحلة بحكمة وقوة وبالشراكة مع الكلِّ الفلسطيني الحرّ والغيور.