أمريكا والدور غير النزيه

بي دي ان |

08 فبراير 2023 الساعة 09:46م

المشرف العام
على مدار عشرات السنين للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ومع كلّ حدثٍ مهما صغر أو كبر، يتضح أكثر الانحياز الأمريكي الكامل لدولة الكيان الإسرائيلي، دون أي خجلٍ سواء من الحق الفلسطيني المثبت، أو من القوانين والتشريعات الدّولية، ولعلّ ما هو غريب لدى الفلسطينيين أنهم في كلِّ حدثٍ تؤكد القيادة الفلسطينية أن الأمريكي طرف غير نزيه؛ ولا يمكن التّعويل عليه في انتزاع الحق، ومن جانب آخر دائما يتم الطّلب من الأمريكان الضغط على إسرائيل للتراجع عن ممارساتها الوحشية تجاه الفلسطينيين. 

بعد توالي العمليات النّضالية بالضّفة الغربية وتزايد معدلها ضدَّ الاحتلال والذي شكل هاجساً واضحاً لدى الإسرائيليين وقلقًا مزعجًا لدى الأمريكان الحليف الرّئيس لإسرائيل، تعددت زيارات مسؤولين أمريكان للأراضي الفلسطينية تارة، والكيان تارة أخرى لبحث سبل التّهدئة وربما "القضاء على هذه الظّاهرة الشّبابية النّضالية" التي تنتفض بوجه العدو رفضًا للممارسات الإسرائيلية البشعة التي تتزايد يومياً خاصة في ظلِّ الحكومة اليمينية الأخيرة المتطرفة التي جاءت لحسم الصّراع الفلسطيني الإسرائيلي بضربة واحدة إلى حدٍّ ما. 

الحكومة اليمينية الحالية لم تختلف نوعًا عن سابقاتها لكنها لربما تختلف كمًا، فكم وحجم الجرائم المتتالي والمتزايد في مدة زمنية قصيرة، ما بين مضاعفة عمليات القتل والهدم والاستيطان، ومحاربة العلم الفلسطيني، وماله علاقة بالهوية الوطنية الفلسطينية، والتّضييق على الأسرى وتدمير مقتنياتهم وسرقة أموال المقاصة، وحظر البناء في المنطقة المصنفة "ج" إلى آخره من ممارسات لا يمكن حصرها في هذه السُّطور القليلة، كلّ هذا يضاعف بطبيعة الحال من استفزازات الشَّعب الفلسطيني ولاسيما الشَّباب الثَّائر والحرّ، بالتالي ما يقوم به الشّعب الفلسطيني من نضالات في مواجهة العدو الإسرائيلي هي نتيجة طبيعية ورد فعلي طبيعي لفعل وجرائم مستفزة وقاهرة لا يمكن السّكوت عليها.

وقد جاء حديث مدير جهاز ciA الأمريكي، (بيل بيرنز) أمس الثلاثاء ٧ فبراير ، حول إحتمالية عالية لانتفاضة فلسطينية ثالثة، مشيرًا لدورهم لمنع ذلك، بالتعاون مع أجهزة الأمن الفلسطينية و الإسرائيلية. يأتي ذلك في إطار الدّور الإنحيازي الكامل لدولة الكيان للحفاظ فقط على أمن الولد المدلل لديهم "إسرائيل" وهذا ليس بالدّور الجديد لأمريكا فالفلسطينيون لم يروا في تاريخ الصّراع الفلسطيني الإسرائيلي غير هذا الدّور المشين والمنحاز والمخالف لكلّ القوانين والأعراف الدولية.

وبعد تصريحات قيادات فلسطينية مؤخراً أنَّ الدور الأمريكي لا يمكن أن يكون حكم نزيه، بالتالي: بات مطلوب فلسطينياً الكف عن مطالبة أميركا للتدخل بأي شكل من الأشكال للضغط على إسرائيل أو التّوجه إليها بهدف الإنصاف، لأنَّ هذا لن يحدث أبداً، وهذا بات جلياً عبر حكومات أمريكية متتالية ومتعددة لم تقم بالحدِّ الأدنى مما هو مطلوب منها، على الأقل كدولة كانت راعية سابقًا لاتفاقية سلام فلسطينية إسرائيلية.

ثانيًا بات مهماً توصيل رسائل جادة وقوية أنَّ التَّنسيق الأمني تم توقيفه 
وأنّ ما قبل مجزرة جنين    26/1/2023 ليس كما بعدها، وأنَّه يجب أن يكون حداً لهذه الجرائم الإسرائيلية التي ترتكبها يومياً دون أن تدفع أي ثمنٍ، وعلى الأمريكان إما أن ينصفوا الشَّعب الفلسطيني ويلتزموا بالاتفاقيات الدُّولية والحديث لإسرائيل بجدية أو عدم التدخل. فلم يعد للفلسطيني ما يخسره بعد مسلسلات الجرائم اليومية التي تنتهك حقوقه وآدميته. 

رسالة أخرى مهمة سواء نقلتها القيادة الفلسطينية أو لم تنقلها: أنّه لا أحد ولا الأجهزة أمنية بات لها السَّيطرة في الميدان، وهذه حقيقة فرضها الواقع السيء المعاش في ظل هذا الاحتلال العنصري ، فهذه هبة شعب ضجر الاحتلال وممارساته البشعة وجرائمه التي لا تتوقف ليل نهار، شعبٌ رفض وسيبقى يرفض احتلالاً بغيضاً على أرضه جاثماً فوق صدره، مصدرًا كلّ يومٍ شهداء وجرحى وضحايا مادية ومعنوية، وقد كفلت كلّ المواثيق والأعراف الدّولية للشعوب المحتلة أن تقاوم محتلها، لأنّ الاحتلال بالأساس سلوكٌ مرفوضٌ دوليًا. 

وأنَّ أيّ قيادة لابدّ لها إلا أنْ تحترم وتقدر نضالات شعبها، هذا ما يجب أن يدركه الأمريكان وغيرهم من الدول التي تأتي هرعًا وهلعاً من أجل حماية والحفاظ على دولة الاحتلال بدلاً من إنصاف ورفع الظّلم عن شعب محتل، كلّ ما يطالب به هو نيل حريته المشروعة وزوال الاحتلال عنه. 

وليتوقف النّفاق السِّياسي والدُّولي الذي لم يعد يستصيغه حتى الوسطاء المرسلين.