يا له من خبر.. مسرحية !

بي دي ان |

25 ديسمبر 2022 الساعة 10:40م

- البلد كلها بتقول باطل ..
- أقتلوا البلد كلها ..
- المشهد الأول/ قال: أي حركةٍ خيرٌ من الكَرب الذي نعانيه. فقد مرت بالبلد المنكوب أحداث ونكبات، وهو شاهد وينظر إليها ، بعد ان ترك وحيدًا في السفينة الجانحة، وتلبسته  هيئةُ حزينة لا أدري من أين جاءته، رغم التعود.! مضت سنوات مفعَمة بالحزن واللهفة والحسرة والإحباط، طاويا ذكرياته البائسة في ماضٍ بعيد لم يكَد يبقَى من معالمه شيء. و يرى مستقبل قضيته من خلال نظارةٍ كحلية اللون. بعد أن يئس تماما من سياسة الدجل والموالسة.

 - المشهد الثانى/ الحزن لم يترك في جوفه زيادة لمستزيد، و اخر ما سمعت من قوله: أشك جدا في أنه يمكن إنقاذ السفينة من الغرق، ثم قال: أين الشعب؟! إنه يخسر كل يوم من وراء الدجل والهيافة السياسية. فقلت: كأنما أصبحنا دولة عظمى هنا و اخرى هناك. فقال باسما: دولة عظمى بلا وحدة حقيقية، وبلا رأي الشعب تساوى صفر كبير، نحن نعيش في نسيج عنكبوتي من السخافات والخلافات والهايفات العامة.

 المشهد الثالث/ برغم مما أثار من اعتراضات وانتقادات فلم يحفل أبدا بآراء موالسة الانقسام والخراب، ولم أشهد له نظيرا  في الأدب والشجاعة ؛  شاركناه الحديث  هذه المرة، عقب فترة انقطاعٍ قصيرة. ومن العجيب أن حديثه شهد على ما اكتسبه في حياته من نضج وثقافة وحكمة، كمن خُلق حمَّالًا للهموم والمصائب، فجعلَت منه شخصًا بالغ الروعة، كنا نحبه لجاذبيته وصراحته وذكائه، و نجد في كلماته موضعًا دائمًا للإثارة والصدق.

 - المشهد الرابع/ العم عشم كان يعيش في سراب. ومضى وقتٌ طويل وهو عائش في مأساته، يشرد طويلًا، ثم يواصل: انظروا إلى الموالسة والدجلين ! قال السيد همبكة : استمع إلى شارع ولا تكن من المتشكِّكين. فقال ببساطة: ولماذا نصدِّق ما يُقال؟ فقال بحَيْرة: لن تستطيع أن تقول لوحد منهم إنه مخطئ، أو نقنعه بأننا على صواب. هذه هي المشكلة مع الألم والأسف! اهو دجالا ضمن فريق الدجلين.  يتحكم في مصير شعب ومسير اجيال..! وتَمَّ له ما أراد. والحق أنه لم يستطع أن يُنجِز وعدًا من وعوده الخلابة، فقد قبع في قوقعةٍ محكمة من الأمية السياسية هو وأشباهه .. راجل كثيرة الصخب قليلة الثمرة، ولا يجرؤ أحد على مواجهته، و لا فائدة ولا عائدة من هذا..!

- المشهد الخامس/ رجع العم عشم  إلى سابق عهده بنا، لم يكن الشخص القديم، ومن منا كان؟!! لكن ..أشعر بأنه  يكتم عنا أشياءَ تُحاوِره في أعماقه، هنالك اقتَحمَته بالسؤال فقال بمرارة وصَب غضبه على كل شيء، كما حدث  عقب اغتيال الوحدة الوطنية، وقتل الناس، حينها تكشَّفَت له حقائق الأمور كما لم تتكشَّف من قبلُ. فإنه لم يَرَ في مخطط الانقسام الصهيوني والانقلاب على الشرعية الوطنية إلا أنه انقلابٌ دبَّره الكيان و عصابة الصهاينة من اللصوص لنهب البلد باسم الوطنية ثم تركها  خرابًا شاملًا، وانحرافٍ تاما عن القيم الوطنية و الأخلاقية.. إنها مصيبةٌ لا تخف بمرور الزمن ولكنها تتعقَّد وتستفحل وتنذر بشر العواقب على القضية والشعب.

-  المشهد السادس/ دُهِشْنا لما سمعنا. وحدَّقنا به ذاهلين؛ كلامٌ قيل وصُدِّقَ، ولا يعز على التصديق خبرٌ رديء، ثم إنه لا دخان بلا نار. وعلى أي حال نحن نعيش في جو يقطر كذبًا وادِّعاء؛ والانقسام  يُخيِّم على الوطن ويطمس معالم مستقبله، عامًا بعد عام، في جوٍّ من الصمت والقلق.  وفي غاية من الانفعال الغير معقول! قال: لا أزيد عما سمعتُ حرفًا.  ليس مخطط صهيوني فقط .. ولكنه لغز! احتُقن وجهه بالدم وانحبس صوته. ويتنهَّد بغيظٍ دفين : دكتاتورية الانقسام والخراب، لا  تلفظ أنفاسها، و باتت الرغبة في التغيير قوةً قاهرة لا تُقاوم. فقال له السيد همبكة ساخرًا: إنك تسأل عن أوهامٍ بدافعٍ أوهام. برغم من إنه مخطط صهيوني قديم ولكنه أبدي! الانقلاب وما أدراك ما الانقلاب؟! فقال ساخرًا: انقلابٌ للانقلاب!

الختام/ وإذا بتعليقٍ ينفجر مصحوبًا بقهقهة: اسمع يا عم عشم لقد عاشرنا بكاؤك مع ضحكك وجنونك، بل من أجل حبك أحببناهما، ولكن لكل شيء حد، فارجع عن غيك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم! فقهقه بدوره قائلًا: هذا حظُّ من يسبق عصره ! فذكَرنا بالهموم التي أطلقها من صدورنا فخيَّم علينا حزن ثقيل.
و إسدال الستار علينا وعلى المجلس وعلى القضية والوطن.