خلفية اميركا من البراق

بي دي ان |

04 ديسمبر 2022 الساعة 12:43ص

في اعقاب تعقيب الخارجية الأميركية على نشر وزارة الاعلام الفلسطينية الوثيقة المتعلقة بتاريخ بناء وملكية حائط البراق، ادلى بعض الفلسطينيين بمواقف تنم عن عدم ادراك خلفية الموقف الأميركي الرافض للوثيقة جملة وتفصيلا. والذي يعود أساسا للمنهجية الناظمة لخلفية صياغة مواقف الولايات المتحدة، وكل دول الغرب الرأسمالي ومن يدور في فلكها، الرافض للحقائق التاريخية، التي تتعارض مع مشاريعها الاستعمارية، وتعتمد على الافتراء والكذب، وتشويه الحقائق، وتحريك عجلة اعلامها لغسل ادمغة الرأي العام الأميركي والعالمي على حد سواء. ولا تتورع تلك الدول عن ارتكاب الموبقات ل"تؤصل" لموقفها المعادي لهذا الشعب او ذاك، وفقا لمصالحها واجنداتها الاحتكارية.
الوثيقة التي نشرتها وزارة الاعلام تقول، ان حائط البراق الذي تسميه إسرائيل ب"حائط المبكى"، هو ملك ووقف إسلامي خالص للجزائر، اذ يعود لعائلة العلامة الجزائري الشيخ سيدي بومدين شعيب الغوث، وهو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، ولا علاقة له باليهود، ولا بالصهيونية.
وهذه الوثيقة تعود للزمن المباشر لفتح صلاح الدين الايوبي لبيت المقدس في الثاني من أكتوبر 1187، حيث رافقه انذاك العلامة الشيخ سيدي بومدين، وبادر لاحقا في بناء الحائط، الذي بات جزءا من المسجد الأقصى. وهذا ما أكدته عصبة الأمم المتحدة عام في اذار / مارس 1930 اثر هبة البراق في اب / أغسطس 1929، وبعدما قدمت لجنة "شو" البريطانية تقريرها. التي طلبت العصبة من دولة الانتداب البريطانية تشكيلها، ووافقت على اسمائها. وبالتالي وافقت العصبة ودولة الانتداب على تقرير اللجنة. فضلا عن ان اليهود تاريخيا لم يذكروا مسألة حائط البراق، ولم يمارسوا اية طقوس الا بعد الإعلان عن وعد بلفور المشؤوم عام 1917، في محاولة من الحركة الصهيونية استلاب التاريخ والموروث الحضاري للشعب الفلسطيني، وادعاء ملكية الوقف الإسلامي "حائط البراق". لكنهم فشلوا سابقا، والان سيفشلوا، وكل من يتساوق معهم سيفشل في تمرير تلك الكذبة المتناقضة مع حقائق التاريخ.
عطفا على ما تقدم، بادرت وزارة الخارجية الأميركية بإصدار تصريح بلسان المتحدث باسمها، بي جيه كراولي، جاء فيه: ندين بشدة هذه التصريحات (المقصود نشر الوثيقة من قبل وزارة الاعلام)، ونرفضها رفضا تاما بوصفها خاطئة من منظور الوقائع، و"كونها" لا تراعي احاسيس الاخرين، وتنطوي على استفزاز شديد." بتعبير جلي، ترفض الولايات المتحدة من حيث المبدأ نشر اية حقيقة حول الموروث الديني والتاريخي والثقافي الفلسطيني العربي، وتعتبر ذلك لا ينسجم ويتناقض مع الوقائع؟ والسؤال، عن اية وقائع يتحدث كراولي؟ هل تنازلت القيادة الفلسطينية عن الرواية الوطنية، او عن المسجد الأقصى بما في ذلك حائط البراق؟ الم يسمع الاميركيون ان واحدة من الثوابت، ان القدس الشرقية فوق وتحت الأرض، هي عاصمة دولة فلسطين الأبدية، وليس حائط البراق لوحده، او أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، كما لم تتخلى عن كنيسة القيامة او أي باب من أبوابها؟ ثم يضيف بوقاحة شديدة، ان نشر الوثيقة لا يراعي مشاعر الاخرين؟ من هم الاخرين، الصهاينة مغتصبوا الأرض الفلسطينية العربية؟ وهل انت يا سيد كراولي راعيت مشاعر أصحاب الحائط من الفلسطينيين العرب المسلمين والمسيحيين على حد سواء؟ الم تستفزهم وتؤجج مشاعر العداء لك ولاميركا، وحدث ولا حرج عن العداء لإسرائيل المارقة والخارجة على القانون. ويوغل في البلطجة السياسية واللا أخلاقية، حينما يدعي، ان نشر الوثيقة، يمثل استفزازا شديدا لحلفاء اميركا.؟ والسؤال من الذي استفز من، انت وادارتك ام أصحاب الحق والتاريخ؟
بالنتيجة نلحظ، ان الإدارة الأميركية أولا ادانت الوثيقة؛ ثانيا ادانت الموقف الفلسطيني لنشرها؛ ثالثا اعتبرت الوثيقة استفزازا لها ولمشروعها الاستعماري الصهيوني. لا سيما وان اميركا بالتعاون مع بريطانيا ودول الغرب الرأسمالي هم من انشأ، واسس واقام، ويعمل على ديمومة بقاء دولة التطهير العرقي الصهيونية، الرافضة لمبدأ السلام. وعليه تعتبر نشر الوثيقة يضرب أكاذيب الإدارات الأميركية المتعاقبة تاريخيا، ويكشف تورط رؤساءها، الذين جاؤوا ودنسوا حائط البراق باعتباره "حائط المبكى"، ووضعوا بين حجارته امنياتهم الاستعمارية. فضلا عن دعمهم الكامل للرواية الصهيونية الكاذبة والمزورة، والتي تتناقض مع حقائق التاريخ والجغرافيا.
واي كان موقف الإدارة الأميركية، فإن حائط البراق كان وسيبقى وقفا إسلاميا، وجزءا لا يتجزأ من الحرم القدسي الشريف، ولا يمت بصلة لاتباع الديانة اليهودية، ولا للمشروع الكولونيالي الصهيوني، ولا لدول الغرب الرأسمالي وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية. وعلى كراولي ان يعتذر عن تصريحه المعيب والمعادي للمصالح الوطنية الفلسطينية، والاستفزازي لمشاعر قرابة المليارين من المسلمين في بقاع الأرض، وان يسحبه فورا، ويؤكد على تقرير لجنة "شو" البريطانية الأممية لعام 1930.
[email protected]
[email protected]