احتفال اليوم العالمي للتسامح في الثقافة الإنسانية

بي دي ان |

26 نوفمبر 2022 الساعة 11:50م

يصادف العالم في اليوم الـ 16 من شهر نوفمبر، كل عام بـ اليوم العالمي للتسامح أو ما يُعرف بـ “اليوم الدولي للتسامح”.

اليوم العالمي للتسامح، هو اليوم الذي دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء  للاحتفال به. وقد جاءت هذه الدعوة في أعقاب إعلان الجمعية العامة في عام 1993، بأن يكون عام 1995 عام الأمم المتحدة للتسماح، ومبادرة المؤتمر العام لليونسكو في 16 نوفمبر عام 1995، حيث اعتمدت الدول الأعضاء في المنظمة الدولية المبادئ المتعلقة بالتسامح وخطة عمل متابعة سنة الأمم المتحدة للتسامح.

وأعلنت الجمعية العامة التابعة لليونسكو في 1993 سنة 1995 بوصفها سنة الأمم المتحدة للتسامح. وفي المؤتمر العام لليونسكو في 16 نوفمبر 1995، اعتمدت الدول الأعضاء إعلان المبادئ بشأن التسامح وخطة عمل متابعة سنة الأمم المتحدة للتسامح.

ونص تعريف التسامح؟ 

التسامح في اللغة أصله: سَمَحَ، وهو مفهومٌ يعني العفو عند المقدرة، وعدم رد الإساءة بالإساءة، والترفع عن الصغائر، والسمو بالنفس إلى مرتبة أخلاقية عالية، فهو مفهوم أخلاقي اجتماعي، دعا إليه كافة الرسل والأنبياء والمصلحين، لما له من أهمية كبرى في تحقيق وحدة وتماسك المجتمعات، والقضاء على الخلافات بين الأفراد والجماعات، والتسامح يعني احترام ثقافة وعقيدة وقيم الآخرين، وهو ركيزة أساسية للعدل والحريات الإنسانية العامة.

وتُعرف منظمة اليونسكو التسامح على أنه “الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا"

وأضحت الجمعية العامة للأمم المتحدة تعريف التسامح كالتالي: “التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا..إن التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا. ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد أنه الوئام في سياق الاختلاف. وهو ليس واجباً أخلاقياً فحسب، وإنما هو واجب سياسي وقانوني أيضاً.

والتسامح هو الفضيلة التي تيسر قيام السلام، يسهم في إحلال ثقافة السلام محل ثقافة الحرب” 
وباعتماد إعلان المبادئ وخطة العمل من أجل المتابعة، أعلنت الدول الـ185 الأعضاء في اليونسكو أنها تأخذ على عاتقها اعتماد اليوم العالمي للتسامح وتعزيز التسامح واللاعنف عن طريق برامج ومؤسسات تُعني بمجالات التربية والعلم والثقافة والاتصال.

وتهدف منظمة الأمم المتحدة من إقرار يوم عالمي للاحتفال بالتسامح إلى الدعوة لإرساء قيمة التسامح والتغافر بين جميع البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم وعرقياتهم، سعيا لتحقيق حياة أفضل للإنسانية يسودها السلام الذي ترسخه معاني التسامح وقبول الآخر والاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب.

وقد نص "إعلان مبادئ التسامح الأممي" الذي اعتمدته الجمعية العامة في هذا الشأن على أن التسامح يعني في جوهره "الاعتراف بحقوق الإنسان للآخرين"
كما أكدت مبادئ التسامح التي وردت في "إعلان اليونسكو" الذي اعتمدته أن التسامح يعني "الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات عالمنا، ولأشكال التعبير، وللصفات الإنسانية لدينا، ويتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال وحرية الفكر والضمير والمعتقد"
هذا في الشق الأسري؛ أما لو دخلنا في الشق الاجتماعي فسوف نجد أشكالاً وألواناً من الشدة من الخصومة، فلم تعد صور التكاتف والتقارب القديمة حاضرة؛ لذلك لن تستغرب إذا وجدت شكوى أو استدعاء من البلدية لأنك وضعت كمية من التراب في أرض جارك المهجورة لتعود إلى استخدامها بعد نهاية ما شرعت فيه من عمار، والمصيبة أن الشكوى التي تأتيك ليست من صاحب الأرض الذي استأذنته في استخدام أرضه ولكنها من جار أمام الأرض الخالية أو بجانبها، ولو كلف الشاكي السري نفسه وأشعر واضع التراب بتضرره فربما عمد لنزحها إلى أماكن أخرى خصصت لهذا الغرض، ومثل ذلك لن تعدم جاراً يمر من أمام جاره صباحاً ومساءدون أن يكلف نفسه إلقاء التحية، وربما ترصد هذا الجار لجاره، إذا اقترب وجه سيارته من بابه.. وهناك أناس كانوا يرتبطون ببعضهم بعلاقات إنسانية، انقطعت إلى الأبد بسبب هفوة أو زلة لسان، أو اختلاف على أمور مادية أو اجتماعية؛ هؤلاء الناس لماذا لا يلتقون ويطرحون على بساط البحث كل الأمور التي كانت سبباً في فرقتهم، وسوف يجدون أن التسامح يضفي على النفس راحة ليس هناك أروع منها!.

هذا في الجانب الاجتماعي الإنساني العام، أما لو انتقلنا إلى الجوانب الإنسانية الدولية، فسوف نجد دولاً كبيرة تكف يدها عن معاونة ومساعدة دول ضعيفة لأسباب أغلبية شعب تلك الدول لا ناقة لهم ولا جمل فيها، وقد تكون تلك المواقف التي تتخذها الدول الكبيرة القادرة ناتجة عن مواقف اتخذها رئيس سابق أو قد تكون ناتجة عن أعمال إرهابية اتخذها أو نفذها أشقياء من تلك الدول الفقيرة أو الغارقة في المشاكل الاجتماعية العرقية والعقائدية والسياسية؛ وقد تكون بسبب مواقف سياسية قصيرة النظر اتخذت من هذه الدولة الفقيرة البائسة تجاه دولة من دول القمة المالية والسياسية والعلمية؛ ولا تنكشف هذه الخصومة من الدول القوية تجاه الدول الفقيرة إلا عند انتشار الأوبئة والأمراض وأعمال العنف في الدول الفقيرة؛ الشيء الغريب أن رجال أعمال من الدول الغنية، هم من يمدون أيديهم لدعم الدراسات الصحية والبيئية وتوزيع الأدوية والأردية، وبعضهم يتبنى منحاً دراسية لأبناء الدول الفقيرة، وكأنهم يعتذرون عن دولهم التي حذفت التسامح من قاموسها!.


وللتسامح معان كثيرة، واقتصر على ذكر معناه في الإسلام، وهو تقبل الطرف الآخر كما هو، وأن يعفو ويصفح القوي عن الضعيف، وأن تكون المجادلة في حال الاختلاف بالحسنى وعدم الإكراه والإجبار على تقبل الرأي المختلف. 
من صور التسامح في الإسلام أن الله جل جلاله نص في كتابه وسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم على حقوق للمستأمنين والذميين الذين يعيشون في بلاد المسلمين. 
وفي سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- نماذج كثيرة للتسامح منها عفوه عن قاتل عمه حمزة بن عبد المطلب، وعفوه عن مشركي مكة عفوا جميلا لا يضمر لهم في قلبه أي غل أو حقد تجاههم، وقد وصل صلى الله عليه وسلم إلى درجة عظيمة من التسامح جعلته يعفو عن يهود المدينة رغم تكرار خيانتهم وغدرهم له.
ولم يكن التسامح في الإسلام حكرا على فئة دون أخرى، حيث ضمن للأقليات الدينية أو العرقية حقوقا تكفل لهم رغد العيش في بلاد المسلمين مع حرية ممارسة شعائرهم الدينية في أماكنهم الخاصة. 
ويتبين أن التسامح لا يجتمع مع الحقد والكراهية في قلب واحد، فهما خطان متوازيان لا يتقاطعان أبدا. 
والمتسامح شخص شفاف لا يبطن خلاف ما يظهر. 
ولا يمكننا تجاهل أن صفة التسامح تنعكس إيجابيا على صاحبها فهي تمنع من سوء الفهم وانتشار الحقد والكراهية، وتحث على النية الحسنة والتفاهم والتصالح بين الناس. 
أخيرا «التسامح» صفة عظيمة لا يتحلى بها إلا العظماء.