أهمية الصوت الفلسطيني

بي دي ان |

01 سبتمبر 2022 الساعة 01:47ص

استوقفني ما حمله مقال للدكتور ديمتري شومسكي في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية يوم الاحد الموافق 21 اب / أغسطس الحالي بعنوان "يتحتم على العرب التدفق لصناديق الاقتراع"، وجاء مقاله ردا على مقالين نشرتهما حنين مجادلة في الصحيفة ذاتها بتاريخي (28 تموز / يوليو الماضي و4اب / أغسطس الحالي) وخلصت مجادلة ان السبب في عدم ممارسة الفلسطينيين حق الاقتراع للكنيست يعود لعدم شعورهم بالانتماء، واتفق معها شومسكي قائلا "كانت مجادلة محقة بادعائها، حيث لم يأتِ هذا الشعور من فراغ، بل هو واقع تكرس فيه دولة إسرائيل، جُل مواردها – قبل سن قانون القومية وبعده – لمواطنيها اليهود" الصهاينة. بالمقابل، تقوم الدولة باقصاء المواطنين العرب، الذين يقبعون في اسفل سلم المواطنة بشكل ممنهج عن تلك الموارد،"
ورغم توافقه مع الكاتبة الفلسطينية، الا انه لا يتفق معها في استنتاجها، بأن الفلسطينيين العرب سيقترعوا "حين يشعرون بالانتماء على ارض الواقع." وطالب الجماهير الفلسطينية قائلا، لكني ادعو الى عكس ذلك تماما، أي "يتحتم على المواطنين العرب الاقتراع ليشعروا بالانتماء للدولة على ارض الواقع."
وبدوري اتفق مع جزئيات من مقالات مجادلة وشومسكي، المتعلقة بالتمييز العنصري البغيض، والمجبول بالكراهية والحقد والتحريض الأسود على الفلسطينيين في كل مناحي الحياة، وبالتالي الدولة الصهيونية القائمة على رواية مزورة، هدفها الأساس التطهير العرقي المباشر للفلسطينيين من وطنهم الام، وطمس هويتهم الوطنية، وارتكاب كل الانتهاكات السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية واللوجستية والديمغرافية ضد كل مواطن فلسطيني، حتى لو كان مرتبطا وعاملا في مؤسسات الدولة الكولونيالية، والعمل على عزلهم كليا عن مركبات الدولة لا تمثلهم، ولا يشعرون بالانتماء لها. لانها دولة جاءت لنفيهم، والتخلص منهم، وتشريدهم جميعا للمنافي. وعليه فان الاستنتاج العلمي والمنطقي لما تقدم، خلقت إسرائيل المارقة حاجزا وفاصلا عميق بين المواطن الفلسطيني العربي ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقانونية القضائية والثقافية، كونها قائمة على مركب اساس اجلائي لهم واحلالي للمستعمرين الصهاينة. وسقوط أي شعور بالانتماء، حتى لو حملوا الجنسية الإسرائيلية. فهناك فرق بين ان تحمل جنسية ما لاسباب موضوعية، خارجة عن اراداتك، او حتى بارادتك، وبين الانتماء للدولة صاحبة الجنسية، فما بال أي مراقب عندما تكون جنسية دولة تطهير عرقي وعنصرية مفرطة، والاكثر فاشية في العالم المعاصر. رغم مرور 74 عاما على قيامها، الا انها ترفض من حيث المبدأ الإقرار بحق تقرير المصير للفلسطينيين على ارض وطنهم الام، وترفض بناء جسور السلام والتعايش.
والاهم مما تقدم، اني أرى ضرورة التوجه لصناديق الاقتراع، ليس لتأكيد الانتماء للدولة، لانه مفقود، وغير موجود، ولا أساس له في الواقع العملي، وانما لان التصويت الفلسطيني العربي يمنحهم وزنا وثقلا وقوة اكبر في الهيئة التشريعية الأولى في إسرائيل، وكلما زاد وزن النواب الفلسطينيين العرب في الكنيست، كلما عمقوا ازمة إسرائيل من جهة، وكلما تمكنوا من تحقيق مكاسب لوجستيه، وديمغرافية وثقافية وقضايا مطلبية أخرى ذات صلة بمصالح الجماهير الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، من جهة أخرى. وأيضا كلما كرسوا مكانتهم المركزية في المشهد السياسي والقانوني والبرلماني الإسرائيلي باعتبارهم بيضة القبان، التي لا يمكن للدولة الإسرائيلية السير بدون اخذ موافقتها، وتبنيها لهذا التوجه او ذاك،
وعليه فان أهمية التصويت الفلسطيني العربي تتمثل في تأكيد دورهم كعنوان أساسي في المعادلة الاسرائيلية، والرقم الصعب في المجتمع الكولونيالي. والذي يمكن ان ينتج عنه حملة تطهير عرقي ضد النواب الفلسطينيين، فيتم تنفيذ خيار بن غفير الترانسفيري، ليس لاراضي السلطة الفلسطينية، وانما للخارج، لبلدان المنافي والشتات. وقد تطال أيضا النواب الإسرائيليين الديمقراطيين، الذي ينادون ويدعمون حق الفلسطينيين بتقرير المصير، ويناضلون لتحقيق خيار السلام وتجسيد خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان عودة اللاجئين على أساس القرار الدولي 194، والمساواة الكاملة لابناء الشعب في داخل الداخل.
اذا أي كانت الملاحظات على الأحزاب الفلسطينية المكونة للقائمة المشتركة فالضرورة الوطنية والقومية والاجتماعية تحتم التدفق والتوجه بقوة لصناديق الاقتراع ليتمكن أبناء الشعب في ال48 من احداث النقلة المطلوبة نوعيا. صوتوا تربحوا أنفسكم وشعبكم وتاريخكم ومستقبلكم.
[email protected]
[email protected]