أن تكون هنا؟

بي دي ان |

09 أغسطس 2022 الساعة 09:45م

قال: إني أحذرك من أن تكون فلسطينيا أو نبيا، ذلك يعني أن تسير عاريا صائحا باكيا، أنت تراقب دموع الأمهات، ولآباء، والأولاد والبنات، والأحفاد والحفيدات، والأقارب والجيران والآهل والأصدقاء، والطموحات الصغيرة والكبيرة، التفاصيل الصغيرة والوحيدة في الحياة اليومية الشخصية والعائلية، صارت مهددة بالفناء، في ثلاثة أيام، إني أحذرك أن تكون فلسطينيا أو نبيا، إن ذلك يعني أن تصبح مكلفا ثقيلا على الأبواب، مدفوعا عنها.


 إني أحذرك أن تكون أخر من يدلي بشهادة.. إنك حينئذ الكائن الذي يجد العرب والعجم، عزاءهم في شهادتك.. في دمائك، ويجد البعض عزاءهم في الاستماع إلى آلامك، هوان على أنفسهم ، و على الناس. أو تكون قديس المستضعفين، في وجه العرب أو العجم, العاجزون الجاهلون او المخدوعون او الفاسدون الظالمون، الكسلى المسترخون الضالون الضائعون.

إني أحذرك أن تصرخ باكيا : يا وحدنا .. يا غربتنا.. يا نكبتنا. يا قتل الأمهات ، ولآباء، وأولاد والبنات. هل يمكن ان تكون قادرا على الكلام على الصراخ على التحاور مع نفسك او مع اى شئ؟ أن تكون هنا يعاني الموت وحيدا في الظلام،  مهددا بالقتل ككل الآباء، ومعهم الأبناء والبنات، والأحفاد، والأقارب والجيران والأصحاب، أو مريضا هرما او مشوها او مهددا بالبقاء في الجحيم الصهيوني.
 
إني أحذرك من أن تكون فلسطينيا أو نبيا، أن تكون هنا لتفجع.. لتتوقف عن الحركة، لتتحول كل أنهارك وبحارك وسحاباتك إلى دموع ودماء، لتكون حاضرا بدمائك واطفالك ،  تعبيرا عن بعض احزانك، لتنطفئ الشموس وتتساقط المجرات، ليتحول كل شئ فيك إلى مأتم كبير بحجم وطنك. لتتلقي العزاء من كل الحزانى لك وبك.

إني أحذرك من أن تكون فلسطينيا أو نبيا،  هل تموت هل تستطيع أن تموت؟ هل قبيح أن تموت؟ اليس شيئا رائعا أن تجرب الموت؟ هل تقبل أن تحيا لو جربت الموت؟  باكيا كل الدماء باكيا كل الأبرياء، لا مستذلا أمام كل الأبواب الموصدة في وجهك والمفتوحة لك أحيانا للشماتة بك .. أو التسلي والتشفي بآلامك وجراحك، هل يوجد من يلقي بهمومه وأمراضه وعاهاته فوق أصحاب البلاد مثل هؤلاء؟
 
أن ذلك يعني أن تسير بدموعك صائحا باكيا أمام كل الأبواب المغلقة دونك تدقها، لا تدقها،  لا جواب، و عندك شروط الكبرياء والكرامة واحترام الدماء،  دون أن تسأل أحد هل يقبل أن تدق عليه بابه أو تقف هناك، إنك تصبح الأنسان الذي يجد فيه العرب والعجم عزاءهم في الاستماع  لصراخه وشكوه وألامه، تتحمل هزائمهم؟

 إني أحذرك أن تصبح فلسطينيا أو نبيا، هل وجد أو يمكن أن يوجد من يريد أو يقبل أو يستطيع تحمل ذلك؟ وهل يوجد مناصر لك في العذاب والانفجاع والأسر، والمعتقلات، والقتل الفوري والترويع والتجويع، والحصار، والحرمان من ابسط الحقوق الانسانية بمثل هذه القسوة الوحشية؟ أنهم يدركون ويرون أنك تواجه جرائم من كل الأنواع والأحجام وفى كل الاتجاهات، فمن هو المجرم؟ أو من هم المجرمون.. يعرفون ؟ قل و لا تقل أيتها العدالة، أيتها الشهامة.. أيتها الفروسية أصيبي العالم بشيء من كبريائك لكي يعلن بأسلوب حر وصوت عالمي توبته من هذه الوقاحة والعدوانية والخسة والنذالة، أيها الضمير العالمي.. كيفت غفوت في كل تاريخك عن ذلك . كيف غفوت وتعاملت به وعليه ومعه؟!

إني أحذرك من أن تكون فلسطينيا أو نبيا، أن تكون فيهم لا كارها ولا حاقدا أو شامتا أو غائرا أو معاملا لن تكون فيهم رسولا ، ولا قديسا ترتجف جراحك.. تجف دمائك على صليبك، انت الفداء، مشحون النفس بالآلام والفقد والأهوال. في هذا العالم المحكوم بالقبح والمؤامرات والحماقات والعدوات والانقسامات، وبالآلام والكذب والبغضاء والخوف والنفاق، وبكل الجرائم والتفاهات والأجرام بلا سبب بلا هدف او مقابل هذا الممارسات؟ ان يشاهد ولا يفعل ويقول كل ذلك بالخنوع والجهر والرضا عن الجرائم الصهيونية، والرضا دون ان يتقاطر شئ من العرق على جبينه تعبير عن الخجل تعبيرا عن شئ من الخجل، مقابل اقبح واقسي القتلة والذين لا يتجرؤون على ان  يفعلون  هذا بكل جرائه ويفعله. مؤيدا؛  ان المعتقل قبيح  والجلاد وقح جدا بين اخلاق العبودية المترسخة منذ القدم، والتي  فرضتها على وضعه وخص نفسه بها. وبين اخلاق شعوب اخري.. هو اقبح واوقح واقسي وافسد من رزح في غلال العبودية. بكل جرائمه الوحشية.

إني أحذرك من أن تكون فلسطينيا أو نبيا، قل يا أيها الصمت، أخرس العالم الخامل، ومر كل المتحدثين عنك بالصمت بل أوصيهم بالخرس لئلا يتحدثوا أو يرووا عنك قرارت الشجب والادانة او الاستنكار المعهود،  فالصمت أستر لك .. بل لا ساتر لك الا  الصمت الشامل مقابل دمارنا الشامل. وهل يمكن أن يكون وضعك في حسابات من يؤمنون بعدالة قضيتك ويؤيدونك أفضل أو أقل عارا أو افتضحا من هذا، هل يجوز لك أن يرضي عنك أو عن مجدك أكثر مما يرض هذا العربي او العجمي؟ أنطق.. فقد كذبت الافوه والمنابر الأممية و العاجزون عن رؤية البؤس والجرائم الوحشية؛ عن رؤية حتى وجوههم أمام ميزان العدل، ان كل قيم عربك وعجمك. وكل تاريخهم، ليس الا كلام مجالس وكذب عالمي. أن تكون هنا او ... بؤ بشِسْع نعل فلسطينيا !