سلامات يا حكومة

بي دي ان |

29 يوليو 2022 الساعة 11:30م

{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ}
- هذه الآية تتحدث عن سنة عجيبة تمس الجماعات والافراد والشعوب، وهو حديث التلاوم عند الهزيمةالداخلية. سياق الآية يتحدث عن شركاء في حديقة زاهية جميلة خرجوا عن ناموس النعمة والحفاظ عليها.. وحدث الانقلاب واحترقت الحديقة .. هنا جاءت سنة التلاوم التي تلازم المهزومين .. قانون التبرؤ من الهزيمة وتبعاتها التي تنخر في النفوس المخذولة.. والاحزاب الخاسرة .. قانون التلاوم وقانون الانقسام قدر المأزومين.

- الحقيقة أن الناس غاضبة، وهذا طبيعى فى مجتمع مأزوم، غير أن المدهش أن هذا الغضب لا ينتهى بحلول تهدئ ثائرتهم، كما لا يتسبب بانفجار وإنما ينتهى بضحكات الاستسلام اليائسة! فالمواطن  عاجز عن إيجاد صيغة إعتراض أو مواجهة ضد موالسة الانقسام والخراب والفساد و الأجندات الحزبية والشخصية والخارجية، وأتباعهم بأنواعهم؛ المواطن .. عاجز عن إيجاد مخرج عقلى ونفسي بين ميله التاريخى للكفاح والدفاع عن الوطن، وارتباطهما لديه بالفداء والتضحية  من ناحية.. وبين تسلط الموالسة عليه وعلى مقدرات البلد وتحكمها بكل مسببات الضعف، وفوقه الحصار والاحتلال والسيطرة الصهيونية. والاستبداد الداخلي. 

- يعيش المواطن انكشافا كليا أمام السلطة/ سلاطين/ سلطتين/ دون أحزاب أو منظمات حقوقية تدافع عنه. مخطط الانقسام  يدمر أي فرصة للوحدة الوطنية. وكأن هناك تصميم إن البلد/ بلدين/ لابد أن تكون في الحضيض وماشية بقوانين صعاليك المماليك قبل قرنين ونص!!، هذه السجالات السياسية ينبغي ألا تزعج أحدا، وأيا كانت النتائج التي تسفر عنها، فإنها بلا شك تسهم بتحريك المياه الراكدة، في حياتنا السياسية، وتنشط الاهتمام بالقضايا الوطنية.

- قصارى القول، مخطط الانقسام الصهيوني كان من أبشع الأيام في التاريخ فلسطين المعاصر ، ولا يتسع المقام لحصر بنود فاتورته الثقيلة التي ندفعها نحن ، وسيدفعها أبناؤنا وأحفادنا، حتى نفيق ونتوقف مع أنفسنا في لحظة مكاشفة جادة - لا أظنها قريبة للأسف - لكنها حتمية ولا مفر منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ،كما فعل الألمان واليابانيون والإيطاليون بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية ، فلم يكابروا ولم يتباكوا ولم يركنوا للخارج، بل راجعوا ما اقترفه قادتهم من أخطاء بشعة بشجاعة ، ثم اجتهدوا بالعمل والإنتاج وإعلاء راية دولة الوحدة الوطنية و القانون وروحه ، وليس بالشعارات الزائفة ، والانقسام والارتهان لأجندات خارجية حتى تصدروا الآن الأمم المتحضرة.

- الديمقراطية هي الحل.. طبقاً لتعريف الديموقراطية التطبيقية، الديموقراطية هي المعنية بالتطوير وتصويب الوعي والسلوك الجمعي واعادة تصيحيح الانحرافات كلما ظهرت وصولا لنقطة للنضج  .. اي ان الديموقراطية هي الرافعة الاساسية للتغيير والتطور؛ و هي خاتمة تطور اجتماعي طويل وشامل، هي قمة نضج الوعي الجمعي، هي النقطة النهائية لتقدم ورقي إنساني وثقافي. إحنا بقى عايزين ديمقراطية بدون تطور اجتماعي، بالعكس عندنا تخلف اجتماعي، عايزين ديمقراطية لكن لا يوجد عندنا وعي جمعي، عايزين ديمقراطية وعندنا ضحالة فكرية وقهر وفقر فكري  وتمييز حزبي..؟ 

- ما علينا ..  أتعرفون ما هو مجتمعنا؟ إنه السلطات الإرغامية. " نحكمك غصب عن عين اللي خلفوك"  التي يمارسها الحزب على الفرد ..  إنه شيء لم أصنعه لكنني أخضع له، هو مستقل عني لكنني لست مستقلا عنه. إذا قاومته أدانني، إذا حاولت إثبات استقلالي جذبني بحبائله الخفية وقهرني، إذا حاولت التحرر منه أقصاني وعزلني واتهمني. إنه الوعي الجمعي الذي يعاني من أمراض نفسية، وحزبية وعصابية. ويعتقد أنه أخلاقي وفاضل، يداري فساده بتقوى ظاهرة ويداري خرابه النفسي برياء فضيلة زائفة. 

على كل حال.. لاَ أسْمَحُ لِنَفْسِي أَنْ يَخْتَلِجَ فِيهَا مَا لاَ يُرْضِيهَا. و سلامات كتير يا حكومة.