الجمهوريون ضد فتح القنصلية

بي دي ان |

18 يوليو 2022 الساعة 12:27ص

مازال غلاة اليمين الأميركي في الحزب الجمهوري، اتباع ترامب يسعون لوضع العصي في دولايب العلاقات الفلسطينية الأميركية، اكثر مما تعاني منه من تشوش وارباك، انطلاقا من خلفيتهم الافنجليكانية الصهيونية، ولقاء الرشوات المالية التي يتقاضونها، وارتباطا بالمنافسة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري لكسب ود دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وللرد على التحولات الإيجابية الملموسة في أوساط الشارع والنخب والكنائس المسيحية الأميركية.
وآخر ما تفتقت عنه عدوانية بعض النواب الجمهوريين، تمثلت بتقديم عضو الكونغرس عن نيويورك لي زيلدين قرارا متزامنا ومضادا لاقتراح الرئيس جو بايدن بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، والذي انضم اليه 22 نائبا جمهوريا. واعتقد اني لا اضيف جديدا لذاكرة زيلدين عندما اذكره بان القنصلية الأميركية كانت مفتوحة وقائمة منذ العام 1844 في القدس العاصمة الفلسطينية. واغلقها الرئيس السابق بعد الإعلان عن صفقته المشؤومة (صفقة القرن)، ونقل السفارة الأميركية من تل ابيب إلى القدس العاصمة الأبدية لفلسطين في أيار / مايو عام 2018.
ولتبرير موقفه المعادي لفتح القنصلية قال زبلدين في بيان يوم الخميس الماضي الموافق 14 من تموز / يوليو الحالي، إن اقتراح إدارة بايدن "ينتهك قانون سفارة القدس لعام 1995، ويكافىء السلطة الفلسطينية، على الرغم من جهودها المستمرة لتكون بمثابة عقبة أمام السلام في المنطقة." وتابع عضو الكونغرس الجمهوري قائلا "لقد أوضحت السلطة بشكل واضح، ان دفعها من اجل التواصل الديبلوماسي المنفصل عن الولايات المتحدة، هو لغرض تقسيم القدس، وهو ما تمت صياغة قانون سفارة القدس لعام 1995 لمنعه على وجه التحديد. وينص القانون على وجوب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وان تبقى غير مقسمة." وأضاف الافنجليكاني المتطرف، والمعادي للسلام "اقتراح إدارة بايدن احادي الجانب للسلطة الفلسطينية مقابل عدم تقديم تنازلات في المقابل، وهو ما ثبت انه سياسة فاشلة مرارا وتكرارا. وعلى الكونغرس ان يوضح للإدارة ان محاولاتها للتحايل على القانون لن يتم تجاهلها او التسامح معها."
وكان جيك سوليفان قد صرح الأربعاء الماضي الموافق 13 تموز / يوليو الحالي بضرورة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية. قبل ان يرد عليه بالنفي المتحدث باسم البيت الأبيض من على نفس الطائرة الرئاسية قبيل وصول الرئيس بايدن ووفده لمطار اللد (بن غوريون). كما ان النائب النيويوركي يعلم ان قانون القدس لعام 1995 كان الرؤساء الاميركيون تباعا يؤجلوا تنفيذه، لادراكهم انه قانون مجحف وظالم، ومتناقض مع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، إلى جاء الرئيس دونالد ترامب وارتكب جريمته التي لا تغتفر بالاعتراف في السادس من كانون اول / ديسمبر 2017 بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، كجزء من صفقة القرن الاجرامية، ودفع الأمور نحو الزوايا الحادة في العلاقات الفلسطينية الأميركية بهدف الضغط والتركيع للقيادة الفلسطينية عموما والرئيس عباس خصوصا.
كما ان ما ادعاه عضو الكونغرس الجمهوري من ان إدارة الرئيس بايدن منحازة لجانب السلطة الفلسطينية، فيه افتراء على الحقيقة، وتجن مكشوف الأهداف والمرامي. لا سيما وان فتح القنصلية الأميركية لم يتم حتى الان، رغم الوعود بفتحها، بتعبير اخر مازالت حبر على ورق، ولم تجد صداها على الأرض. اما ذريعة ان فتح القنصلية الأميركية يزيد تكاليف الإدارة الأميركية، فهي ذريعة ممجوجة وسخيفة، وليسأل الأميركي البشع كم من المليارات تدفع الإدارات الأميركية المتعاقبة سنويا لدولة الاستعمار الإسرائيلي. وكم تكلف نفقات السفارة الأميركية في اسرائيل. في الوقت الذي يعلم ومعه كل أعضاء الكونغرس الاحياء والاموات، ان القنصلية الأميركية في القدس اقدم من وجود إسرائيل ب(104) مائة وأربعة أعوام، وهو ما يكشف زيف الادعاء المفضوح بشأن التكاليف.
نعم قيادة منظمة التحرير عندما قبلت بالتوقيع على اتفاقية اعلان المبادئ في أوسلو 1993، كانت تؤكد باستمرار للرؤساء والادارات الأميركية المتعاقبة من كلينتون الى بوش الابن ولاوباما وترامب والان بايدن، ان السلام الممكن والمقبول يبدأ من القدس، والاقرار بكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية. ولا يمكن ان تقوم قائمة للسلام دون القدس. وبالتالي كل الذرائع التي ادرجها زيلدين في بيانه ليست سوى أكاذيب، وتقوم على أسس رخيصة ومتناقضة مع عملية السلام الممكنة والمقبولة فلسطينيا.
ويا حبذا لو ان النواب الجمهوريين تحديدا يراجعوا سياساتهم المتعصبة والعمياء ضد السلام، ويحاولون الانسجام مع التحولات الإيجابية في أوساط الشارع الأميركي، الذي بات يرفض سياسة الابرتهايد والتطهير العرقي الإسرائيلية، والظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، وينادي كل دافعي الضرائب للخروج عن صمتهم ضد جرائم حرب دولة إسرائيل الاستعمارية، والدفع بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 للامام، وضمان العودة للاجئين الفلسطينيين على أساس القرار الدولي 194، والاعتذار عن جريمة صك الانتداب البريطاني، الذي صادقت عليه عصبة الأمم قبل مائة عام، ونفذته الأمم المتحدة، والاقرار الكامل بالحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة في ترابهم الوطني.