في الذّكرى العاشرة للثورة التونسية: سيّدي الرئيس لا نريد رؤيتك

بي دي ان |

18 ديسمبر 2020 الساعة 07:04ص

يوافق اليوم الـ17 من ديسمبر/كانون الأول الجاري، الذكرى العاشرة للثورة التونسية، أو لثورة الياسمين وشرارة الربيع العربي، كما عرفت على الصعيد العالمي، بعد أن أضرم محمد البوعزيزي النار في جسده، احتجاجا على وضعه الاجتماعي ، حيث كان الخلاف الواقع بينه والمسئولة في الشرطة، القطرة التي أفاضت الكأس.
و تواصلت الاحتجاجات برفع شعارات الشغل والحرية والكرامة الوطنية، إلى غاية الـ14 من جانفي/كانون الثاني سنة 2011، إلى حدود مغادرة المخلوع زعبع.
في هذه المرّة، وفي وقت تعوّد فيه أهالي ولاية سيدي بوزيد، بزيارة الرئيس لإحياء ذكرى الثورة، أعلن ليلة البارحة، في بيان رسمي من رئاسة الجمهورية، عن تعذّر قيس سعيّد عن الحضور والاحتفال. 

ثورة تونس.. بؤس الديمقراطية

مند الثورة إلى اليوم، تداول على تونس العديد من الرؤساء، وبمرور الكثير من السياسيين ونواب الشعب، إلا أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، اتجه إلى الأسوأ بمؤشرات اقتصادية مخجلة، وبظواهر اجتماعية مخيفة، مقابل حرية مطلقة في التعبير والنقد والكلام، وهو ما خلق أناسا ببطون فارغة وأفواه متحركة، ومع الوقت استنفد الشعب طاقته في تحمل الوضع المزري، وفقدت الديمقراطية بريقها فحلّ البؤس على الشعب بلعنة الحرية الملحّفة بالجوع والبطالة.
اليوم وبعد عقد من الزّمن، جل الصراعات في البرلمان، خرّيج الانتقال الديمقراطي في تونس، هي صراعات إيديولوجية لا تغني من جوع، مقابل نقص بل غياب تام للحوار في الإصلاحات الكبرى وما ينفع البلاد، وان وقع تقديم مقترح قانون أو مشروع للنهوض بالاقتصاد في البرلمان، يقع تجميده على ارض الواقع، كقانون الاقتصاد التضامني الاجتماعي المصادق عليه منذ جوان/حزيران الماضي، والغير معمول به فعليا، لتعطيلات وسوء في الإدارة والتنظيم ولغياب الأطر المكلّفة بتسييره. 
سيّدي الرئيس، اليوم وفي ظل تداعيات الديمقراطية، شبح الحرية قاتل ومغتصب ومزعزع للأمان في الشوارع التونسية، بتأكيد من معظم التونسيين.
 
سعيّد..لا نريد رؤيتك نحن أيضا 

سيدي الرئيس هي الثورة فقط التي جاءت بك أمامنا، لتطل علينا بين الحين والآخر لاستعراض قدراتك في اللغة العربية، هي فقط من أسكنتك قصرا ومكنتك من الحب والشعبية، سيدي الرئيس، أنت الذي لم تعدنا بشيء مقابل تمكيننا بما نريده فعلا، اليوم وبعد عشر سنوات، اكتشفنا أن الخبز والماء مر فعلا، لكن فوضى الحرية أمرّ وشبح البطالة مخيف، سيدي الرئيس، لنكن على اتفاق، أن الثورة فقط من فتحت أفواهنا جميعا، لكن.. أبدا لم تكن مطالبنا حينها فقط حرية التعبير والنشر والكتابة، بقدر ما كانت حاجتنا للشغل والكرامة الاجتماعية أهم وأولى، حيث فضّلنا كلمة "الشغل" دائما على كلمة "الحرية" في الشعارات التي ترفع في المظاهرات والاحتجاجات، فالروائي الأمريكي تشارلز بوكوفسكي يقول، انه لن تحصل على الحرية إلا حين تستقل ماديا، وما عدا ذلك كلها أفكار خيالية.
سيدي الرئيس، تعذّرك عن الحضور اليوم بين أبناء سيدي بوزيد لإحياء ذكرى "الانفجار الثوري الغير المسبوق" كما جاء في بيانكم أمس، بحجة أمر طارئ قد حصل، هو أمر رائع فعلا، وهذا ما يجب فعله.
اليوم وبعد عشر سنوات، لا جديد يذكر غير الزيادة في نسب الفقر والبطالة والانتحار، فماذا عساك تقول؟ لقد مللنا جميعا من الكلام والوعود الزائفة المتطايرة هنا وهناك بدون مسئول وطني، ماذا عساك تفعل؟ وماذا عساك قادم لتقول؟ 
بلا مشاريع وبلا مواطن شغل وبلا قوانين وبلا حلول، بماذا سوف تأتي؟
سيدي الرئيس.. غيابك مقبول لكن حجتك غير مقبولة بالمرّة، فأي طارئ حصل يمنعك من التواصل مع شعبك في يوم كهذا اليوم؟ 
أوضاع كارثية سيدي الرئيس هناك وفي كل بقاع الجمهورية، كل الولايات تدق أجراس الخطر وتعلن حالة طوارئ، فماذا عساك قادم لتقول؟
اليوم وبعد عشر سنوات من الثورة، بماذا استفادت سيدي بوزيد ومعظم الولايات؟ غير أن نسب الإجرام والاغتصاب في ازدياد إلى جانب غلاء المعيشة والضغوطات الاجتماعية الأخرى، فماذا عساك تأتي لتقول؟ سيدي الرئيس، لا تعتذر فنحن أيضا لا نريد رؤيتك.
نحن هنا شعب أبى عيش الحياة بذلّة، لا تأتي من دون حلول تشفي غليلنا