ذكرى استقلال الجزائر ال60

بي دي ان |

06 يوليو 2022 الساعة 02:19ص

للجزائر في قلوب اشقائهم الفلسطينيين مكانة خاصة، رغم ان أبناء الشعب الفلسطيني يحملون في قلوبهم وعقولهم كل مشاعر الاعتزاز بالاشقاء العرب من المحيط الى الخليج دون تمييز الا بمقدار الانتماء للامة العربية، والدفاع عن مصالحها وامنها القومي، والنهوض بمشروعها التنويري، وحماية موروثها الحضاري والتاريخي العربي الإسلامي. كما لا يميزون بين مواطن ومواطن في الوطن العربي بغض النظر عن اثنيته ومعتقده الا بمقدار انتمائه لارض وطنه ودولته الوطنية، وحرصه على الشراكة العربية العربية بعيدا عن المشاريع الغربية والصهيونية المشبوهة، التي تستهدف دس الفتنة بين شعوب العالم العربي وفقا لمبدأ "فرق تسد"، لتمزيق وحدة الدول العربية إلى هويات قزمية متناثرة، وتبديد ثروات الشعوب، وحرمانها من التطور الديمقراطي.
مع ذلك هناك خصوصية للشعب الجزائري الشقيق في أوساط الشعب الفلسطيني تتمثل بطبيعة المعاناة من الاستعمارين الفرنسي والصهيوني. لا سيما وانهما من طينة واحدة، طينة الاستعمار الاستيطاني، الهادف لتصفية هوية الأرض والشعب في كلا البلدين الشقيقين. مع فارق نسبي غير بسيط، يتجلى في ان الاستعمار الصهيوني لا يتوقف عند حدود الاستيطان الاستعماري، ونفي الهوية الوطنية الفلسطينية العربية، وانما الاحلال الكلي للمستعمرين الصهاينة عبر عملية تطهير عرقي واسعة لابناء الشعب العربي الفلسطيني، والسطو على موروثه الحضاري والتاريخي، وبالتالي القواسم الكفاحية بين الشعبين عميقة عمق الروابط التاريخية بين التجربتين الكفاحيتين.  
لم يكن ما تقدم الا عنوانا هاما من عناوين الاحتفاء الفلسطيني بذكرى استقلال الجزائر الشقيق الستين، المناسبة العزيزة على قلوب وعقول كل الاشقاء العرب دون استثناء. لان احياء الذكرى الستينية، هو احياء لحالة النهوض القومي العربي، التي تعثرت لاحقا بفعل العديد من العوامل، ليس هنا المجال لعرضها. وكأن احياء الذكرى بمثابة استحضار لعملية النهوض العربي، ولفت النظر للنخب السياسية والثقافية لإخراج دول وشعوب الامة من مستنقع التقوقع على الذات والتراجع عن المسئوليات الوطنية والقومية، ومغادرة مواقع وخنادق الاستسلام لمشيئة أعداء الامة، الذين أرادوا وعملوا ويعملون حتى الان على استباحة واذلال الشعوب وقياداتها، ونهب ثروات الدول والأنظمة السياسية العربية من أقصاها إلى أقصاها، وتبديد وتصفية القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية بهدف نسف الروابط القومية بما فيها الشكلية بين أنظمة الجامعة العربية.
اذا احتفال الجزائر الشقيق بيومه الوطني، هو احتفال بحرية واستقلال شعب شقيق وعظيم قدم مليون ونصف المليون شهيد دفاعا عن سيادته على ارضه وتقرير مصيره، وقدم نموذجا رائدا لشعوب الامة والعالم وليس في الوطن العربي وافريقيا فقط، وانما في المعمورة كافة، ان الشعب اذا أراد يوما الحرية، فلا بد ان يستجيب القدر والاستعمار أي كانت قوته وبطشه وفاشيته. والذكرى ال60 امس الثلاثاء الموافق 5 تموز / يوليو للجزائر تأكيد لذلك، وعنوانا للمجد والعطاء والفداء والتضحية، والدرس الأعظم للشعب العربي الفلسطيني ليواصل طريق الكفاح لبلوغ هدف الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة.
كان احياء ذكرى الاستقلال الجزائري ال60 امس بحضور رؤساء دول عربية وافريقية على رأسهم رئيس دولة فلسطين، محمود عباس، الذي لبى دعوة شقيقه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عنوانا من عناوين التكافل والتضامن مع الذات الوطنية والقومية. كما هدف منه ارسال رسالة للقاصي والداني في العالم كله، عنوانها التأكيد على ان الشعب العربي الفلسطيني وقوى الثورة الفلسطينية المعاصر، المنضوية في منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد بقدر تضامنها ووقوفها مع شعبها الشقيق في الجزائر، بقدر ما ارادت اعلان تمسكها الراسخ بحرية واستقلال وعودة الشعب لوطنه الام، وسيادته الكاملة غير المنقوصة على ارض فلسطين العربية، ودفاعها المستميت عن أهدافها وثوابتها الوطنية أي كانت التضحيات، وان القيادة الفلسطينية تتمثل روح الفداء والعطاء الجزائرية البطلة.  
اذا في يوم حرية الجزائر الستينية تجدد فلسطين ممثلة بقيادة منظمة التحرير إصرارها على المضي قدما في كفاحها التحرري حتى بلوغ النصر الكامل، وطرد الغزاة المستعمرين الصهاينة وكل من يقف خلفهم، ومن يساندهم ويتآمر معهم على قضية الأرض والشعب والهوية الوطنية الفلسطينية.
وستبقى تجربة الجزائر الرائدة عنوانا من عناوين الاستلهام للمضي قدما في طريق الاستقلال، وزوال الاستعمار الصهيوني، والنهوض القومي العربي لكل شعوب الامة من المحيط الى الخليج. وكل عام وشعب وقيادة الجزائر الابية بخير، وارجو للجزائر المزيد من التقدم والرقي، كما وأتمنى لكل دول وشعوب الامة دون استثناء الرخاء والتطور والتنمية المستدامة للارتقاء بالشعوب الشقيقة الى مصاف الدول المتقدمة.