خلفية اعتزال بينت

بي دي ان |

03 يوليو 2022 الساعة 01:54ص

نفتالي بينت، رئيس الوزراء البديل، سلم رئاسة الحكومة لشريكه في الائتلاف يئير لبيد، وفقا للاتفاق بينهما، ومع اركان الائتلاف الحاكم بعد حل الكنيست ال24 نفسها صباح الخميس الماضي الموافق 30 حزيران الماضي، ورغم انه مازال في حكومة التغيير حتى اجراء الانتخابات القادمة للكنيست ال25 مطلع تشرين ثاني / نوفمبر القادم، الا انه قرر سلفا عدم الترشح للانتخابات القادمة، والاعتزال بعد تشكل حكومة جديدة، مفترضا ان يطول عمر الحكومة برئاسة لبيد.
وهذا ليس كرم اخلاق من زعيم حزب "يمينا"، ولا تواضع، ورغبة بالتنازل لاقرانه، او للأجيال الجديدة، وانما لاسباب مختلفة كليا، منها أولا شعوره بان حزبه يتجه نحو التفكك؛ ثانيا عدم يقينه بتخطي نسبة الحسم، مع ان استطلاعات الرأي تشير في حال واصل الحزب الحضور والتماسك يمكن ان يحصل على 6 مقاعد؛ ثالثا حرصه على تفادي اهانته من قبل زعيم الليكود نتنياهو، صاحب الحظ الاوفر حتى الان في الحصول على الأغلبية النيابية، والاوفر حظا في تشكيل الحكومة اذا ما تمكن من اختراق حزب "يمينا" او حزب ساعر "امل جديد"؛ رابعا تمرد شاكيد على زعامته، ومنازعته على قيادة الحزب، في حال لم يتفكك حزب الصهيونية الدينية المتطرف، وبالتالي خشيته من الدخول في مهاترات مع اركان حزبه، وليس شاكيد لوحدها وانما مع اورباخ وعيديت سيلمان؛ خامسا فضلا عن رفضه من حيث المبدأ الاضطرار للمشاركة في حكومة مع نتنياهو، او تقديم يد العون له لتشكيل حكومة. لا سيما وانه اكد مرات عدة، ان عودة بيبي لرئاسة الحكومة هزيمة لخياره الأيديولوجي والسياسي.
مع ان كافة الشخصيات الحزبية في إسرائيل من اقصى اليمين إلى اقصى اليسار، لا توجد لديهم ضوابط في الالتحاق بركب أي حزب، يعتقد هذا الشخص او ذاك، انه يحقق مصالحه النفعية الذاتوية، او الانفصال عن أي حزب يفترض انه يعيق حركته وتنفيذ طموحاته، ولنا في ذلك نماذج بدءا من بن غوريون، رئيس وزراء إسرائيل الأول، وشارن وشمعون بيرس وتسيبي ليفني وايهود باراك. وغيرهم الكثير.    
اذا عدم الترشح للانتخابات القادمة هو بمثابة هروب من مستقبل منظور، لا يراه زعيم حزب "يمينا" مبشرا باية روافع إيجابية، لا بل يراه مستقبلا شاحبا واسودا. وبالتالي لا يريد ان يتحمل تبعات اية هزائم قادمة، او عدم تمكن الحزب من تخطي نسبة الحسم، او الأسوأ انهيار الحزب وتفككه، واندثاره كليا. وفي الوقت نفسه، إعطاء ذاته استراحة محارب، حتى يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مخرجات الكنيست ال25 القادمة.
أيضا يعتقد نفتالي بينت، ان الانتخابات القادمة ستعمق الازمة الإسرائيلية، وهو ما عبر عنه مرات عدة وكان اخرها افتراضه اشتعال نيران الحرب الاهلية داخل إسرائيل، وبالتالي لن تفضي الانتخابات إلى نتائج قادرة على اخراج إسرائيل من ازمتها العميقة، وقد تفشل الكنيست ال25 في تشكيل حكومة قادرة على الصمود، وحتى لو تشكلت حكومة في افضل السيناريوهات افتراضا، فإنها ستكون حكومة انتقالية لعملية انتخابية جديدة، وحينئذ يكون رئيس الوزراء السابق تمكن من اخذ استراحة محارب، وراقب التطورات والخارطة الحزبية الجديدة في المشهد الإسرائيلي، وتمكن من بلورة رؤية اكثر واقعية بالنسبة له، وعندها يقرر البقاء في حزبه "يمينا"، ان كان في العمر بقيه له، او يخرج منه ويقوم بتشكيل اطار حزبي جديد، او يلتحق بقوة مركزية يمينية اكثر تماسكا وقدرة على تحقيق رغباته الأيديولوجية والسياسية، ولكن دون وجود او تحت قيادة زعيم الليكود الفاسد، لانه على ما يبدو بات هناك عند العديد من الشخصيات الإسرائيلية عقدة وفوبيا من عودة زعيم المعارضة الحالي لرئاسة الحكومة القادمة. لا سيما وانهم جميعا يعتقدون، بان مكانه الطبيعي في السجن او بحد ادنى اعتزال المشهد السياسي والحزبي.
قد يكون هناك أسباب وخلفيات أخرى، بيد اني اعتقد، اني تمكنت من الاحاطة بالعناوين والخلفيات الدافعة لبينت كي يختفي لفترة من الوقت عن الساحة السياسية والحزبية.
[email protected]
[email protected]