الموحدة واستطلاعات الرأي

بي دي ان |

15 يونيو 2022 الساعة 12:57ص

مما لاشك فيه، ان استطلاعات الرأي الموضوعية، وغير مدفوعة الثمن، او الهادفة لتلميع صفحة هذه القوة او ذلك الحزب، او هذه الشخصية او ذلك الزعيم تعكس في نتائجها بشكل عام المزاج الشعبي في هذه اللحظة السياسية او تلك. مع ذلك استطلاعات الرأي ليست ثابتة، انما متحركة، لان الاحداث في حراك دائم، وتؤثر بالضرورة في المزاج العام لهذا المجتمع او ذاك. اضف الى ان الفئة المستطلعة اراءها تطبع الاستطلاع بميولها وخلفياتها.
كما ان بعض الاستطلاعات أحيانا التي تجريها مؤسسات إعلامية او سياسية او امنية عادة تهدف للرد بشكل غير مباشر على استطلاع سابق، وهنا يصبح الاسقاط الرغبوي موجودا في نتائج الاستطلاع.  
الفقرة انفة الذكر مرتبطة بتعقيب احد الأصدقاء من النقب على ما ورد امس في مقالي "سقوط منصور المهين" حول عدم تجاوز القائمه العربية الموحدة برئاسة النائب منصور عباس نسبة الحسم، فارسل لي ما حملته نتائج استطلاع "القناة 12" الإسرائيلية مساء يوم الاثنين الماضي الموافق 13 حزيران الحالي، والذي أشار لحصولها على خمسة مقاعد مقابل خمسة مقاعد للقائمة المشتركة. وتناسى الصديق ان استطلاعا سابقا وقبل يومين سابقين ل"لقناة 13" الإسرائيلية نشرته مساء الجمعة الماضي الموافق 10 حزيران الحالي، أي قبل يومين من الاستطلاع الأخير، تضمن ان القائمة الموحدة (راعم) لن تتجاوز نسبة الحسم، في حين تحصل القائمة المشتركة على سبعة مقاعد. وهو ما يشير الى الاتي:
أولا لا ثابت في نتائج استطلاعات الرأي، والنموذج انف الذكر جلي وواضح؛ ثانيا من وجهة نظري، وبعيدا عن الاسقاطات الخاصة برغبتي، اعتقد (ولست جازما) ان استطلاع "القناة 12" جاء سريعا وهادفا. واجتهادي مدفوع الثمن اما من منصور عباس والحركة الإسلامية الجنوبية او من جهات امنية وسياسية صهيونية، وهدف من وقف خلفه ( الاستطلاع) إعطاء كتلة "راعم" دعما معنويا، وايهام الجماهير الفلسطينية ونخبها السياسية ان رصيد الكتلة مازال قويا في أوساط الشارع الفلسطيني؛ ثالثا تجاوز او عدم تجاوز القائمة العربية نسبة الحسم مرهون بالقوة الفلسطينية العربية المقابلة، ومدى قدرتها على تمثل مصالح المواطنين؛ رابعا التطورات الذاتية والموضوعية في المشهد الإسرائيلي الفلسطيني يترك اثره بشكل مباشر على المزاج العام في الشارع الفلسطيني عموما، وفي أوساط المحسوبين على الحركة الإسلامية الجنوبية خصوصا.
وعليه لا يجوز الاعتماد في قراءة مكانة أي قوة او حركة او حزب باستطلاع رأي واحد، لانه لا يعكس الواقع، ونتائجه آنية مؤقتة قابلة للتغيير سلبا او إيجابا وفقا لمجمل العمليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية والثقافية والدينية والأمنية العسكرية. وأيضا يعتمد على مستوى وعي الجماهير الشعبية الفلسطينية في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية المختلطة، وكيفية قراءتها لدور كتلة عباس الاخوانية، بالإضافة لمدى تمكن كتلة "راعم" من المحافظة على تحالفاتها مع الشخصيات المستقلة او مع قوى أخرى من عدمها (وهنا أدرجت فرضية وإمكانية تحالفها مع قوى جديدة فلسطينية او صهيونية).
اما لماذا اعتقد ان كتلة الحركة الإسلامية الجنوبية لن تتجاوز نسبة الحسم؟ فهذا يعود للاتي: أولا لم يف منصور عباس وكتلته باي من الوعود، التي اطلقها لصالح الجماهير لا بالمعنى الاني اليومي ولا بالمعنى الوطني العام؛ ثانيا نتاج انغماسه في متاهة الائتلاف الصهيوني اليميني الحاكم، وقبوله ان يكون مطية لتمرير مشاريع الاستيطان الاستعمارية، والانتهاكات العنصرية، ومعاداة السلام بمعايير ما هو مقبول عالميا؛ ثالثا اتخاذ منصور مواقف مخزية ومتناقضة مع مشاعر وعواطف وحقوق أبناء الشعب اثناء هبة أيار / مايو 2021 في اللد والرملة، ومواقفه المعيبة والمذلة من عمليات الاقتحامات وـادية الشعائر التلمودية في المسجد الأقصى أيار / مايو الماضي، حتى ان انصار الحركة الإسلامية الجنوبية في المدن المختلطة ادانوا مواقفه أنذاك؛ رابعا استعداده العلني قبل أيام للتحالف مع الفاشيين بن غفير وسموتيريتش وكل اقطاب العصابات الصهيونية العنصريين المعادين للسلام وللتعايش والشراكة مع الشعب الفلسطيني؛ خامسا انتفاء أي ملمح يخدم مصالح أبناء الشعب في على اقل تقدير48 ضمن اجندته، باستثناء حساباته الخاصة والنفعية الضيقة، واجندة جماعة الاخوان المسلمين المتناقضة مع مصالح الحركة الوطنية؛ سادسا للرهان أيضا على تفاقم الانتهاكات وجرائم الحرب الصهيونية وتصاعد وتيرة البطش والتنكيل والعنصرية الصهيونية ضد الجماهير الفلسطينية في داخل الداخل وفي الضفة الفلسطينية وفي مقدمتها القدس العاصمة الأبدية، وفي قطاع غزة.
كل هذه العوامل موضوعيا تشير إلى عدم تمكن كتلة "راعم" من تجاوز نسبة الحسم. ومع ذلك سيبقى الباب مفتوحا امام السيناريوهات المختلفة واردا، حتى لا نقع في المواقف الاطلاقية.
[email protected]
a.a.alrhman#gmail.com