متى ستنتهي ذكرى حزيران الأسود؟!

بي دي ان |

14 يونيو 2022 الساعة 10:12م

الرابع عشر من حزيران للعام ٢٠٠٧، تاريخ شؤم ينخر في ذاكرة الفلسطينيين ذوي الخلايا الحية، تاريخ لحدث جلل، تم فيه استباحة الدم الفلسطيني من الفلسطيني وأطلقت البندقية المأجورة رصاصها على جسد محرم الاقتراب منه. 

انقلاب أسود لا يوجد أي مبرر له سوى تنفيذ أجندة غير وطنية لتمزيق العمق الوطني وتدمير النسيج المجتمعي، وضرب القضية الفلسطينية بمقتل. 

الرابع عشر من حزيران ذات العام كان أسوأ وأشد قسوة وضراوة على الفلسطيني من الخامس من حزيران للعام ١٩٦٧، وكأن حزيران قدر للنكسة الفلسطينية ولشعب دفع من دمه ومازال يدفع الكثير في سبيل حرية لم تنجز بفعل أياد خارجية تعبث بالشأن الداخلي للفلسطينيين بمساعدة أبناء جلدتنا.
 
عبثًا يحاول الفلسطينيون دائما ومنذ خمسة عشر عاما, توجيه دعوات لوحدة وطنية، لن تشق طريقها للصف الفلسطيني لأن مخالب الانقلاب ما زالت تنهش في يوميات وتفاصيل حياة المواطنين في غزة تحديدًا، ثم إن من بدأ الانقلاب مازال يفرض سيطرته الكاملة على غزة عنوة ودون أي رغبة من أهلها، ولن يترك غزة "المغنم" من وجهة نظره، ثم أن هناك دماء بريئة زكية تم استباحتها وهدرها قد لايصفح أهلها ولا يغفروا لمن استباح الدم المحرم. 

ولعل الأخطر من ذلك أن هذا المشروع التقسيمي، الانفصالي، كان قرار قد تم اتخاذه إقليميًا وبمشاركة ودعم بعض الأنظمة العربية والفارسية، بالتالي هم أصحاب القرار وليس أي طرف فلسطيني ولا حتى أصحاب الفعل المشؤوم، ولهذا على الأغلب لم تنجح عشرات محاولات اتفاقيات المصالحة واعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، وأرى أن هذا لن يكون علىً الأقل في الوقت القريب لأن النوايا غير متوفرة، والمسافات بين الاخوة الأعداء شاسعة والبرامج منها ماهو وطني ومنها ماهو غير وطني بالتالي لايمكن الجمع بينهما. 

لقد وقع بضع من الفلسطينيين بالفخ واستجابوا لقوى الشر بالمنطقة، فيما يصعب اليوم لمن يحاول ايقاظ ضميره العودة للخلف، في حين من قاد المشروع  غادروا البلاد ليستوطنوا في أبراج عاجية بصحبة أبنائهم وعائلاتهم تاركين بقايا شعب أنهكه الانقلاب وتداعياته، أنهكه الفقر والحصار والاغتراب، هاجر من شبابه من استطاع للهرب سبيلا، ومن لم يستطع حاول الانتحار والحرق وشنق نفسه ليهرب من وطن لم يعد له بل ومن استولى عليه لايرحم، حق للمدينة أن تحزن وحق للمواطنين الأموات أن ينجو من الحياة في غزة. 

في ذكرى حزيران المشؤوم مازلنا نؤكد أن الثابت بالكون هو التغيير وطال الحال الفلسطيني أو قصر لابد من ثورة يقودها المظلوم والمقهور والمسحوق وكل من سلبت حقوقه وكرامته وآدميته، جميعهم سينهضون ذات يوم شبيه بحزيران لكنه سيكون بدافع عودة الحق والكرامة لأهله. 

أو أنه بامكان الفصائل الفلسطينية بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني وبعض الشخصيات والقوى الحية محاولة كسب الوقت والعمل على إنهاء هذا الانقسام والخروج الجماعي من عنق الزجاجة، لانقاذ ما يمكن انقاذه خاصة أن "مسيرة الأعلام في التاسع والعشرين من يونيو الماضي، وتحييد فصائل المقاومة في هذا الحدث الجلل "قبله ليس كما بعده" بالتالي الاعتذار للشعب الفلسطيني ليس كافيًا، وإنما التراجع عن هذه الخطيئة واجب لا يجوز تأخيره أكثر من ذلك، خاصة بعد إثبات فشل حكم الإسلام السياسي في معظم الدول التي كانت حقل تجارب لذلك بما فيها محافظات قطاع غزة والتي يحاول هذا المشروع صناعة دولة أو إمارة فيها. 

بعد أربعة انتصارات وهمية وتدمير البنية التحتية والخراب بكل مستوياته الذي يعم البلاد؛ بات مطلوبًا إنهاء هذه الحالة المعيبة بحق شعب محتل يطالب بحريته واستقلاله ويسعى للعيش بكرامة فالأولى أن يجد حريته وكرامته في وطنه أولًا.