إسرائيل المحميات والاستيطان

بي دي ان |

09 يونيو 2022 الساعة 12:20ص

إسرائيل الاستعمارية بعد احتلالها أراضي دولة فلسطين في الخامس من حزيران عام 1967 وضعت خطة لفرض سيطرتها التدريجية على الأرض الفلسطينية في الضفة بما فيها القدس والقطاع وأيضا الجولان السورية وحتى سيناء المصرية قبل الانسحاب منها في 25 نيسان / ابريل 1982. قامت ركائز الخطة الاستعمارية على الاتي: أولا الهدم والضم للقدس العاصمة في اعقاب احتلالها بشهر، ومباشرة لجأت لهدم حي المغاربة، وتعزيز الوجود الاستعماري فيها؛ ثانيا السيطرة على معسكرات التدريب العسكرية، واغلاق العديد من المناطق في المحافظات والمدن المختلفة بذريعة الامن والاستخدام العسكري؛ ثالثا وضع اليد على مساحات واسعة مرتبطة بالعامل الاقتصادي؛ رابعا استخدام سلاح ما يسمى ب"الاثار والمواقع الدينية اليهودية"؛ خامسا اخضاع مناطق شاسعة من الأراضي الفلسطينية بذريعة تحويلها لمحميات؛ سادسا إقامة المستعمرات والبؤر الاستيطانية وفق مشاريع التوسع العدوانية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة؛ سابعا السيطرة على مساحات واسعة من خلال بناء جدار الفصل العنصري الاستعماري في الضفة الفلسطينية؛ ثامنا التصرف دون ضوابط في أملاك الحكومة؛ تاسعا بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو استغلت استغلالا بشعا الأراضي الواقعة في المنطقة المصنفة "سي". لا سيما وان الاتفاقية كفلت لإسرائيل السيطرة الأمنية والإدارية؛ عاشرا استخدام سلاح القوانين، ومنها قانون الطوارئ في الضفة، الذي لم يتم تجديده يوم الاثنين الماضي، وقانون "القومية الأساس للدولة اليهودية" وقانون "تشريع البؤر الاستيطانية." وغيرها من القوانين الاستعمارية.  
ورغم التوقيع على اتفاقية اعلان المبادئ في أوسلو في 13 أيلول / سبتمبر 1993 في البيت الأبيض، الا ان حكومات إسرائيل جميعها لم تتوقف لحظة عن الاستخدام الأمثل من كل ثغرة موجودة في تلك الاتفاقية المشؤومة لقضم المزيد من الأراضي الفلسطيني، فضلا عن تذرعها بضرورة التوسع الاستيطاني ارتباطا بالنمو السكاني، مع ان جزءا من تلك المستعمرات مازال خاليا. كما قامت بتقديم سلسلة كبيرة من التسهيلات والاغراءات لجذب المستعمرين الصهاينة الجدد للاستيطان في المستعمرات المقامة، والتكامل فيما بينها (الحكومات) وبين المنظمات والجمعيات الاستعمارية ك"عطيرت كوهانيم" وغيرها لمضاعفة الاستيطان في عموم مدن الضفة وخاصة في العاصمة الفلسطينية القدس ومدينة الخليل.
مجددا عادت حكومتي نتنياهو وبينت، وتحديدا مع تولي زعيم حزب "يمينا" منصب وزير الدفاع في حكومة بيبي في كانون اول / يناير 2020 وافق على اعلان سبع محميات، اكبرها محمية وادي الهندي، وهو ما يعني العودة  إلى استخدام سلاح المحميات لتوسيع الاستيطان في الضفة الفلسطينية، وكان اخرها قبل شهرين ونصف عندما وقع فارس عطيلة، رئيس الإدارة الاستعمارية امراً بإعلان محمية طبيعية جديدة في "وادي اوغ" المعروف فلسطينيا ب"وادي الهندي" بالقرب من مدينة اريحا، والتي تقدر مساحتها ب (22000) اثنين وعشرين الف دونم، ربعها أراض فلسطينية خاصة. وهي المحمية الأكبر التي أعلنتها إسرائيل المارقة منذ اتفاقيات أوسلو. وتعقيبا على ذلك صرحت حركة السلام الان "بان اعلان المحمية لم يكن مسألة حفاظ على الطبيعة، وانما مسألة تتعلق بالاستيلاء على الأرض. حسب ما ورد في مقالة هاجر شيزاف المنشورة في صحيفة "هآرتس" بتاريخ 25/5/2022 ترجمة د. زياد درويش.
ولترسيخ خيار الاستيطان الاستعماري على المحميات تقوم أدوات إسرائيل الأمنية والعسكرية بالاتي: أولا حصر التواجد فيها على الإسرائيليين؛ ثانيا منع الفلسطينيين من الاقتراب منها؛ ثالثا ليس ما تقدم فقط، بل وحرمانهم من الرعي فيها، او استخدام الينابيع وعيون الماء الموجودة فيها؛ رابعا تقييد اية استخدامات أخرى من قبل الفلسطينيين بمن في ذلك أصحاب الأرض، والذين لديهم أوراق ملكية (طابو) لاراضيهم؛ خامسا تحويلها تدريجيا لبؤر استيطانية او مواقع عسكرية، واسقاط الملكية الفلسطينية العامة والخاصة عليها.
ومن نماذج التمييز العنصري، وكيفية تأصيل التحويل التدريجي للمحميات الطبيعية للأغراض الاستعمارية، افاد رعاة فلسطينيون في السنوات الأخيرة، ان جنودا ومفتشين من الإدارة المدنية الاستعمارية منعوهم من الرعي في محمية أم زوقة الطبيعية في الاغوار بذريعة ان ذلك سيضر بالقيم الطبيعية للمكان. لكن سمح للمستوطنين باستخدام أراضي تلك المحمية. وفي احدى المرات حسب شيزاف حدثت مفارقة عنصرية جديدة في تشرين الثاني / نوفمبر 2020 عندما صادر مفتشو الإدارة المدنية فورا ابقار فلسطيني كان يرعاها هناك، بينما ابقار احد مستوطني بؤرة استيطانية قريبة كانت ترعي هناك بحرية تامة. وهناك عشرات ومئات النماذج الدالة والعاكسة لسياسات الاستعمار الاستيطاني المنهجية في استخدام سلاح المحميات الطبيعية للقضم التدريجي للأراضي الفلسطينية. الامر الذي يفرض على جهات الاختصاص الفلسطينية في اثارة الموضوع أولا في الأمم المتحدة، والعمل على انتزاع قرار اممي واضح وصريح بشأن المنع القاطع لحكومات إسرائيل لفرض اية محميات طبيعية؛ ثانيا مع اللجان والمنظمات الحقوقية الأممية والإقليمية؛ ثالثا في النشاط الديبلوماسي مع ممثلي الأقطاب والدول المختلفة؛ رابعا تصعيد المقاومة الشعبية على أراضي تلك المناطق، التي تم تحويلها لمحميات؛ خامسا اللجوء للمحاكم الإسرائيلية والدولية لاستعادة أصحاب الأراضي الخاصة أراضيهم المدرجة في المحميات .. إلخ