القدس والبارود ورقصة الدم

بي دي ان |

31 مايو 2022 الساعة 01:17ص

استفاقت العاصمة الفلسطينية، القدس المحتلة اول امس الاحد الموافق التاسع والعشرين من أيار الحالي لتجد نفسها محاصرة بالنار والبارود. كان جنود اسبارطة الصهيونية منتشرون بالعشرات والمئات والاف في ميادينها وساحاتها وبواباتها وشوارعها وازقتها واسواقها. اقتحموا المسجد الأقصى المبارك، حاصروا المرابطين، واغلقوا عليهم أبواب المصلى القبلي، وطاردوا كل فلسطيني طفلا ام امرأة او شيخا او شابا تمكن من اختراق حواجزهم المنتشرة كالفطر على ابوابه وداخل حرمه الشريف ووصل للدفاع عنه. مع ادراكهم جميعا ان يد البطش الصهيونية الاجرامية قد تطال ارواحهم واجسادهم بعظائم الأذى، وهو ما حصل فعلا داخل باحات أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وفي كل زاوية من البلدة القديمة وشوارعها واسواقها العتيقة، التي حاكت وتحاكي حقب التاريخ برسوخها وملامحها الفلسطينية العربية والإسلامية المسيحية.  
كان يوم الاحد الماضي يوما من أيام القدس المجيدة، يوما للحرية والسلام وتجسيدا للسيادة الوطنية، رغم انفلات دولة الاستعمار الإسرائيلية وقياداتها بقضها وقضيضها وبمستوييها السياسي والعسكري والأمني وقطعان مستعمريها من عقالهم لتمرير مسيرة رقصة الدم المغطاة بعلم الرواية المزورة والوجود اللا شرعي لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية والمشبعة بالعنصرية والفاشية ورائحة البارود. ومع ان دولة المحرقة الصهيونية اعادت احتلال العاصمة الفلسطينية الأبدية بالاف من جنودها وأجهزتها العسكرية والأمنية ، كما لم يحدث من قبل الا زمن احتلالها قبل خمسة وخمسين عاما في اعقاب هزيمة العرب في حزيران / يونيو 1967لبلوغ هدفها، الا انها تعرت تماما، كما تتعرى في كل جرائم حربها، وأثبتت للصهاينة المستعمرين جميعا وللعالم وفي مقدمته الولايات المتحدة، انها لا تملك الأرض ولا السيطرة عليها ولا على الشعب صاحب التاريخ والهوية والوجود الازلي فيها من بدء الخليقة ووجود اول انسان كنعاني عربي. لان البارود وجنود الموت والجريمة المنظمة لا يمنح سيادة لاحد، لا بل يفقدها شرعيتها، ووجودها، ويميط اللثام عن اكاذيبها واساطيرها وخزعبلاتها المفضوحة، التي لا تستقيم مع حقب التاريخ وهوية الشعب العربي الفلسطيني المتجذر في ارض وطنه الام.
سقطت دولة الموت الإسرائيلية، وتهاوت اكاذيبها اول امس، مع انها حشدت عشرات الاف من قطعان مستعمريها بسياج كثيف من الجنود والضباط والميليشيات الاستعمارية بمختلف مسمياتها، مما عكس الحقيقة الراسخة لهوية عاصمة فلسطين الأبدية، القدس العظيمة، التي كانت ومازالت بما تملكه من مكانة تاريخية وثقافية حضارية ودينية صانعة التاريخ القديم والحديث، والتي لفظت على مدار حقب التاريخ كل العابرين الغزاة، وتعمدت مع شعبها وارث مجدها، وصانع مستقبلها، وباني عظمتها على البقاء جسدا واحدا. الذي لم يبخل عليها يوما بالعطاء والدفاع عن ثراها، وتقديم كل قرابين الوفاء على مذبح تحررها وانعتاقها من الغزاة السابقين والجاثمين على أنفاسها منذ 55 عاما.
رفع الصهاينة اعلام هزيمتهم بقوة البارود والعسكر، ولكنهم خرجوا من العاصمة المحتلة كالفئران المذعورة، هاربين من حراس العاصمة وحوضها المقدس عموما ومسجدها الأقصى المبارك خصوصا، الذي لن يكون الا لاتباع الديانة الإسلامية دون سواهم، هربوا خشية من أطفال ونساء فلسطين الماجدات وشيوخ وشباب ارض الرباط، لانهم يدركون انهم لا يقوون على الدخول اليها الا تحت حراب وحماية جنود اسبارطة الصهيونية.
واختفى عن المشهد ذلك المدعو منصور عباس وكتلته وحركته الإسلامية الجنوبية المأجورين، لاذوا بالصمت، كأن القدس والمسجد الأقصى لا يعنيهم، وليس له علاقة بالمسلمين، وسقط مع بينت ولبيد وشاكيد وساعر وليبرمان والملك الفاسد نتنياهو وبن غفير وغليك وسموتيريتش وغوبشتاين وكل القتلة المجرمين. وانتصرت القدس على البارود والجنود القتلة، وعلى العنصرية والإرهاب والفاشية، انتصرت فلسطين وقيادتها وشعبها، وتكرست السيادة الوطنية، التي لا سيادة قبلها او بعدها على زهرة المدائن وعلى الأرض الفلسطينية العربية، حتى تحت نير الاستعمار الصهيوني.
وهناك ما بين الكلمات والسطور عناوين ودلالات سياسية وكفاحية وثقافية عديدة يستطيع المواطن استشرافها، وهناك دروس وعبر كثيرة كرستها الجماهير الفلسطينية العربية بمسيحييها ومسلميها ويهودها غير الصهاينة، الذين رفعوا العلم الفلسطيني دون سواه ليقولوا للعالم وللولايات المتحدة الأميركية، هنا القدس العاصمة الفلسطينية الأبدية، التي لا تكون الا عاصمة لفلسطين. كانت تسمى فلسطين، صارت تسمى فلسطين، وستبقى تسمى فلسطين العربية شامخة أبية رغم انف الفاشيين الصهاينة وحلفائهم في الغرب الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة ومن والاهم من عرب وعجم.