قراءة ذاتية متأنية في احداث 29/5/2022

بي دي ان |

30 مايو 2022 الساعة 05:02م

في صبيحة يوم الأحد الموافق  29/5/2022 كانت أنظار العالم وكافة وسائل الإعلام تتجه نحو القدس وغزة.
المستوطنون وقادة الاحتلال والشرطة المدججين بالأسلحة يعبثون فسادا في باحات المسجد الأقصى وفي أحياء المدينة المقدسة ويحاصرون ويقمعون وينكلون بأبناء شعبنا المرابط في باحات المسجد الاقصي، وعلي مرآى ومسمع من العالم أجمع عبر البث المباشر ووسائل الإعلام المختلفة.

 ورغم كافة مظاهر الاستفزاز والقمع الهمجي من قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين، إلا أن أهالي القدس والداخل المحتل والضفة الغربية سطروا كعادتهم  ملحمة بطولية من جديدة في تاريخهم النضالي المقاوم و تصديهم للمجموعات الاستيطانية الهمجية المحمية من شرطة وجيش دولة الإحتلال الغاصب ولعل رفع العلم الفلسطيني في سماء القدس وفوق المسجد الاقصي كان التحدي والانتصار علي همجية وإرهاب هذا المحتل المجرم وفي نفس الوقت ونفس السياق خرج بعض الإعلاميين والسياسين في دولة الإحتلال وبطريقة وقحة وغير معهودة بالتبجح والحديث عن إنتصار هذا الكيان الغاصب المحتل وبالقول لقد تجاوزنا كافة  الخطوط الحمر فماذا انتم فاعلون؟؟

موجهيين حديثهم للمقاومة في تحد واضح وسافر يعبر عن صلف وعنجهية هذا الكيان المجرم بكافة أركانه السياسية والأمنية والإعلامية.

وإعتقد هولاء الأغبياء أن ما قاموا بفعله في مدينة القدس ممكن أن يغير الصفة السياسية والدينية والإجتماعية والأخلاقية للمدينة المقدسة. التي لا يستطيع اي كيان غاصب أن يسلبها فلسطينيتها وعروبتها واسلاميتها.
 *فصورة تلك المرأة المناضلة بفارق سنها الزمني وذلك المناضل دليل اخر يضاف على تجذرنا بهذه الارض وحقنا التاريخي الموروث بالقدس مرورا بأطفالنا وشبابنا الثائر .

وقفة عز وشموخ واكبار وتحدي امام هذه العصابات التي تحتمي خلف سياج امني محكم من قوات الإحتلال توكد بما لا شك فيه أن شعبنا لا يمكن ان يفرط في ذرة تراب واحدة  من القدس  فهي عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة طال الزمن ام قصر وحتما سينتصر شعبنا في معركته التي هي معركة الشعب الفلسطيني في كل مكان.

وعودة إلى غزة المحاصرة التي كان ينتظرها الجميع ان ترد علي استفزازات المستوطنين وقوات الإحتلال بإطلاق الصواريخ علي المدن والبلدات الإسرائيلية كرد فعل طبيعي  ينتظره الجميع.*
 اعتقد أن الفصائل الفلسطينية وقيادة المقاومة قد فعلت الصواب في تفويت الفرصة علي المحتل الذي كان قد أعد العدة لمثل هذا السيناريو المحتمل حدوثه بنسبة عالية وكان علي أعلى درجات الإستنفار ونشر القبة الحديدية وفتح الملاجئ وأعلن حالة الطوارئ في المستشفيات ونقاط الإسعاف المختلفة.

ولعل المقاومة الفلسطينية قد رأت الأمور بشكل وحسابات تختلف عن حسابات المواطن العادي الذي يحكم علي الأمور بعواطف واندفاع غير محسوب النتائج .
وأعتقد جازما أن المقاومة قد أجادت إدارة الصراع بعقول مفتوحة ناضجة بعيدا عن لغة العواطف والمزايدات رغم إدراكي  لحالة الغضب والاحتقان الشديد لدي الشارع الفلسطيني لما رأوه  من مشاهد مستفزة  وممارسات ارهابية في مدينة القدس وباحات المسجد الاقصي سواء من قطعان المستوطنين المجرمين أو من قوات الإحتلال التي تمارس ارهاب الدولة المنظم تجاه أهلنا وشعبنا في القدس والضفة والداخل المحتل. 

 ولعل قيادت المقاومة  لم تغفل ضمن تقديراتها وحساباتها العديد من الاعتبارات ومنها الوضع الإقليمي والدولي وانشغال العالم في الحرب في أوكرانيا وما خلفته من أزمة في الطاقة والغذاء علي المستوي الدولي  إضافة الى حالة الضعف والوهن الشديد الذي تعاني منه المنطقة العربية وحالة الهرولة للتطبيع المجاني مع دولة الإحتلال.
 
ومن ناحية أخرى أعتقد أن قيادة المقاومة قد تعاملت وفق منهج علمي وعسكري واضح في اداره الصراع وأن المقاومة لن تقبل او تسمح للاحتلال بأن يحدد أو يفرض علينا توقيت المعركة وظروفها وأسبابها وأدواتها وهذا بالطبع لو تم يعطي الافضلية للاحتلال لجهوزيته واستعداداته خاصة أنه وعلي مدار شهر كامل يجري مناورات عسكرية تحت مسمي عربات النار. 

 ولعلي هنا أستطيع القول وبشكل واضح أن معركة شعبنا مع الإحتلال معركة مفتوحة لا علاقة ولا ارتباط لها بيوم محدد أو زمان معين أو مناسبة تذكر فنضالنا مستمر وغير مرتبط بأي أوضاع داخل دولة الإحتلال ولن يهدأ أو يستكين شعبنا إلا أن يتم كنس هذا الإحتلال المجرم عن أرضنا واقتلاع المستوطنين من مدننا وقرانا وتحرير أسرانا وعودة اللاجئيين.

اعتقد ان وحدة العمل في كافة الساحات الفلسطينية هو أهم ما يميز هذه المرحلة وما سيكون في مستقبل الأيام من عمل متواصل في كافة الساحات الفلسطينة. 
فإن تعزيز دور المقاومة الشعبية هو محور استراتيجي تبني عليه الفصائل الفلسطينية وقيادة المقاومة الآمال والعمل علي تعزيزه من خلال توفير الدعم المعنوي والإعلامي لهذه المقاومة. 
 وللتاكيد هذا لا ينفي حق شعبنا في إستخدام كافة الوسائل والأشكال في مقاومته وردعه لهذا الإحتلال المجرم.

 وهذا ما أكدته العمليات الفدائية الفردية التي نفذها الشهيد ضياء حمارشة والشهيد رعد حازم  تعادل معركة استخدمت فيها مئات الصواريخ ولكنها أوصلت الرسالة  وكانت جزء من معركة التحرير التي يجب ان يشارك فيها الشعب الفلسطيني بكل أطيافه  كل حسب امكانياته وقدراته وهي قادمة وسيكون شعبنا الفلسطيني في كل مكان علي قدر من المسئولية وسيعمل علي حماية المقاومة و الحفاظ عليها كذخر استراتيجي كما عملت المقاومة علي تفويت الفرصة علي المحتل وحمت شعبنا وأهلنا وحافظت علي مقدراتنا ولم تذهب بمغامرة غير محسوبة كردة فعل عاطفية سيكون لها تبعات و استحقاقات علي الصعيد الوطني والسياسي والإقتصادي والإجتماعي.
 
وهذا بالطبع لايعني أن يتم المرور علي ما حدث من إنتهاكات وإعتداءات وإستفزازات علي شعبنا ومقدساته مرور الكرام.
 علي العكس يتوجب علينا أن نحاسب هؤلاء المجرمين جميعا علي ما فعلوه وأن يكون الثمن يليق بالقدس والمقدسات وأهلنا في المدينة المقدسة وتضحياتهم لأن المعركة مفتوحة ويجب أن يعيش الإحتلال والمستوطنين حالة الرعب والخوف الدائم وأن يدركو ان لا أمن ولا استقرار لهم إلا بأمن وإستقرار شعبنا الذي يقاتل من أجل حريته وكرامته الوطنية وتقرير مصيره بنفسه  وحتى ينعم اطفالنا بالسلام والحرية في دولتنا  المستقلة وعاصمتها القدس و تحرير اسرانا من سجون الإحتلال و عودة اللاجئين إلى ديارهم.