"انتفاضة الحجر" .. والفاتورة المدفوعة!
بي دي ان |
09 ديسمبر 2020 الساعة 06:56ص

في ذكرى الانتفاضة الفلسطينية الثلاثة والثلاثون، التي انطلقت شرارتها في التاسع من سبتمبر 1987 والتي سبقها بيوم صدم شاحنة إسرائيلية عمدا لسيارتين فلسطينيتين كانتا تقلان عمالا من مخيم جباليا.
بداية من المهم جدا في هذه الذكرى الراسخة في ذاكرة الفلسطينين أن ندرك أولاً أن هذه الانتفاضة، بكل ما حملت من تفاصيل ثورية وطنية، لم تكن الفعل الثوري المقاوم الأول في تاريخ الشعب الفلسطيني، بل كانت محطة ضمن محطات طويلة في حياة شعبنا التي أثبت خلالها انتمائه الأصيل لأرضه وتجذره بها، ولن تكون الفعل الأخير بطبيعة الحال ما بقي احتلال على أرضنا ينهشها ويغتصبها.
وحين تعود بِنَا الذاكرة لتفاصيل انتفاضة الحجارة، والتي كانت من أبرز أدوات المقاومة في ذلك الوقت، نستذكر ليس فقط مئات الشهداء والاف الجرحى والمعتقلين والذين لربما منهم من بقيت إصابته محفورة في جسده حتى اللحظة، كي لا ينسى عدو غاشم، ومنهم مازال يقبع خلف قضبان السجن وقد حرم الحياة في سبيل وطنه، والذي لابد أن نقر أننا في لحظة فشل لملمتنا لوحدتنا قد ضربنا عرض الحائط بكل هذه التضحيات.
حبذا لو استرجعنا في هذه الأيام كيف كنّا كمجتمع فلسطيني متماسك جدا متحد في وجه عدو شرس، وأنا شخصيا كغيري ممن عاصروا انتفاضة الحجارة وشاركنا بها كطلبة مدارس، وشبيبة، كنا حين يطلق العدو الغاز المسيل للدموع تجاهنا، نجد كل البيوت فتحت لنختبئ بها ويحضرون لنا "البصل" و"العطور" في حالات الإغماء، وحين كان العدو يحاول اعتقال أو خطف الشباب، تجد كل النساء تتصدى له لتخلص الشاب من بين يدي جنود الاحتلال ولا يشترط ذلك أي سابق معرفة للشاب.
في تلك المرحلة، اعتاد عموم الناس زيارة أهل المعتقل لمواساتهم وكانوا يشاركونهم بكلمات فخر وعز، أما في منع التجوال، كان الناس يتبادلون الطعام والخضروات، كانوا يدعمون بعضهم ماديا ومعنويا، كان الخير كثير والمحبة سائدة، تعاضد وتآخي، كانت روح الثورة حاضرة مع الفعل الثوري، النسيج المجتمعي متكامل يليق بثورة شعب حر، وشعب يليق به الحرية، أكثر من ثلاثين عاما فصلت بين مرحلة وأخرى؛ بين ما نحب وما نبغض، بين ما الملامح والفعل الذي نريد، وفعل آخر فرض علينا ونحن لا نريد.
ما أسوأ الْيَوْمَ وما أجمل الأمس رغم كل الدماء الزكية التي سالت، وكل التضحيات والأثمان التي دفعت، فما أحوجنا الْيَوْمَ لفعل ثوري يحمل روح ونقاء الثورة والثوار، ما أحوجنا للتكاتف والتماسك الذي نفتقده بفعل الأنا وحب الذات وشهوة السلطة والمال، وتأليه الحزب تارة والحاكم تارة أخرى، لقد ذاب الكل في بوتقة الفرد، فاندثرت القيم والمبادئ، وفقدنا كرامتنا التي كنّا نستميت لأجلها، رغم وجود سقطات وأخطاء قد تصل للجرم في انتفاضة الحجارة، لكنها بالمجمل كانت مرحلة وطنية بامتياز، لها ما بعدها وأعادت القضية الفلسطينية على أولويات المجتمع الدولي، وأسست لمرحلة جديدة كان من الممكن أن تنقلنا لمرحلة قيام الدولة الفلسطينية خاصة بعد إعلان الرئيس أبو عمار ' إعلان استقلال دولة فلسطين في الجزائر الشقيق .
في هذه الذكرى، مطلوب منا جميعا تجديد الوفاء لأسرانا البواسل ولجرحانا ولدماء الشهداء، وأن نكون على قدر المسؤولية الوطنية والأخلاقية وأن نكف عن العبث بقضيتنا وشعبنا وكرامته وأن نلملم جراحنا ونستعيد وحدتنا، أو نترك المشهد والحمل لمن هم أقدر على حمله في سياقه الصحيح، ووفق مسار وطني محدد
بداية من المهم جدا في هذه الذكرى الراسخة في ذاكرة الفلسطينين أن ندرك أولاً أن هذه الانتفاضة، بكل ما حملت من تفاصيل ثورية وطنية، لم تكن الفعل الثوري المقاوم الأول في تاريخ الشعب الفلسطيني، بل كانت محطة ضمن محطات طويلة في حياة شعبنا التي أثبت خلالها انتمائه الأصيل لأرضه وتجذره بها، ولن تكون الفعل الأخير بطبيعة الحال ما بقي احتلال على أرضنا ينهشها ويغتصبها.
وحين تعود بِنَا الذاكرة لتفاصيل انتفاضة الحجارة، والتي كانت من أبرز أدوات المقاومة في ذلك الوقت، نستذكر ليس فقط مئات الشهداء والاف الجرحى والمعتقلين والذين لربما منهم من بقيت إصابته محفورة في جسده حتى اللحظة، كي لا ينسى عدو غاشم، ومنهم مازال يقبع خلف قضبان السجن وقد حرم الحياة في سبيل وطنه، والذي لابد أن نقر أننا في لحظة فشل لملمتنا لوحدتنا قد ضربنا عرض الحائط بكل هذه التضحيات.
حبذا لو استرجعنا في هذه الأيام كيف كنّا كمجتمع فلسطيني متماسك جدا متحد في وجه عدو شرس، وأنا شخصيا كغيري ممن عاصروا انتفاضة الحجارة وشاركنا بها كطلبة مدارس، وشبيبة، كنا حين يطلق العدو الغاز المسيل للدموع تجاهنا، نجد كل البيوت فتحت لنختبئ بها ويحضرون لنا "البصل" و"العطور" في حالات الإغماء، وحين كان العدو يحاول اعتقال أو خطف الشباب، تجد كل النساء تتصدى له لتخلص الشاب من بين يدي جنود الاحتلال ولا يشترط ذلك أي سابق معرفة للشاب.
في تلك المرحلة، اعتاد عموم الناس زيارة أهل المعتقل لمواساتهم وكانوا يشاركونهم بكلمات فخر وعز، أما في منع التجوال، كان الناس يتبادلون الطعام والخضروات، كانوا يدعمون بعضهم ماديا ومعنويا، كان الخير كثير والمحبة سائدة، تعاضد وتآخي، كانت روح الثورة حاضرة مع الفعل الثوري، النسيج المجتمعي متكامل يليق بثورة شعب حر، وشعب يليق به الحرية، أكثر من ثلاثين عاما فصلت بين مرحلة وأخرى؛ بين ما نحب وما نبغض، بين ما الملامح والفعل الذي نريد، وفعل آخر فرض علينا ونحن لا نريد.
ما أسوأ الْيَوْمَ وما أجمل الأمس رغم كل الدماء الزكية التي سالت، وكل التضحيات والأثمان التي دفعت، فما أحوجنا الْيَوْمَ لفعل ثوري يحمل روح ونقاء الثورة والثوار، ما أحوجنا للتكاتف والتماسك الذي نفتقده بفعل الأنا وحب الذات وشهوة السلطة والمال، وتأليه الحزب تارة والحاكم تارة أخرى، لقد ذاب الكل في بوتقة الفرد، فاندثرت القيم والمبادئ، وفقدنا كرامتنا التي كنّا نستميت لأجلها، رغم وجود سقطات وأخطاء قد تصل للجرم في انتفاضة الحجارة، لكنها بالمجمل كانت مرحلة وطنية بامتياز، لها ما بعدها وأعادت القضية الفلسطينية على أولويات المجتمع الدولي، وأسست لمرحلة جديدة كان من الممكن أن تنقلنا لمرحلة قيام الدولة الفلسطينية خاصة بعد إعلان الرئيس أبو عمار ' إعلان استقلال دولة فلسطين في الجزائر الشقيق .
في هذه الذكرى، مطلوب منا جميعا تجديد الوفاء لأسرانا البواسل ولجرحانا ولدماء الشهداء، وأن نكون على قدر المسؤولية الوطنية والأخلاقية وأن نكف عن العبث بقضيتنا وشعبنا وكرامته وأن نلملم جراحنا ونستعيد وحدتنا، أو نترك المشهد والحمل لمن هم أقدر على حمله في سياقه الصحيح، ووفق مسار وطني محدد