الإسرائيليون والتحريض على القتل

بي دي ان |

10 مايو 2022 الساعة 12:04ص

التحريض الفكري والعقائدي السياسي والاجتماعي والثقافي الإعلامي أداة من ادوات الصراع، وهو جزء لا يتجزأ من أساليب المواجهة بين الشخصيات والقوى السياسية والحزبية والثقافية والدينية المتنافسة داخل حدود الوطن والدولة الواحدة، وهو ركن أساسي من الفعل السياسي بين الدول والاقطاب والتحالفات المتصارعة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ويزداد ويتعمق دوره بين المستعمرين والشعوب الواقعة تحت نير الاستعمار، ويطال كل مناحي الحياة.
وتتعاظم أهمية التعبئة والتحريض مع تعاظم الصراع بين القوى المتناقضة. وللتحريض بعدين داخلي وخارجي، الأول ينحصر في الجبهة الداخلية او الذات الفردية او الجمعية، الذي يستهدف تصليب وتحصين العامل الذاتي، وابعاد وإزالة نقاط الضعف والترهل الداخلي. والثاني متركزا على البعد الخارجي ضد القوى المنافسة او المعادية. وتستخدم القوى ادواتها ومنابرها واسلحتها الإعلامية والسياسية والديبلوماسية والثقافية والدينية في مواجهة الاخر.
المدخل السريع حول خاصية أهمية التحريض بشكل عام، لا يستهدف التوقف امام كل مظاهر التحريض الإسرائيلية بعمق، ووفق المعايير البحثية، وانما في عجالة متوافقة مع سمة المقالة، والتي جاءت في اعقاب عملية التحريض على قتل قائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار في اعقاب عملية العاد الفدائية يوم الخميس الماضي، التي نتج عنها قتل ثلاثة إسرائيليين واصابة أربعة بجراح خطرة، حيث انبرت المنابر الإعلامية والسياسية والأمنية والدينية الصهيونية في اشهار سلاح التحريض بشكل مجنون ومهووس في الدعوة للمؤسسة الأمنية لاغتيال قيادات فلسطينية من بينها حاكم غزة الحمساوي، باعتباره المسؤول عما نفذه بطلا عملية "العاد" اسعد الرفاعي وصبحي صبيحات، اللذين تم اعتقالهما اول امس الاحد الموافق 8 أيار الحالي بعد ثلاثة أيام من البحث.
ومما لا شك فيه، ان خطاب السنوار حمل في ثناياه تحريضا للدفاع عن القدس والاقصى والحقوق الفلسطينية. ولكن الإسرائيليون القتلة تجاهلوا، واغمضوا عيونهم وعقولهم عن كل جرائم حربهم، واستعمارهم، ونكبتهم للشعب العربي الفلسطيني، واقتحاماتهم لاماكن العبادة الإسلامية والمسيحية، وخاصة المسجد الأقصى المبارك، وعمليات القتل الميداني، وهدم البيوت، ومصادرة وتهويد الأراضي وإعلان العطاءات الاستيطانية الاستعمارية في كل الأرض الفلسطينية وخاصة في القدس العاصمة والنقب، واسقطوا من صراخهم وتحريضهم الاجرامي اجتياحاتهم وحروبهم، وقوانين التطهير العرقي العنصرية، واستهدافهم نفي الرواية الوطنية، والاعتقال الذي طال ما يقارب المليون مواطن فلسطيني حتى الان، وركزوا على خطاب السنوار السبت الماضي نهاية ابريل الماضي عشية عيد الفطر السعيد، باعتباره هو الأساس. وهذا يكشف عجزهم وافلاسهم الفكري والعقائدي والسياسي والثقافي والأمني، ويعري خواءهم وفقر اداوتهم التحريضية الغبية او المتغابية عن ادراك الحقيقة، او الإصرار على تغطية الشمس بغربال ممزق اكثر مما هو مخروم، والتفافهم، كما هي عادتهم على حقائق وسيرورة وصيرورة الصراع التناحري بينهم وبين الشعب العربي الفلسطيني وحركته التحررية، ونخبه السياسية والثقافية والاقتصادية والدينية ومع المشروع القومي العربي النهضوي.
وماذا لو فرضا اغتالوا السنوار، كما اغتالوا المئات والاف من قادة وكوادر ومناضلي الثورة الفلسطينية، هل سيتوقف الصراع، وتتوقف المقاومة الفلسطينية عن مواصلة الدفاع عن حقوق ومصالح وثوابت الشعب الوطنية؟ وهل المطلوب من القوى والفصائل والأحزاب والنخب الفلسطينية ان ترفع الراية البيضاء امام جرائم ووحشية وهمجية ونازية إسرائيل الاستعمارية؟ وهل المطلوب من كل القيادات يتلاوينها المختلفة ان تصمت، وان تقول "سمعا" و"طاعة" للمستعمر الإرهابي الصهيوني المجرم المغتصب للأرض والحقوق والمصالح الوطنية؟ اية شرائع وقوانين ومعايير إنسانية وسياسية وثقافية تقبل بذلك؟ الم يجرب القادة الصهاينة على مدار ما يزيد عن القرن الشعب العربي الفلسطيني وكفاحه؟ هل تناسوا الثورات المتعاقبة للشعب الفلسطيني من عشرينيات القرن الماضي حتى يوم الدنيا هذا؟ هل استسلم قائد فلسطيني وطني واحد؟ هل باع قائد فلسطيني ارادته وخياره الوطني مقابل أي ثمن مهما علا شأنه؟ هل تخلى أي من الفصائل والحركات السياسية الفلسطينية (باستثناء أدوات إسرائيل وأميركا، الذين انتهوا كما روابط القرى وغيرهم من العملاء، الذين سيكون مصيرهم مزبلة التاريخ) عن الرواية الوطنية، وعن الحق الوطني الكامل في ارض الوطن الفلسطيني؟
المضحك المبكي ان قادة دولة الإرهاب المنظم الصهيونية يعرفون الحقائق، ويتجاهلونها، ويعلمون علم اليقين، ان استعمارهم كان وسيبقى عنوان التحريض الأول، وعنوان الإرهاب الأول، واس الروافع للمقاومة الوطنية بمختلف تجلياتها، وسيبقى القادة والنخب ورواد الفكر والثقافة والاعلام والاقتصاد والشعب متمسكون بروايتهم، وبحقهم الطبيعي والتاريخي والقانوني المشروع في الدفاع عن حقهم في الاستقلال السياسي الناجز على ارض وطنهم الام فلسطين، وضمان حق العودة للاجئين على أساس الحقوق كلها بما فيها القرار الدولي 194، ولن يتنازلوا قيد انملة عن حقوقهم وثوابتهم الوطنية والقومية في ارض الإباء والاجداد مهما طال امد الصراع، ومها كانت التضحيات. فاما النصر، واما النصر، ولا خيار الا النصر المؤزر وتحقيق الأهداف الوطنية كاملة غير منقوصة.
[email protected]
[email protected]